20.57°القدس
20.33°رام الله
19.42°الخليل
22.04°غزة
20.57° القدس
رام الله20.33°
الخليل19.42°
غزة22.04°
الأربعاء 14 مايو 2025
4.74جنيه إسترليني
5.02دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.98يورو
3.56دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.74
دينار أردني5.02
جنيه مصري0.07
يورو3.98
دولار أمريكي3.56

صحيفة: ترامب يتقن فن التراجع.. ماذا كشف اتفاقه المؤقت مع الصين؟

نشرت صحيفة "إل باييس" الإسبانية تقريرًا يسلّط الضوء على ميل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاستخدام مفردات مبالغ فيها لوصف إنجازاته، وذلك في سياق الاتفاق التجاري المؤقت الذي تم التوصل إليه مؤخرًا مع الصين، مؤكدة أن هذا الاتفاق كشف ارتباك سياسته التجارية.

وقالت الصحيفة، إن بعض الكلمات تتكرر كثيرًا في مفردات ترامب إلى درجة تفقد معها معناها، ومن أبرزها كلمة "تاريخي"؛ حيث استخدمتها إدارته مجددًا يوم الاثنين الماضي لوصف الاتفاق الذي أُبرم في عطلة نهاية الأسبوع بسويسرا بين الولايات المتحدة والصين، والذي يقضي بهدنة تمتد 90 يومًا في الحرب التجارية بين القوتين، بناءً على مبادرة من ترامب.

وبيّنت الصحيفة أن الاتفاق، بلا شك، يحمل أهمية معينة: فهو يمنح الشركات والمستهلكين متنفسًا في علاقة تجارية بلغ حجمها 660 مليار دولار العام الماضي؛ حيث ستستأنف السفن الصينية الإبحار نحو ميناء لوس أنجلوس، وسيعود المستهلك الأمريكي لشراء المنتجات الآسيوية الرخيصة، في حين شهدت الأسواق المالية ارتفاعًا ملحوظًا مع انقشاع أجواء التوتر. لكن هل يرقى هذا الاتفاق فعلًا ليكون "تاريخيًا".

وأوضحت أن هذا الوصف يبدو مبالغًا فيه، خاصة أن الاتفاق يعالج أزمة كان ترامب نفسه من أشعل فتيلها قبل ستة أسابيع، حين أعلن، في الثاني من أبريل/نيسان، فرض رسوم جمركية أحادية الجانب على عشرات الشركاء التجاريين في حدث تلفزيوني من حديقة البيت الأبيض. وشملت تلك الرسوم تعريفة بنسبة 34 بالمئة على معظم المنتجات الصينية، إضافة إلى نسبة 20 بالمئة كانت مفروضة سابقًا، بهدف الضغط على ثلاث دول—الصين والمكسيك وكندا—بذريعة وقف تهريب الفنتانيل، وهو أفيون قوي مسؤول عن نحو 75 بالمئة من الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة في الولايات المتحدة.

وأشارت الصحيفة إلى أن وتيرة الرسوم تصاعدت في الأسبوع التالي في سياق مواجهة متصاعدة بين واشنطن وبكين، حتى بلغت 145 بالمئة على المنتجات الصينية، التي ردّت بدورها بفرض رسوم بنسبة 125 بالمئة على الواردات الأمريكية. بعد محادثات جنيف، تم تخفيض الرسوم الأمريكية على الصين إلى 30 بالمئة، تشمل 10 بالمئة تعريفة عامة و20 بالمئة خاصة بالفنتانيل، بينما احتفظت قطاعات مثل الصلب والألمنيوم والسيارات بتعريفة قدرها 25 بالمئة على جميع الدول، كما أكد ترامب في مؤتمر صحفي.

وبيّنت أن الإيرادات التي كان ترامب يطمح لجمعها من هذه الرسوم — وهي كلمة أخرى تتكرر كثيرًا في خطابه، يصفها بـ"أجمل كلمة في القاموس" — ستضطر للانتظار. ففي 9 أبريل / نيسان، خفّض ترامب ما سمّاه برسوم "مقابلة"، رغم أنها لا تنطبق على هذا التوصيف بدقة، ليُبقي فقط على التعريفة الأساسية بنسبة 10 بالمئة. كما منح باقي الدول مهلة 90 يومًا للتوصل إلى اتفاقات تجارية جديدة. آنذاك، تنبأ ترامب بأن الاتفاقات ستُبرم سريعًا، لأن تلك الدول كانت، حسب تعبيره الحرفي، "تتوسل لإرضائه... لتقبيل مؤخرته".

