نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، مقالا، للمحامي الفلسطيني ومؤسس منظمة الحق لحقوق الإنسان، رجا شحادة، قال فيه إنّ: "مقترحات دونالد ترامب قيد التنفيذ، لكننا هنا في الضفة الغربية نعيش في خوف من دمار غزة القادم إلينا".
وأكد أنه بصفته متفائلا دائما، كان يأمل أن تُعجّل أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بإعادة تقييم الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. وكان يأمل أن يُدرك القادة الإسرائيليون عدم جدوى حماية بلدهم ببناء جدران، مهما كانت منيعة.
وأشار إلى أنه: "بدلا من ذلك، أدى إلى حرب انتقامية استمرت الآن لما يقرب من عامين، أسفرت عن مقتل أكثر من 65 ألف فلسطيني وتسببت في دمار واسع النطاق في غزة، بما في ذلك تدمير 92% من مبانيها السكنية. وأنه في البداية، صُدم بهذا، وبالتجريد من الإنسانية الذي لحق بسكان غزة، والذي صدر مباشرة عن القادة الإسرائيليين".
واستدرك قائلا: "ما كان ينبغي لي أن أتفاجأ. فلسنوات عديدة، استخدم الجيش تكتيكات ولغة مماثلة ضد الفلسطينيين. ففي نيسان/ أبريل 1983، شبّه رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، رافائيل إيتان، الفلسطينيين في الضفة الغربية بـ'صراصير مخدرة في زجاجة'. وطوال سنوات الاحتلال الإسرائيلي، استُخدم هدم المنازل أيضا كرادع مزعوم، بالإضافة إلى إطلاق النار على الأبرياء الذين يُقبض عليهم في غارات الجيش".
وتابع: "دفعت الجدران ونقاط التفتيش التي تُقيّد التواصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، الجانبين، إلى مزيد من التباعد، ما سمح بشيطنة بعضهما البعض أكثر. حتى التطهير العرقي الذي تُحاول دولة الاحتلال الإسرائيلي تنفيذه في غزة ليس بالأمر الجديد. في حرب فلسطين عام 1948، طُرد أو فرّ أكثر من 700 ألف عربي فلسطيني من ديارهم، ونفّذ جيش الاحتلال عشرات المجازر بحقهم".
"ثم أكد أنه مع ذلك، فإنّ فظاعة الفظائع التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر كانت على نطاق مختلف عمّا حدث سابقا". مشيرا إلى أنه "في الضفة الغربية، ليس لدينا خبرة سابقة في معنى العيش بجوار دولة ترتكب إبادة جماعية ضد شعبنا، ولا في تساهل الشعب الإسرائيلي الواسع مع هذه الأفعال. نشاهد برعب ما يحدث في غزة، وبقلق بالغ أيضا. نتساءل متى سيأتي دورنا لنشهد هجمات جوية كتلك التي تعرّضت لها غزة" وفقا للمتحدث نفسه.
وأضاف: "وبحكم حصارنا بمئات نقاط التفتيش والبوابات في مدينتنا الصغيرة رام الله، فقد تعرّضنا لهجمات متكررة من المستوطنين الإسرائيليين والجيش داخل المدينة نفسها، والتي يُفترض، وفقا لاتفاقيات أوسلو لعام 1995، أن تكون تحت السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية وقواتها الأمنية".
وقال إنه: "مصدر ألم دائم أن يشاهد الفلسطينيون المزيد من أراضيهم تُستعمر. فقد أصبحت التلال المحيطة برام الله أكثر عسكرة، حيث تُبنى البؤر الاستيطانية على الأراضي المرتفعة ويتجول المستوطنون الملثمون وهم يحملون مدافع رشاشة في التلال، على استعداد لمهاجمة أي شخص يجرؤ على المشي في الخارج. وقد ازداد الشعور بالخطر عند المغامرة بالذهاب إلى هذه المناطق".
وأشار إلى أنّ: "قائد القيادة المركزية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، آفي بلوث، أمر في آب/ أغسطس بقطع حوالي 3000 شجرة زيتون في قرية المغير برام الله، والتي كانت ستنضج قريبا لموسم الخريف. ولعقود من الزمن، اقتلع الجيش الإسرائيلي أشجار الزيتون -وهي رمز ثقافي مهم ومصدر دخل للفلسطينيين. وكان مبرر هذا القطع هو الادعاء بأن الأشجار تشكل "تهديدا أمنيا" لطريق استيطاني إسرائيلي رئيسي يمر عبر أراضي القرية". وهذا الأسبوع، ومع بدء موسم قطف الزيتون، بدأت اعتداءات المستوطنين -
وتابع: "كما حدث يوم الجمعة الماضي في قرية فرخة جنوب غرب مدينة سلفيت". مضيفا بأنّ: "الجنود فرضوا حصارا على قرية المغير واقتحموا منازلها. المهمة الأولى هي مطاردة [المعتدي].. والثانية هي تنفيذ عمليات تشكيل هنا، وضمان ردع الجميع - ليس فقط هذه القرية، بل كل قرية تحاول رفع يدها ضد السكان [المستوطنين]".
