تظاهر آلاف الأشخاص، أمس الثلاثاء، في العاصمة الفرنسية باريس، استجابة لدعوة عدد من المنظمات الحقوقية والإنسانية، للتنديد بالمجازر الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة، واحتجاجًا على ما وصفوه بـ"تخاذل الحكومات الغربية" في مواجهة ما يجري على الأرض٬ في مشهد لافت حمل دلالات سياسية وإنسانية قوية.
وشكّل المحتجون "خطاً أحمر بشرياً كبيراً" في ساحة الجمهورية شرقي باريس، مرتدين ملابس حمراء في إشارة رمزية إلى الدماء المسفوكة في القطاع المحاصر منذ سنوات، والذي يتعرض منذ أكثر من عام ونصف لعدوان الاحتلال الإسرائيلي واسع النطاق أودى بحياة عشرات الآلاف من المدنيين.
ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية وهتفوا بصوت موحّد: "كلنا أطفال غزة"، في رسالة تضامن مع الضحايا، لا سيما الأطفال الذين يشكلون نحو نصف عدد سكان القطاع، والذين يدفعون الثمن الأكبر في هذه الحرب.
"الإبادة مستمرة.. والحكومات صامتة"
التحرك الذي دعت إليه منظمات من أبرزها "منظمة العفو الدولية – فرع فرنسا"، و"أطباء العالم"، و"أوكسفام فرنسا"، و"جمعية التضامن بين فرنسا وفلسطين"، جاء ليعبّر عما وصفه المنظمون بـ"رفض الصمت الدولي أمام العنف والتدمير المستمر بحق الشعب الفلسطيني".
وقال الناشط المدني ستانلي مانتور (25 عامًا) من بين المشاركين: "الفكرة من الخط الأحمر البشري هي دق ناقوس الخطر بشأن الإبادة الجماعية في فلسطين، بعدما أطلقت منظمات حقوقية وإنسانية عديدة هذا الإنذار، دون أن يجد استجابة من حكوماتنا. ما نقوم به اليوم هو تعبئة مدنية ضد التجاهل الرسمي".
لا رايات حزبية.. فقط فلسطين
وأوصى المنظمون المشاركين بعدم رفع رايات أو شعارات حزبية، بهدف الحفاظ على رمزية الحدث الطاغية، إلا أن العديد من المتظاهرين رفعوا الأعلام الفلسطينية، وسط هتافات مناهضة للاحتلال الإسرائيلي ومطالبة بوقف الحرب ورفع الحصار عن القطاع.
وجاء في بيان صادر عن المنظمات المنظمة: "يبدو أن العنف والتدمير بحق الشعب الفلسطيني لا نهاية لهما. هناك تقاعس قاتل من قبل حكوماتنا يجب أن يتوقف. كل الخطوط الحمراء تم تجاوزها في غزة، ويجب التحرك فورًا".
وفي تعليق لافت، قال رئيس منظمة "أطباء العالم"، جان-فرنسوا كورتي، إنّ وقف إطلاق النار مرحب به إذا كان يسمح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكنه شدد على أن المطلوب هو: "وقف كامل للحرب، وانخراط جاد من المجتمع الدولي، لا مجرد عروض إعلامية كما نشهد اليوم".
غزة تحت النار.. والحصيلة تتصاعد
يأتي هذا التحرك الشعبي في فرنسا بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. خلّفت أكثر من 57 ألف و575 شهيدًا فلسطينيًا، غالبيتهم من المدنيين، بحسب إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، وهي أرقام تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة. كما أسفرت الحرب عن دمار هائل في البنية التحتية، ونزوح أكثر من 85% من سكان القطاع.
في موازاة التظاهرات، بدأت جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي في العاصمة القطرية الدوحة، بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية، بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ومن المتوقع أن يناقش الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تطورات الملف مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وصل واشنطن في زيارة رسمية، وسط مؤشرات متباينة حول إمكانية تحقيق اختراق فعلي.