وجه مجلس الصحافة الألماني، عقوبة توبيخ لكل من صحيفة "بيلد"، و"فيلت"، بسبب تبنيهما رواية "إسرائيل" في تغطيتهما الخاصة بغزة. وذكر المجلس في بيان، أنه تناول تقريرًا نشرته صحيفة بيلد عبر موقعها الإلكتروني بخصوص استشهاد الصحفي الفلسطيني في قناة الجزيرة أنس الشريف إثر هجوم إسرائيلي.
وتشمل أسباب توبيخ بيلد: الصحافة المثيرة، وانتهاك الحقوق الشخصية، والإخلال بمبدأ الدقة، وانتهاك قرينة البراءة، واستخدام تعبيرات تمييزية، ونشر معلومات مخالفة للواقع، وهو ما اعتبره مجلس الصحافة استهتارًا صارخًا بالمعايير الصحفية وانتهاكًا خطيراً لشرف الصحفي.
وأوضح المجلس أن بيلد نقلت في خبرها ادعاءًا عن "الجيش الإسرائيل" مفاده أن الشريف هو "قائد خلية تابعة لحركة حماس"، ولفت إلى أن هذا الادعاء عرض في العنوان وكأنه حقيقة ثابتة دون تقديم أدلة كافية، ووصف المجلس هذا الأمر أنه انتهاك لواجب التحري والدقة في العمل الصحفي، وإساءة جسيمة لكرامة الصحفي الشخصية، وقرر فرض عقوبة التوبيخ على الصحيفة.
كما فرض المجلس عقوبة توبيخ على صحيفة "فيلت" بسبب نشرها معلومات غير مثبتة تتعلق بصور لأطفال يعانون من سوء التغذية في غزة، وتندرج صحيفتا بيلد وفيلت ضمن مجموعة أكسل شبرينغر الإعلامية الألمانية، ووفقا لـمجلس الصحافة الألماني، الذي يراقب مدى التزام وسائل الإعلام بالقواعد الأخلاقية للمهنة، تتصدر صحيفة بيلد قائمة المؤسسات الإعلامية التي تلقت أكبر عدد من عقوبات "التوبيخ".
وسبق أن كانت صحيفة بيلد محط الأنظار بسبب تورطها فيما أصبح يُعرف باسم "فضيحة بيبيليكس"، وهي فضيحة وقعت في إسرائيل عام 2024 وتضمنت تسريبًا مزعومًا لوثائق عسكرية سرية من مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الصحيفة.
وفي تقرير نُشر في أيلول/ سبتمبر 2024، والذي زعم أنه يستند إلى وثيقة سرية من "جهاز الاستخبارات العسكرية" التابع لحماس وحصلت عليه صحيفة بيلد حصرياً، زعمت الصحيفة: "حماس لا تسعى إلى إنهاء سريع للحرب من شأنه أن يساعد سكان غزة"، وتقول المقالة إن حماس تهدف إلى "جعل عائلات المحتجزين يائسة لدرجة أنهم سيفعلون أي شيء لتحرير أحبائهم، حتى لو كان ذلك يعني معارضة حكومتهم"، ويستمر التقرير في الادعاء بأن هدف حماس هو "إنهاك الجهاز السياسي والعسكري الإسرائيلي وزيادة الضغط الدولي على إسرائيل".
لكن برنامجًا إخباريًا ألمانيًا قال إنه حصل على الوثيقة الكاملة التي استشهدت بها صحيفة بيلد، والتي ذكرت أن النشر قد شوه الملف بشكل خطير لخدمة مصالح حكومة نتنياهو، وبحسب برنامج بانوراما الذي تبثه هيئة الإذاعة العامة الألمانية NDR، يكشف النص الكامل أن حماس أعربت عن اهتمامها بوقف إطلاق نار طويل الأمد وأبدت استعدادها للمرونة في المفاوضات، بما في ذلك الإشارة إلى هدنة لمدة 84 يومًا كخطوة نحو إنهاء الحرب.
منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، تلقى مجلس الصحافة الألماني أكثر من 650 شكوى فردية تتعلق بتغطية هذا الموضوع، وتخص أكثر من 200 مقال، وفي هذا العام وحده، بلغ عدد الشكاوى 429 شكوى. ولم تقتصر الشكاوى على التغطية السياسية والحربية فحسب، بل شملت أيضًا مقالات حول النقاشات والاحتجاجات الداخلية في ألمانيا.
وعمل أنس الشريف المولود عام 1996 في مخيم جباليا بقطاع غزة مراسلا لقناة الجزيرة خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع، واشتهر بتغطية المجازر والكارثة الإنسانية رغم التهديدات حتى استُشهد يوم 10 آب/أغسطس 2025 إثر استهداف مباشر لخيمة صحفيين قرب مستشفى الشفاء في مدينة غزة، في هجوم أثار استنكارًا دوليًا واسعًا.
وخلّفت حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة التي بدأت في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023 واستمرت لعامين، أكثر من 70 ألف شهيد وما يفوق 171 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء، وبالإضافة إلى الضحايا ومعظمهم أطفال ونساء، تسببت إسرائيل بدمار هائل في غزة، مع تكلفة إعادة إعمار قدرتها الأمم المتحدة بنحو 70 مليار دولار.
