14.45°القدس
14.21°رام الله
13.3°الخليل
18.99°غزة
14.45° القدس
رام الله14.21°
الخليل13.3°
غزة18.99°
الثلاثاء 09 ديسمبر 2025
4.31جنيه إسترليني
4.56دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.77يورو
3.24دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.31
دينار أردني4.56
جنيه مصري0.07
يورو3.77
دولار أمريكي3.24

رغم توصيات ميدانية متكررة رفضها نتيناهو..

"القيادة الجنوبية" قدمت مقترَحين لاغتيال السنوار والضيف قبل حرب غزة

image20250831T060934.179_061133.png
image20250831T060934.179_061133.png

كشفت إفادات قدّمها كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي أمام لجنة التحقيق برئاسة اللواء (احتياط) سامي ترجمان، عن واحدة من أكثر القضايا الحساسة في العامين السابقين لحرب السابع من أكتوبر: الخطط العملياتية للقيادة الجنوبية لتصفية قائدي حماس يحيى السنوار ومحمد ضيف، والتي لم تُنفَّذ رغم توصيات ميدانية متكررة. وفقا لتقرير نشته صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية يوم الثلاثاء.

وبحسب المواد الاستخباراتية التي صودرت من حواسيب حماس خلال مناورة برية في قطاع غزة، فإن الموعد الأخير الذي بحث فيه الجيش بجدية تنفيذ خطة "جدار أريحا" – التي تقوم على مبادرة هجومية مفاجئة – كان بين عيد الفصح اليهودي وعيد الاستقلال عام 2023، في ذروة الانقسام الداخلي الإسرائيلي والاحتجاجات الواسعة ضد خطة الحكومة لإصلاح النظام القضائي.

كما اطّلع أعضاء اللجنة على خطط إسرائيلية موازية كانت قيد الدراسة في الفترة نفسها، وتقضي بتصفية السنوار وضيف. وكُشف عن وجودها للمرة الأولى في تقرير نشره موقعا Ynet ويديعوت أحرونوت العبريان في مارس الماضي. ووفق شهادة ضابط كبير، دفعت القيادة الجنوبية آنذاك نحو خيارين: عملية محدودة لاغتيال القائدين، وأخرى موسّعة من أربع مراحل تشمل القضاء عليهما وعلى عدد من كبار مسؤولي حماس، ثم ضربٌ شامل لجميع مواقع الحركة، وصولاً إلى مناورة برية محدودة بثلاث فرق قتالية لتطهير مناطق إطلاق الصواريخ.

لكن، وعلى مدى سنوات، فضّلت القيادة السياسية برئاسة بنيامين نتنياهو استمرار حكم حماس في غزة كـ "عنوان سلطوي" يمكن ردعه وموازنته، ما جعل الخطط تهدف إلى إضعاف الحركة لا إسقاطها. ووفق الضابط نفسه، رفضت هيئة الأركان، بناء على توصيات شعبتي العمليات والاستخبارات، المبادرتين – المحدودة والموسّعة – في محطتين رئيسيتين سبقتا اجتياح حماس للنقب الغربي.

وتناقض شهادة أخرى ما سبق. إذ قدّم ضابط كبير ثانٍ للجنة ملخّصات نقاشات عملياتية تؤكّد أن القيادة الجنوبية أوصت بالفعل بتنفيذ النسخة المخفّفة من الخطة، أي تصفية السنوار وضيف فقط. وبحسب روايته، جاءت أول فرصة تنفيذية في مايو 2022 عقب هجوم إلعاد الذي قُتل فيه أربعة إسرائيليين، وفي أعقاب «خطاب غيرزين» الذي دعا فيه السنوار الفلسطينيين إلى تنفيذ عمليات فردية. غير أن التوصية فشلت بسبب الإصرار السياسي على إبقاء حماس قوية في غزة وعدم ربط الأوضاع في الضفة بالساحة الجنوبية.

وعادت الخطة إلى الطاولة بين عيد الفصح وعيد الاستقلال عام 2023، في ظل توترات أمنية وإطلاق صواريخ من غزة. ووفق الشهادة الثانية، أيد رئيس الشاباك رونين بار المبادرة، بينما تحفّظ رئيس الأركان آنذاك هرتسي هاليفي انطلاقاً من السياسة الحكومية ذاتها، التي تمنح حماس "حصانة" نسبية ما دامت تحافظ على هدوء القطاع.

واجتمع قائد المنطقة الجنوبية إليعازر توليدانو مع هاليفي لبحث الخطة، وحصل على موافقة مبدئية للشروع في التخطيط، على أن تكون جاهزة للتنفيذ في فترات الهدوء أو التوتر. غير أن القيادة الجنوبية – وفق ما قيل للجنة – لم تُعِدّ المنظومة الاستخباراتية وسلاح الجو بالمستوى المطلوب لدفع القيادة السياسية إلى تبني خطوة استراتيجية من هذا النوع.

