ودولة السيف لا تقوى دعائمها ********* ما لم تكن حالفتها دولة الكتب بيت من الشعر لأستاذنا الكبير الأديب والشاعر والمثقف المصري مصطفى صادق الرافعي فيه ما يمكن أن يعد حكمة بالغة على الجميع أن يعيها وهو يؤسس لدولة أو نظام حكم، قول بليغ يؤكد فيه الرافعي على أن السيف، والسيف هنا القوة وهي وحدها لا يمكن أن تؤسس لدولة، ولابد أن يكون إلى جوارها الثقافة، والكتاب هو قلب الثقافة، لذلك قرن الرافعي بين السيف والكتاب. نحن في وزارة الثقافة الفلسطينية مدركون لأهمية الكتاب والدور الذي يمكن أن يلعبه في تأسيس دولة القوة المعتمدة على العلم والإيمان التي لا تهمل الكتاب، وتدفع به كي يعاد له الاعتبار، ونحاول جاهدين لدى الحكومة الفلسطينية رغم ضعف الإمكانيات وسوء الأوضاع الاقتصادية والحصار المفروض أن يكون لها دوراً في إحياء ثقافة الكتاب، والذي يشكل الدعامة الأهم في إقامة الدولة الواعي شعبها، لأن الثقافة أحد أول خطوط الدفاع عن الوطن لا يقل أهمية عن خط المقاومة والقوة العسكرية والأمنية، لأن هذه القوة إذا جردت من الثقافة والفهم تصبح ضعيفة غير قادرة على الصمود أمام عدو مثقف يعي طبيعة المعركة وأبعادها المختلفة الثقافية والتاريخية، والكتاب هو سيد الثقافة وعمودها الفقري. هذا الكتاب أوليناه اهتماماً بالغاً في وزارة الثقافة، وتواصلنا مع المؤسسات العربية ودور النشر فيها ونجحنا في استجلاب أكثر من مئتي ألف كتاب كهدية من اتحاد الناشرين العرب مساهمة منهم في كسر الحصار الثقافي وتمكنا من إدخال هذه الكمية من الكتب عبر الأنفاق الأرضية بعد أن حالت الظروف التي تعيشها مصر دون دخولها بشكل طبيعي عبر معبر رفح، والوزارة بصدد توزيعها على المؤسسات الجامعية والمعاهد والمدارس ومؤسسات التعليم المختلفة والمؤسسات التي ترعى الطفولة، لأن هذه الكتب أوقفت للتوزيع المجاني على المؤسسات الفلسطينية في قطاع غزة، وهي ليست للبيع وإن كلفت الوزارة مبالغ مالية لا طاقة لها بها لولا مساهمة رئيس الوزراء إسماعيل هنية المالية التي مكنتنا من إدخال هذه الكتب. ومن باب الاهتمام بالكتاب والثقافة والحضارة تعمل وزارة الثقافة بكامل طاقمها من أجل إنجاح عمل وطني متمثل في إقامة معرض دولي للكتاب رغم كل التحديات والصعاب فقد شرعت الوزارة عبر طاقمها في التواصل مع الناشرين العرب والمصريين واتحاداتهم من أجل الحشد لحضور نوعي من دور النشر ومن الكتب حديثة الإصدار التي حُرِم منها الشعب الفلسطيني على مدى سنوات الحصار وما قبل الحصار بفعل الاحتلال الإسرائيلي الذي يهدف إلى تجهيل الشعب الفلسطيني. معرض الكتاب الدولي هذا والذي نتمنى أن يكلل بالنجاح سيكون خطوة من مئات الخطوات في كسر الحصار الثقافي، وفي إثراء المشهد الثقافي الفلسطيني، ومن خلال التواصل والاندماج بالمشهد الثقافي العربي والانفتاح عليه مما يعزز المشهد الثقافي الفلسطيني، ويحيي الذاكرة الفلسطينية ويعيد لها حيويتها، ويعمل على إعادة الحياة للكتاب والاعتبار للقراءة بعد أن كدنا نهجرها. سيبقى الكتاب هو أصل الثقافة وعمودها الفقري مهما تطورت وسائل الثقافة والاتصال والتكنولوجيا وسيبقى الكتاب الجناح الثاني إلى جانب السيف الذي تطير به الدول المتقدمة أو تؤسس عليه الدول التي تريد أن يكون لها مكان تحت الشمس، فلا مكان للدول دون ثقافة، ولا ثقافة بدون كتاب، ولا قيمة للكتاب ما لم يكن هناك من ينكبُّ عليه ناهلاً ما فيه من ثقافة، وإلا ستبقى هذه الكتب حبيسة الأرفف يأكلها الغبار. ودعوتنا أن أعيدوا للكتاب مكانته، وأن أحيوا ثقافة القراءة من جديد حتى نجدد ثقافتنا ونحيي تراثنا لنتمكن من الدفاع عن حقوقنا أمام الحرب الثقافية التي يشنها العدو الصهيوني، تشاركه فيها دول الغرب من خلال سياسة التغريب وحجبنا عن ثقافتنا العربية والإسلامية، والتي شكلت أساساً للحضارة الغربية.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.