أثار تصريح الرئيس الأمريكي السابق ومرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات القادمة، دونالد ترامب، في مؤتمره الانتخابي الذي قال فيه إن "مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخارطة، ولطالما فكّرت كيف يمكن توسيعها"، جدلا واسعا حول سياسة الرئيس السابق تجاه ما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ويأتي بعد التصريحات السابقة التي أدلت بها المليارديرة الإسرائيلية الأمريكية ميريام أديلسون، المعروفة بتوجهاتها اليمينية المتطرفة، والتي حدثت فيها ترامب بالالتزام مسبقًا بدعم ضم الضفة الغربية إلى الاحتلال الإسرائيلي مقابل تمويلها لحملته الانتخابية.
وفقًا لصحيفة هآرتس العبرية، اشترطت أديلسون، المقيمة في هرتسليا شمال تل أبيب، على ترامب دعم ضم الضفة الغربية وفرض "السيادة الإسرائيلية" على مساحات كبيرة من الأراضي المحتلة منذ عام 1967، مع رفض وجود السلطة الفلسطينية وأي حديث عن تسويات سياسية للصراع.
في المقابل، أكدت أديلسون استعدادها لتمويل حملة ترامب بمبلغ أكبر مما قدمه زوجها الراحل شيلدون أديلسون، أحد أكبر المتبرعين لدولة الاحتلال.
وكانت الصحيفة قد أشارت إلى أن ترامب دعا أديلسون في آذار/ مارس الماضي إلى منتجعه "مار ألاجو"؛ لإقناعها بالتبرع لحملته، وأنهما أجريا عدة اتصالات منذ ذلك الحين.
من تكون ميريام أديلسون؟
هي أرملة الملياردير الأمريكي شيلدون أديلسون، طبيبة وسيدة أعمال تحمل الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية، وقد تولت منصب الرئيس التنفيذي لشركة "لاس فيغاس ساندز" بعد وفاة زوجها.
حصلت على المركز الخامس لأغنى السيدات في الولايات المتحدة، وفقاً لقائمة "فوربس" لعام 2024، وتعد أغنى أغنياء إسرائيل بثروة قدرها 29.7 مليار دولار.
دعمت هي وزوجها حملة دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية عام 2016، وساندا أيضاً في التحقيق الذي قام به المحقق روبرت مولر، الذي تناول ما قيل إنه تدخل روسي في الانتخابات. كما دعما حملته في الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
ولدت ميريام في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 1945 في تل أبيب، ونشأت في حيفا. كان والداها قد هربا من بولندا في الثلاثينيات، وهما على التوالي منوتشا زاميلسون وسمحا فاربشتاين.
وتقول ميريام أديلسون إن والدتها نجت من المحرقة، بينما فقدت عائلتها بالكامل، وكذلك عائلة زوجها. وكان لميريام أخ يكبرها بسنتين وآخر أصغر منها بثماني سنوات، وكان والدها عضواً في حزب "مابام" اليساري وقريباً من قيادته.
وفي خمسينيات القرن العشرين، انتقلت العائلة إلى حيفا، حيث كان والدها يمتلك قاعتي سينما ويدير قاعات أخرى. وحققت دور السينما الخاصة نجاحاً في البداية، لكن هذا النجاح تراجع تدريجياً مع انخفاض اهتمام الجمهور بالسينما.
وتعرفت ميريام على زوجها الأول، الطبيب آرييل أوكسهورن، وأنجبت منه طفلتين: ياسمين، المولودة عام 1972، التي درست القانون وإدارة الأعمال في جامعة تل أبيب، وسيفان، المولودة عام 1975، التي درست الفيزياء الفلكية وإدارة الأعمال في الولايات المتحدة. انفصلت ميريام عن زوجها الأول عام 1980.
وفي أواخر الثمانينيات، التقت بشيلدون أديلسون، الملياردير المستثمر في الكازينوهات، وأقاما حفلين زفاف: أحدهما في الولايات المتحدة والآخر في القدس عام 1991، وأنجبا ولدين هما آدم وماتان. بقيت ميريام مع زوجها، الذي كان يصغرها بـ12 عاماً، حتى وفاته عام 2021.
