11.68°القدس
11.44°رام الله
10.53°الخليل
17.4°غزة
11.68° القدس
رام الله11.44°
الخليل10.53°
غزة17.4°
الأربعاء 04 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.11دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.62دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.11
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.62

خبر: الخطاب المتنازع عليه

يدرك العالم الآن باستثناءات قليلة تصرّ على الخلط بين ظل العصا والثعبان، أن عبارة الأرض المتنازع عليها من اختراع الاحتلال وحده، وهي حكر على قاموسه الخاص . لهذا فما يجري في فلسطين من ألفه إلى يائه هو احتلال واستيطان ولا شيء آخر . لكن المفارقة هي أن هناك خطاباً فلسطينياً متنازعاً عليه، وحسب القراءات الأمريكية والأوروبية فإن لفلسطين الآن خطابين متباعدين . الأول يعترف بالدولة بحدود الرابع من يونيو/حزيران عام ،1967 والثاني يصر على المساحة التاريخية والجغرافية الكاملة لفلسطين من البحر إلى النهر، وحين تقبل حماس، كما عبّر عن ذلك رئيس حكومتها إسماعيل هنية تعقيباً على خطاب عباس في الأمم المتحدة، بدولة فلسطينية، فإنها تشترط في الوقت ذاته عدم الاعتراف ب “إسرائيل”، وهذا خطاب يبدو تعجيزياً بالنسبة إلى السلطة، لهذا علق أحد خصوم حماس على هذا الشرط مستشهداً بمثل معروف هو “لا تقسم رغيف الخبز، ولا تأكل ما هو مقسوم منه”، أي ابقَ جائعاً حتى لو سال لعابك من فرط الجوع على الرغيف . هذا سجال قد لا ينتهي، لهذا علينا أن نحترز من الانجذاب إليه، فالمصالحة الآن ليست فقط بين حزبين أو حركتين وطنيتين، بقدر ما هي مطلوبة بين خطابين . وإن كان هناك تفسير محظور الاقتراب منه لتعثر كل محاولات المصالحة والالتئام الوطني بين فتح وحماس، فهو المصالحة الفكرية التي يجسّدها خطابان متباعدان وليست المصالحة بين أشخاص، ومن دون التوقف عند هذا التباعد الأيديولوجي، ستبقى المصالحات موسمية وتراوح لتعود بعد تفسير الماء إلى الماء ولا شيء آخر . وتاريخياً ثمة صيغة لتعايش خطابين متباعدين كهذين الخطابين الصادرين عن غزة ورام الله، لأنه ما من شعب أو دولة في العالم تتيح له الديمقراطية، في حال ترجمتها إلى واقع سياسي، أن يحوّل الناس كلهم إلى واقعيين أو براغماتيين أو أية صفة مرادفة لهذه . لقد شاهدنا على العديد من الشاشات الفضائية في أعقاب خطاب محمود عباس، سجالات بين من يمثل هذا الخطاب أو ذاك، وبدت المصالحة للوهلة الأولى على الأقل وقد نأت مجدداً، فثمة مفردات أعادت المتساجلين إلى مربع الخلاف الأول، وهذا كان أشبه بشعرة سقطت في الحساء أو كأس الماء التي جاءت بعد أن جفّ الريق، وشقّق الظمأ الشفاه . إن منطق المفاضلة بين الخطابين ليس مقترباً صحيحاً ومن شأنه أن يعمّق الهوة ويعطي للخلاف بعداً شبه قبائلي أو عشائري، فالمسألة أبعد من ذلك وأعقد، فإذا كان التباعد بين الخطابين بسبب اجتهاد الطرفين على أقصر الطرق وأسلمها إلى فلسطين، فاللقاء في منتصف الطريق ممكن وربما في ربعه الأول، لأن الطريق طويل وسوف يستطيل أكثر بعد المعركة الدبلوماسية في مقر الأمم المتحدة . إن فلسطين الآن أرض محتلة وليس متنازعاً عليها، كما يقول المحتل، لكن المتنازع عليه فلسطينياً هو خطاب يراوح بين الأيديولوجيا والبراغماتية .