وقالت الصحيفة إن تراجع ترامب عن تهديداته جاء تحت ضغط الأسواق، وتداعيات سياساته المتشددة على الدين العام والدولار، فضلًا عن انتقادات داخل حزبه الجمهوري ومناشدات رجال الأعمال والمستثمرين. وحينها، دافع ترامب ومؤيدوه عن التراجع باعتباره جزءًا من إستراتيجية مدروسة، وليست خطوة ندم. وقدّم ترامب هذا التحوّل باعتباره دليلًا على "موهبته في التفاوض"، وهو ما وصفه سابقًا بـ"فن التفاوض"، العنوان ذاته الذي اختاره لأول كتبه.

وقالت الصحيفة بالنظر إلى ما يجري على الساحة الاقتصادية في فترته الرئاسية الثانية، يبدو من المغري الاعتقاد بأن هذا "الفن في التفاوض" ما هو في الواقع إلا "فن التراجع".

توقعات منخفضة

وأفادت الصحيفة بأن من أصل مهلة التسعين يومًا التي منحها ترامب للتوصل إلى اتفاقات تجارية، انقضى 33 يومًا دون نتائج تُذكر، باستثناء اتفاق جزئي مع المملكة المتحدة أُعلن عنه خلال مؤتمر صحفي مشترك مع كير ستارمر، وقد وصفه ترامب مرة أخرى بـ"التاريخي"، بل وذهب إلى حد مقارنته بإعلان تشرشل لانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.

وكشفت الصحيفة عن كيف كان الفريق الاقتصادي لترامب يسابق الزمن لتحقيق أي إنجاز يُعرض كاختراق، في ظل مفاوضات لم تكتمل بعد مع كل من الهند واليابان وكوريا الجنوبية. وفي الوقت ذاته، جرى تصوير لقاء جنيف مع الصين على أنه مبادرة من بكين، وهو ما نفته الحكومة الصينية رسميًا. وبحسب وسائل إعلام أمريكية، كان ترامب يرغب في إبرام اتفاق يرافقه خلال أولى جولاته الخارجية في ولايته الثانية، والتي شملت السعودية وقطر والإمارات.

وأوضحت أن ترامب نشر عشية اللقاء، عبر منصته "تروث"، اقتراحًا بخفض الرسوم الجمركية، في خطوة وصفها التقرير بأنها "مناورة مألوفة" تهدف إلى خفض سقف التوقعات قبيل التفاوض. ومع ذلك، فإن ما تم تحقيقه حتى الآن لا يتجاوز تأجيلًا جديدًا صُوّر على أنه إنجاز كبير. ولا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت هذه الهدنة ستمهد لاتفاق فعلي، أو ما إذا كان لقاء جنيف سيحقق ما وعد به ترامب من "فتح كامل للسوق الصيني" وخفض أسعار الأدوية.

وقالت إن المحللين أبدوا تشككًا أكبر بكثير من الرئيس ترامب، إذ أجمعوا على أن الصين خرجت من اجتماع سويسرا بأفضل النتائج، بينما تبدو المكاسب الأمريكية محدودة، ولا تتعدى معالجة أزمة كان ترامب نفسه قد تسبب بها. ووفقًا لرايان سويت، كبير الاقتصاديين في "أكسفورد إيكونوميكس"، فإن الاتفاق لم يبدد حالة عدم اليقين التي خلقتها الرسوم الجمركية، كما أنه من غير الواضح كيف تعتزم الإدارة التفاوض مع عشرات الدول خلال فترة قصيرة كهذه.

وفي ختام التقرير، أشارت الصحيفة إلى بروز سكوت بيسنت، رئيس الوفد الأمريكي في جنيف، كأحد أقرب الشخصيات إلى ترامب في الملف التجاري، متفوقًا على شخصيات أكثر تشددًا مثل بيتر نافارو وهاوارد لوتنيك. وإذا نجح بيسنت، المعروف بنهجه الأكثر اعتدالًا، في إخراج واشنطن من مأزق الحرب التجارية التي أطلقتها بنفسها، فقد يجد ترامب نفسه مضطرًا لاختراع مفردة جديدة، إذ إن وصف "تاريخي" لن يكون كافيًا هذه المرة.

المصدر: فلسطين الآن