على غير المتوقع، وبرد دبلوماسي سياسي عالي الدقة، ردت حركة حماس على مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف حرب غزة، ما دفع الأخير للرد خلال أقل من ساعة على بيان الحركة.
الأولوية لوقف الحرب
أعلنت حماس موافقتها على مقترح ترامب في جزئين فقط، إطلاق سراح الأسرى ضمن صفقة تبادل وتسليم إدارة غزة لحكومة تكنوقراط فلسطينية.
وسبق أن وافقت حماس على هاتين النقطتين في جميع مراحل التفاوض، بمعنى أن لا جديد في موقف حماس من الخطة، بل حتى النقطتين جعلتهما حماس محل تفاوض، عندما شددت على أن "ما ورد في مقترح الرئيس ترامب من قضايا أخرى تتعلق بمستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني الأصيلة، فإنَ هذا مرتبط بموقف وطني جامع واستناداً إلى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة، ويتم مناقشتها من خلال إطار وطني فلسطيني جامع ستكون حماس من ضمنه وستسهم فيه بكل مسؤولية".
وكان من اللافت أن حماس لم تقدم تعديلات على الخطة بل جعلتها إطارا عاما لإنهاء الحرب ورحلت كل ما فيها للمفاوضات بعد وقف إطلاق النار، ولهذا صدم الإعلام العبري، بموافقة ترامب حيث قالت القناة 12 العبرية، إن "هذه المرة الأولى التي لا تقبل بها الولايات المتحدة بمبدأ التفاوض تحت النار".
البنود "الملغمة"
تضمنت خطة ترامب 20 بندا، كان على رأسها نزع سلاح الحركة وإدارة غزة عبر ما يعرف بمجلس السلام الذي يشرف عليه رئيس الوزراء البريطاني المتهم بجرائم حرب في العراق وشبه فساد عديدة فضلا عن نقاط أخرى تتعلق بخروج عناصر الحركة الراغبين بمغادرة غزة بعد إلقائهم السلاح.
عول نتنياهو على هذه النقطة باعتبارها إعلان انتصار كامل الأركان في غزة في حال وافقت عليها حماس، وبذات الوقت هي مفتاح رفض الحركة للخطة بما يتيح له استكمال الحرب.
وأعاد ترامب التشديد على هذا البند مرارا، باعتباره مفتاح هزيمة حماس، ونقطة النقاش الرئيسية معها، إلا أن حماس فعلت العكس تماما وألقت الكرة في ملعب الولايات المتحدة والاحتلال، بقبولها بما يخص الأسرى وإدارة غزة، وهذا ما يشغل الرأي العام كخطوة لإنهاء الحرب، وترحيل "بنود نتنياهو - ترامب" إلى مفاوضات قد تكون طويلة وسبق أن فصلت حولها الحركة خصوصا بقضية السلاح.
وقالت الحركة في ردها، إن "ما ورد في مقترح الرئيس ترامب من قضايا أخرى تتعلق بمستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني الأصيلة، فإنَ هذا مرتبط بموقف وطني جامع واستناداً إلى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة، ويتم مناقشتها من خلال إطار وطني فلسطيني جامع ستكون حماس من ضمنه وستسهم فيه بكل مسؤولية".
ويبدو أن أولوية وقف الحرب تهم ترامب الباحث عن جائزة نوبل، ولهذا كان رده مفاجئا لنتنياهو نفسه، حيث نشر الرئيس الأمريكي بيان الحركة كما هو على منصات الرئاسة وأعاد نشره البيت الأبيض بذات المصطلحات التي أوردتها حماس في بيانها مثل "إبادة جماعية" وتعريفها كحركة مقاومة.
في المقابل ساد الصمت عدة ساعات المنابر الرسمية الإسرائيلية لكن كانت المفاجأة من الرد والقبول الأمريكي طاغية على الساحة الإسرائيلية إذ وصف موقع "حدشوت زمان" أن ما جرى قلب للطاولة حرفيا وتحولت المفاوضات بين حماس وترامب، فيما ذكرت وسائل إعلام عبرية أخرى أن حماس نجحت بإيقاع ترامب في الفخ.
وقطعت حماس الطريق على أي حديث حول إدارة دولية لغزة، بإصرارها على إدارة القطاع بحكومة فلسطينية. بينما تجاهلت ذكر قضية نزع السلاح وأحالتها للمفاوضات.
وفي المحصلة قبلت حماس بما كانت تقبله دائما ورفضت ما كانت ترفضه طوال الفترة الماضية، كما أكدت أن "بقية البنود" لا تخصها لوحدها بل تحتاج لإجماع وطني فلسطيني.
لمن سيسلم السلاح؟
بعد الرد بدأت تخرج التفاصيل، حيث تحدث القياديات في حماس موسى أبو مرزوق وأسامة حمدان بشكل تفصيلي أكثر عن تصور الحركة للمرحلة القادمة ومقترحات ترامب.
وقال أبو مرزوق في مقابلة تلفزيونية إن حماس ستسلم السلاح للدولة الفلسطينية القادمة ومن يحكم غزة سيكون بيده السلاح.
وأوضح، "وافقنا على الخطة التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعناوينها الرئيسة كمبدأ وتطبيقها يحتاج لتفاوض".
كما أكد القيادي في حماس، أن الحركة ستدخل في تفاوض بشأن كل القضايا المتعلقة بالحركة والسلاح.
وشدد على أن هنا توافقا وطنيا على تسليم إدارة غزة لمستقلين ومرجعية ذلك السلطة الفلسطينية، موضحا أن رسم مستقبل الشعب مسألة وطنية لا تقرر فيها حماس وحدها.
من جانبه أكد أسامة حمدان، أن الحركة لا تقبل أن يدير شؤون غزة أي طرف غير فلسطيني، مؤكدا أن "دخول إدارة أجنبية أو قوات أجنبية إلى غزة مسألة غير مقبولة".
وشدد "لا نقبل إدارة أجنبية لقطاع غزة ويجب تشكيل هيئة وطنية مستقلة لهذه المهمة"، مبينا أن محاولة استبعاد حماس من العملية السياسية الفلسطينية لن تنجح.
الكرة بملعب نتنياهو
وعقب رد ترامب على بيان الحركة ومطالبته بوقف القصف على غزة، وحديثه عن السلام في المنطقة، قال مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، إن منطلقات خطة ترامب تتوافق مع مبادئ نهاية الحرب بالنسبة لإسرائيل.
كما كشف موقع أكسيوس الأمريكي أن الأوامر صدرت لجيش الاحتلال بإيقاف عملية احتلال غزة.
كما توالت ردود الأفعال الدولية المرحبة بموقف حماس الإيجابي من خطة ترامب، كما طالبت بالمضي قدما في الخطة ووقف حرب الإبادة ضد القطاع.
وتتجه الأنظار حاليا نحو حكومة نتنياهو التي وجدت الكرة في ملعبها وعليها وفقا للخطة وقف الحرب فورا والبدء بعملية تبادل الأسرى وفق مفاوضات مع حماس عبر الوسطاء.