وقال: "في الماضي، عندما واجهنا مثل هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان، كان أملنا أن نتمكن من الحصول على بعض الراحة من خلال جهود مؤسسة الحق، المنظمة التي ساهمت في تأسيسها قبل 45 عاما. لم أكن لأتخيل أبدا أنها ستُعاقب وتُمنع من تقديم الخدمات لمجتمعنا. لطالما توقعنا نحن الفلسطينيين قمعا غير متناسب لجهودنا لتأمين حقوقنا. لكن وقاحة هذه الخطوة، إلى جانب تداعياتها المأساوية على أولئك الذين يقفون إلى جانبنا في أوروبا والولايات المتحدة، ينبغي أن تكون بمثابة جرس إنذار للجميع".
واسترسل: "ذكر أنه لم يتوقع أبدا أن تُدمّر هذه المنظمة، الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت يوما ما مناصرة لحقوق الإنسان. مؤكدا أنه لطالما كان طموحه أن تجد المنظمة سبيلا لمقاضاة إسرائيل على انتهاكاتها. ولم يكن يتوقع أن تُعتبر مساعدة المحكمة الجنائية الدولية جريمة مميتة".
وذكر أنّ حكومة الاحتلال الإسرائيلية منحت في آب/ أغسطس موافقتها النهائية على توسيع المنطقة E1 المثيرة للجدل لمشروع استيطاني من شأنه أن يُجزّئ الأراضي الفلسطينية، ويربط آلاف المستوطنات غير الشرعية في القدس المحتلة بمستوطنة معاليه أدوميم، ويقوّض قابلية قيام دولة فلسطينية مستقبلية من خلال القضاء على أي فرصة لبقاء أراضٍ فلسطينية متصلة جغرافيا.
وقال إنّ: "رد فعل المجتمع الدولي اتسم بالتباين. يدرك المواطنون في الدول الأوروبية أنه إذا استمرت إسرائيل في الإفلات من العقاب على انتهاكاتها المتكررة للقانون الدولي، فإن ذلك سيساهم في تدمير النظام العالمي القائم على القواعد. ودفع هذا العديد من جماعات الاحتجاج إلى التعبير عن معارضتها لسياسات إسرائيل ضد الفلسطينيين".
"مؤخرا، تم اعتراض مئات النشطاء من 44 دولة على متن أسطول الحرية بعد إبحارهم بهدف كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وتقديم المساعدات. ومع ذلك، حتى مع تزايد عدد المواطنين الذين يتخذون إجراءات، لا تزال حكوماتهم خاملة، حيث تُصدر انتقادات فاترة لأفعال إسرائيل بينما تواصل دعم المجهود الحربي للدولة" وفقا للتقرير نفسه.
وبيّن أنه: "مع ذلك، وعلى الرغم من هذه الاستجابة المؤسسية المخيبة للآمال، فقد أدت الحرب في غزة إلى تغييرات كبيرة في طريقة النظر إلى إسرائيل في جميع أنحاء العالم. فقد أصبح من المفهوم بشكل أفضل أن الدولة نشأت من خلال التهجير العنيف للفلسطينيين في نكبة عام 1948. ويتم الكشف عن العديد من المفاهيم الخاطئة حول تأسيس إسرائيل التي انتشرت على مدى السنوات الـ 77 الماضية. وأدى ذلك أيضا إلى تحول كبير في الرغبة في منح منبر للأصوات الفلسطينية في مساحات كانت مغلقة أمامهم في الماضي".
وأوضح أنه: "عقب "خطة سلام غزة" التي اقترحها دونالد ترامب، وافقت حماس على إطلاق سراح جميع "أسرى الاحتلال" وأشارت إلى "استعدادها للدخول في مفاوضات". ونتيجة لذلك، أمر ترامب دولة الاحتلال الإسرائيلي بالتوقف فورا عن قصف غزة. مؤكدا أنه إذا انتهت الحرب ورُفع الحصار عن غزة، فسيكون لدى الفلسطينيين الخبرة اللازمة لإعادة بناء بلدهم".
"فلديهم مهندسون وعمال وفنيون ذوو خبرة تمتد لعقود في العمل تحت الحصار. لو مُنحوا إمكانية الوصول إلى الآلات، لتمكنوا من إعادة البناء أسرع من أي مقاول خارجي" بحسب التقرير، الذي اختتم بالقول إنه: "على إسرائيل أن تختار بين الحرب الدائمة أو العيش بسلام. لن يتحقق هذا إلا إذا اعترفت بحق الفلسطينيين في تقرير المصير".