خدمت بجيش الاحتلال
انتسبت ميريام لمدرسة "ريالي" في حيفا لمدة 12 عاماً، ثم خدمت عامين في الجيش الإسرائيلي في نيس زيونا برتبة ضابط طبي. بعد ذلك، حصلت على درجة بكالوريوس العلوم في علم الأحياء الدقيقة وعلم الوراثة من الجامعة العبرية في القدس، وعملت في قسم الأبحاث البيولوجية.
وحصلت على شهادة الطب من كلية ساكلر للطب في جامعة تل أبيب، وأصبحت رئيسة قسم الأطباء الباطنيين في مستشفى روكاش في المدينة ذاتها. خلال تلك الفترة، تعرفت على زوجها الأول، الطبيب آرييل أوكسهورن.
بعد طلاقها، تولت منصب طبيبة في جامعة روكفلر في نيويورك عام 1986، حيث تخصصت في معالجة إدمان المخدرات.
وفي عام 1993، أسست مركزاً لعلاج الإدمان وعيادة أبحاث في مركز سوراسكي الطبي في تل أبيب. ثم في عام 2000، افتتحت مع زوجها عيادة في لاس فيغاس. كما حصلت ميريام على درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة تل أبيب عام 2007.
ومن الصعب الحديث عن ميريام دون الإشارة إلى زوجها الراحل، الملياردير الذي دفعته إلى الانخراط في العديد من القضايا اليهودية والخيرية والطبية والتعليمية، وساعدته في تطوير وإدارة أعماله.
واستطاعت ميريام التأثير بشكل كبير على مواقف زوجها، وجعلته داعماً قوياً للاحتلال الإسرائيلي، ما أكسبه علاقات واسعة مع النخبة السياسية والاقتصادية الإسرائيلية.
متبرعة سخية للاحتلال
تبرعت مؤسسة عائلة أديلسون بمبلغ 200 مليون دولار لمنظمة تاغليت-بيرثرايت إسرائيل، التي تهدف إلى جذب الشباب اليهود إلى إسرائيل، و50 مليون دولار لمؤسسة "ياد فاشيم" في القدس، التي تهدف إلى الحفاظ على ذكرى المحرقة وإحيائها.
بسبب هذا الاهتمام، سُمِّي متحف فن المحرقة باسم والدي ميريام؛ تكريماً لذكرى أفراد عائلتهما الذين لقوا حتفهم في المحرقة. ويهدف هذا التبرع الكبير، الذي يُعتبر الأكبر على الإطلاق من قبل فرد، إلى دعم الأنشطة المستمرة للمؤسسة.
وتبرعت العائلة أيضاً بملايين الدولارات لحرم أديلسون التعليمي في لاس فيغاس.
أما على صعيد النفوذ الإعلامي٬ وبعد محاولة فاشلة لشراء صحيفة "معاريف" عام 2007، أسست العائلة صحيفة يومية مجانية تحت اسم "إسرائيل اليوم"، التي تعد أكبر صحيفة محلية وتدعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشكل قوي.
كما كانت عائلة أديلسون من أكبر المانحين للحزب الجمهوري الأمريكي، حيث دعمت حملات عدة مرشحين مثل جورج بوش الابن، وجون ماكين، ورودولف جولياني، ودونالد ترامب، وارتبطت بعلاقات وثيقة معهم.
ساهمت ميريام بمبلغ 46 مليون دولار، وساهم زوجها بـ50 مليون دولار، ذهب معظمها للجان الجمهورية ولجان العمل السياسي الكبرى.
وخلال فترة رئاسة ترامب، كان ميريام وزوجها من أكبر المانحين لدعمه، وقدموا أكبر تبرع لحملته الرئاسية عام 2016. وقد اعتبر بعض المراقبين أن هذا الدعم المالي ساهم في اعتراف ترامب بـ"سيادة إسرائيل" على مرتفعات الجولان، التي احتلتها إسرائيل من سوريا في حرب الأيام الستة عام 1967.
وبفضل هذا الدعم والنفوذ، حصلت ميريام على وسام الحرية من ترامب عام 2018، وورد أنه بعد عامين، أنفقت العائلة 172 مليون دولار لدعم مبادرات الحزب الجمهوري.