رغم مرور عدة أيام على قضية الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني، والتي تعد من القضايا المركزية التي تحتل الصدارة على أجندة الشعب الفلسطيني، إلا أن التعاطي الإعلامي والتحرك الجماهيري على الأرض ضعيف لدرجة مؤلمة تعبر عن تبلد في الشعور العام وعدم تحمل مسئولية من قبل القوى السياسية الفلسطينية وكأن الأمر شيء عادي يعطي فتات الاهتمام التي لا تلبي الحد الأدنى من ما هو مطلوب أن تكون عليه الحالة. سلطات الاحتلال الصهيوني لازالت تمارس سادية عالية بحق الأسرى والأسيرات من خلال الإجراءات اللا إنسانية والقمعية التي تمارسها إدارات السجون، وتزداد هذه الإجراءات طالما بقي الأسرى يواجهون وحدهم صلف وعنصرية وحقد إدارة السجون، وطالما لن يجد الصهاينة تحركات على كافة الصعد فلسطينيا في اتجاه مساندة قضية الأسرى. لازلنا مشغولين بالأوهام المتعلقة بـأيلول وبيان الرباعية وموقف الاتحاد الأوروبي والفيتو الأمريكي، وهي مواقف لا جديد فيها ولن تتغير ما بقي حالنا على ما هو عليه وما دمنا نعلق آمالنا على سراب مساندة الموقف الفلسطيني بشكل رسمي من قبل الغرب، وهم عيشتنا إياه الجهات الرسمية العربية والفلسطينية وهي تعلم أن هذه المواقف لا يمكن لها أن تتغير ونحن نقدم التنازل تلو التنازل عن ثوابتنا وحقوقنا، وطالما الأمر كذلك فلماذا يقف هذا الغرب الظالم إلى جوارنا لمساندتنا في حقوقنا طالما أننا نستجيب في كل فترة زمنية لمزيد من التنازل، وعلى ما يبدو أن ما قدمناه حتى الآن لم يرق بعد إلى المستوى المطلوب وأن الغرب بقيادة أمريكا بحاجة إلى المزيد. الجمهور بحاجة إلى من يحركه، وإن تحرك لوحده يكن بلا فاعلية، لأنه بحاجة إلى قيادات ميدانية ذات أوزان سياسية تأخذ على عاتقها قيادة الشارع نحو التحرك الفاعل مع قضية الأسرى، وهذا التحرك بدوره سيحرك الإعلام المشلول المحكوم بالتحزب والموجه من قبل القيادات السياسية خدمة لمواقفهم واهتماماتهم، وهذا مؤشر سلبي في غير صالح إعلام مستقل مهني يمكن أن يساهم في تبني قضايا وهموم شعبه وتحريك الجماهير لمساندة هذه القضايا المفصلية. لازالت صحفنا ومواقعنا وأدواتنا الإعلامية مشغولة بقضايا لو أجلت لن تؤثر كثيرا أو أهملت فلن يلومها أحد، فتارة تدندن على حوار المصالحة، هناك لقاء لا تم تأجيل اللقاء والأسرى يذبحون دون سكين في كل ساعة، وإن أعطت تعطي القليل من الاهتمام. صفحات الرياضة أخبارها، صحيح لها جمهورها، ولكن عندما تكون هناك قضايا مركزية كقضية الأسرى تختصر للحد الأدنى وتعطى المساحات لمناقشة القضية المركزية الكبرى التي تهم كل بيت وكل فرد فلسطيني لديه إحساس بالمسئولية، هل مهم كثيرا في ظل تفاعل قضية الأسرى داخل السجون والإضراب عن الطعام أخبار البرشا ومدريد وتفرد لها الصور الكبيرة والمعلومات التي لا قيمة لها ولو أجلت فلن تؤثر على حياة الناس وقضاياهم. لابد أن يكون لدينا فقه الأولويات، لست ضد الرياضة أو إثارة القضايا الاجتماعية كالزواج المبكر والمرأة المتسلطة أو المنكسرة، وسي السيد، والعلاجات المختلفة لها، ولكن هناك ما هو أهم وأولى الآن وفي هذه الظروف والأوضاع السياسية والقضايا التي هي بحاجة إلى إعطاء مساحات أكبر لها على وسائل الإعلام المختلفة و تبني الحملات الإعلامية المتواصلة وأن لا نتوقف في تناولها بشكل يليق بها وبمكانتها وتأثيرها. لابد من تضافر كل الجهود الإعلامية والسياسية والحزبية والجماهيرية من أجل تفعيل قضية الأسرى التي يجب أن تشكل الهاجس الأكبر لنا نحن الفلسطينيين لأن هؤلاء الأسرى لم يضحوا من أجل أن نستمر في المناكفات السياسية أو التلهي بأمور فارغة المضمون تهدف إلى استهلاك الوقت، علينا أن نضع كل هذه القضايا جانبا لأنها نالت أكثر مما تستحق ونولي اهتماما لما يستحق، ولا أعتقد أن هناك في هذه الأيام ما يستحق أكثر من قضية من أفنوا زهرات حياتهم وحرياتهم من أجل حريتنا وكرامتنا، أفلا يجدر بنا أن نعطي هذه القضية كل اهتمامنا!!؟.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.