حكومة الاحتلال الإسرائيلي نجحت في التأثير على الحكومة اليونانية والتي بدورها قامت بمنع إبحار سفن أسطول الحرية الثاني من موانئها وصادرت الأوراق الثبوتية للسفن المشاركة، هذا النجاح ليس نابعاً من قوة الدبلوماسية الإسرائيلية التي أثرت على القرار اليوناني؛ ولكنه نابع أولا من ضعف الحكومة اليونانية السياسي إضافة إلى الحالة الاقتصادية المتردية لدى اليونان وارتباطاتها الاقتصادية مع الاحتلال. اليونان الدولة الأضعف في أوروبا والتي لا تملك إرادة سياسية تجاه القضية الفلسطينية، فهي لا تستطيع الصمود أمام التهديدات الإسرائيلية والأمريكية والأوروبية في ظل الانهيار الاقتصادي الذي وصل إلى حد الإفلاس فهي بأمس الحاجة إلى المعونات الأمريكية الأوروبية لذلك لا يمكن لها أن تسمح للأسطول بالإبحار من أراضيها، وستكون رهن أدنى الضغوطات من قبل أمريكا، وهذه الاستجابة السريعة للطلب الإسرائيلي هي نتيجة هذه الابتزازات. (إسرائيل) تربطها باليونان اتفاقيات تجارية، هذه الاتفاقيات معرضة للإلغاء إذا لم تستجب اليونان للطلب الإسرائيلي، والوضع الاقتصادي في اليونان لا يسمح لها بإلغاء هذه الاتفاقيات الأمر الذي يهدد الاقتصاد، والذي بدوره قد يؤدي إلى انهيار الحكومة اليونانية لذلك كانت هذه الاستجابة. الأهم من كل ذلك هو أن اليونان دولة أوروبية، والموقف الأوروبي هو الانحياز إلى (إسرائيل) ، وأوروبا ومنها اليونان ترى أن الاحتلال محق في ما يقوم به من حصار على قطاع غزة وترى في الحصار أمراً مشرعاً لا يخالف القانون الدولي لأنه يخدم مصالح إسرائيل، لذلك الموقف اليونان هو موقف مؤيد ومساند للموقف الإسرائيلي ولا غرابة أن تقدم اليونان على ما أقدمت عليه. منع اليونان لا يعني نهاية المطاف لأسطول الحرية الثاني، بل من الواضح أن هناك إرادة لدى المنظمين لهذا الأسطول في المضي قدما نحو الإبحار نحو قطاع غزة رغم دموية التهديدات الإسرائيلية ورغم محاولات أمريكا وغيرها من الدول المساندة والمؤيدة (لإسرائيل) في عرقلة ومنع هذا الأسطول من الوصول إلى قطاع غزة حتى يتم كسر الحصار عن القطاع، ونعتقد أن المتضامنين سيجدون ما يمكنهم من الإبحار ومحاولة الوصول إلى قطاع غزة. ولكن؛ لماذا هذا اللوم على اليونان وهي الدولة الأوروبية المساندة (لإسرائيل) والمؤيدة لمواقفها، حتى لو كانت على حساب الحقوق الفلسطينية؟، وهناك قرار عربي متخذ على مستوى الجامعة العربية قبل نحو أربع سنوات لكسر الحصار عن قطاع غزة، ماذا فعلت هذه الدول منذ ذلك القرار وحتى اليوم؟، الحقيقة أنها لم تفعل ما يمكن أن يساعد على كسر الحصار بل شارك البعض منها في هذا الحصار، ولا تزال هذه الدول تمنع فتح معبر رفح الذي يشكل أول معول في هدم الحصار، والذي استبشرنا خيراً بالثورة المصرية بأن تتمكن من فتح المعبر؛ ولكن مع الأسف لا تزال هذه الثورة تحبو ولا تقدر في كثير من الأماكن أن تحقق أهدافها. نتمنى أن تكتمل العافية للثورة المصرية، لأن هذه العافية هي القادرة على تحقيق أهداف الثورة والتي من أهدافها رفع الحصار عن قطاع غزة، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، الأمر الذي سيوفر علينا جهدا كبيرا وسيجنب المتضامنين مع قطاع غزة الإرهاب الصهيوني وإرهاب الدولة الممارس من خلال القرصنة والقتل والإرهاب الذي تقوم به قوات الاحتلال لمنع أي محاولة لكسر الحصار عبر البحر. نتمنى على المتضامنين في أسطول الحرية الثاني المضي قدماً، وأن لا تتوقف إرادتهم عند المنع اليوناني أو عند التهديدات الإسرائيلية، بل الأهداف النبيلة بحاجة إلى إرادة قوية وتحدي كل الصعوبات ونعتقد أن هذا بات متوفراً لدى المتضامنين ولن ترهبهم هذه الإجراءات ولا تلك التهديدات وسيحاولون الوصل إلى قطاع غزة، وهذا بحد ذاته يشكل نجاحاً وتحدياً حتى لو لم يكتب لهم النجاح في الوصول.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.