وتأتي هذه المعطيات في ظل سياق أوسع لعام 2023، اتسم بتصاعد عدوانية حزب الله، وصولاً إلى عملية التسلل قرب مفترق مجدو التي انتهت بانفجار عبوة كبيرة داخل إسرائيل. ونتيجة ذلك، تركّزت استعدادات الجيش، بقرار سياسي مباشر، على الساحة الشمالية وإيران، فيما طُلب من الجيش إبقاء غزة «هادئة وبعيدة عن التصعيد» قدر الإمكان.

ووفق إفادات المسؤولين أمام لجنة ترجمان، شكّل هذا التوجيه السياسي عاملًا حاسمًا في إحباط أي مبادرة ضد حماس، باستثناء عمليات محدودة كتصفية قائد الجهاد بهاء أبو العطا في نوفمبر 2019، وهي عملية دفعت إليها القيادة الجنوبية لعدة أشهر قبل أن يوافق نتنياهو عليها بعد تعرضه للإحراج بصواريخ أُطلقت نحو أسدود خلال فعالية سياسية.

حتى تلك المرحلة، واصل بهاء أبو العطا إطلاق الصواريخ باتجاه سديروت، إلا أن ذلك اعتُبر في حينه "جزءاً من الروتين الأمني" وليس سبباً كافياً لتغيير قواعد الاشتباك. ووفق سياسة الحكومة، التزمت القيادة الجنوبية نهج التهدئة والسعي إلى ترتيبات طويلة الأمد مع حماس، فيما بدت الخطة العامة ناقصة من وجهة نظر بعض الضباط؛ إذ تساءلوا عن فاعلية تنفيذ مناورة محدودة ضد منصات الإطلاق في نهاية العملية، بعدما تكون الحركة قد استخدمت معظم صواريخها بالفعل.

غير أن الجانب الأكثر إشكالية في هذه القصة، وفق التقديرات التي استمعت إليها لجنة ترجمان، لا يتعلق بتضارب الروايات أو الاتهامات المتبادلة بين الجنرالات، بل بغياب جهة مستقلة تفصل حقيقة ما جرى خلف الأبواب المغلقة: من قاد أي اتجاه، ولماذا أصرت القيادة السياسية – على مدى سنوات، وبموافقة رؤساء الأركان ورؤساء الشاباك ووزراء الجيش – على إبقاء حماس في السلطة داخل غزة، مهما كانت التبعات.

ولم يُعيَّن اللواء (احتياط) سامي ترجمان من قبل رئيس الأركان إيال زامير للتحقيق في هذه الإخفاقات، بل اقتصر دوره على فحص جودة التحقيقات الداخلية للجيش الإسرائيلي بشأن أحداث 7 أكتوبر، بعيداً عن ملفات مثل إهمال مشروع «جدار أريحا»، وتثبيت التصور الذي سمح لحماس بأن تتعاظم قوتها العسكرية، والأهم: مسؤولية القيادة السياسية التي ما تزال تُجنّب نفسها أي لجنة تحقيق رسمية، وتلقي باللوم كاملاً على الجيش.

وأُحيلت إفادات الضباط إلى مراقب الدولة، ونُقل جزء منها إلى مراقب الدولة متنياهو إنجلمان، رغم محدودية سلطته في معالجة هذه القضايا، إضافة إلى الشكوك المثارة حول موضوعية تقاريره بسبب قربه من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وبحسب ما عُرض أمام لجنة ترجمان، فإن الخطة التي لم تُنفَّذ كانت تتضمن سلسلة طلعات جوية منظمة، أعدّتها القيادة الجنوبية خلال العام السابق للحرب، بهدف تدمير مواقع حماس المركزية وتصفيـة قادة الكتائب وعناصرها الأساسيين. ولم يكن الهدف «القضاء على حماس»، إذ أكد ضباط كبار أن عامين من القتال البري العنيف داخل القطاع لم يحققا ذلك.

 

وأشار هؤلاء إلى أن أهداف الألوية الثلاثة التي كانت ستنفّذ المناورة وُضعت بشكل واضح، وأن العملية – من بدايتها حتى نهايتها – كانت ستستغرق أسبوعين فقط. غير أن النقاشات داخل هيئة الأركان حول تنفيذها كانت صاخبة ومعقدة، خاصة بعدما انتقلت أولويات الجيش بحلول منتصف 2023 نحو الاستعداد لحملة محتملة ضد حزب الله وإيران، مع ضرورة الحفاظ على الذخائر الاعتراضية للقبة الحديدية. كما برزت مخاوف من سقوط جنود في عملية استباقية، وهو اعتبـار يقول الضباط إنه لم يكن ليُقبل اليوم بعد ما جرى في السابع من أكتوبر.

وأكد الجيش الإسرائيلي أن المسألة عُرضت على لجنة ترجمان، لكنه أقرّ بمحدودية دوره في الحسم واستخلاص الدروس. ولم يُدلِ كل من توليدانو وليفي بأي تعليق على هذه المعطيات.

المصدر: فلسطين الآن