20.55°القدس
20.36°رام الله
19.42°الخليل
25.21°غزة
20.55° القدس
رام الله20.36°
الخليل19.42°
غزة25.21°
الأحد 06 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

خبر: الأب العاق.. الكلمات تتوقف والزفرات تخرج حارة

في مسجدنا تعلقت الأنظار وبدت مندهشة عندما بدأ الخطيب الشاب يتحدث عن موضوع بدا وكأنه يتكلم فيه بشكل معكوس، فكيف يعق الأب ابنه؟ وهل هناك شيء اسمه عقوق الأب لأبنائه؟، كان الحديث غريباً وجعل التساؤلات ترهق عقول الحاضرين الذين بدؤوا يستمعون لخطبة الجمعة بكل اهتمام ، وبعد الخطبة بدأ الحديث كطنين النحل في المسجد. بعضهم يحكي قصصاً تؤيد نظرة خطيب الجمعة، وآخرين وخاصة من الآباء جعلوا جل أحاديثهم منصباً على عقوق الأبناء لآبائهم، والبعض الآخر كان في منتصف الطريق واقتنع أنه كما يكون الابن عاقاً لوالده ووالدته ، فهناك آباء وأمهات عقوا أبناءهم وظلموهم شر ظلم. [title]هل هذا عقوق؟![/title] محمد في الخامسة والثلاثين من عمره ، يتحدث بمرارة لمراسل [color=red]"فلسطين الآن"[/color] فمنذ كان طالباً في الابتدائية والإعدادية كان والده يجبره على العمل حتى في أيام الدراسة وليس الصيف فحسب ، بحجة تربيته على الاعتماد على ذاته رغم أن والده غير محتاج للمال. بمرارة يكمل محمد حديثه لـ"[color=red]فلسطين الآن[/color]":" كان يأخذ المال وبصراحة قام ببناء المنزل من عرقي أنا وإخوتي وتركنا دون زواج حتى جاوزت الثلاثين وبعد تدخلات عائلية تزوجت ولا زلت حتى اللحظة أسدد في مالي الذي جمعته ليد والدي (يعني أسدد مالي إلى والدي)". لم تتوقف حكاية محمد عند هذا الحد بل بدأت بعد الزواج تتقافز أمامه ما أطلق عليها "نهفة" والده فمن دفع أجرة المياه عن البيت كله والكهرباء كذلك، ما ولّد مشاكل بينه وبين والده لا تعد ولا تحصى بسبب عدم قدرته على دفع كل هذه المصاريف "الظالمة" حسب وصفه. في خاتمة القصة كان محمد في بيت مستأجر مع زوجته وولديه نتيجة تعسف والده الذي طلب منه مغادرة البيت دون سبب إلا أن محمد رفض الاستمرار في حالة الكدر التي يعيشها وقرر مواجهة والده بحقيقة "ظلمه" له. [title]مأساة وجريمة..[/title] ليست قصة محمد هي الوحيدة في قطاع غزة ، وإن كان يبدو من ظاهرها أنها صعبة وقاسية ، إلا أن المجتمع الفلسطيني وللأسف تنتشر فيه مثل هذه الحكايات بصورة قاسية وصعبة لا يتصورها العقل البشري في بعض الأحيان. فمريم التي تبلغ من العمر 29 عاماً ، وهي فتاة متعلمة تعليماً جامعياً وتعمل في إحدى المؤسسات الخاصة، وتتلقى راتباً محترماً ، وتتمتع بقدر من الجمال يؤهلها لأن يتقدم للزواج منها شباب كثر ، رأيتها تنقل عنها إحدى صديقاتها دعواتها المستمرة على والدها الذي يرفض تزويجها لكل من يتقدمون لها من العرسان دون سبب مقنع كما قالت صديقتها لـ"[color=red]فلسطين الآن[/color]". ليس هذا فحسب بل إن والدها الذي كان يعمل في إحدى الدول الخليجية ويملك من المال ما يكفيه وأكثر بكثير ، بدأ يسلبها راتبها ، حسب قولها، منذ بدأت تعمل بعد تخرجها قبل سبع سنوات ولا يعطيها منها إلا ما تحتاجه من مواصلات دون مراعاة حاجاتها الأخرى من ملبس وخلافه. دعواتهم الحرى هل يمكن أن تكون مقبولة في ميزان الشريعة ، وهل بالفعل ستكون دعوات محمد ومريم في مكانها ؟! وهل يجوز لهم أن يتفوهوا بمثل هذه الكلمات؟!. [title]الإثم لا يقابل بالإثم[/title] من جهته رفض الدكتور صادق قنديل الدعاء على الوالدين رغم إقراره بحالة الظلم التي تعرض لها محمد ومريم ، مؤكداً أن الصبر والاحتساب ومحاولة حل المشكلة بطرق أخرى هو الأفضل. وقال: "لا يجوز مقابلة الإثم بالإثم والشريعة الإسلامية دفعت إلى الإحسان مهما بلغت درجة العقوق من قبل الوالد، ولا يليق أبداً بالابن أن يدعو على أبيه أو أن يشهّر به لكنه يجوز أن ينتصر لحقه وأن يشكوه لمن يستطيع استرداد هذا الحق بطرق مشروعة". [title]عقوق..[/title] وأوضح قنديل في اتصال هاتفي مع "[color=red]فلسطين الآن[/color]" صباح الاثنين، أن البر في الإسلام ليس مقصوراً على الأبناء تجاه الآباء، بل هي قاعدة تشمل جميع أفراد المجتمع ، وقال:"على كل فرد مسلم أن يبر أخاه المسلم برابطة الإسلام "، مستشهداً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : "مثل المؤمنين في تراحمهم وتعاطفهم وتوادهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". ونبه إلى أن الإسلام لم يغفل البر المتعلق من الآباء تجاه الأبناء، مستدلاً بقصة الفتى الذي اشتكى والده عقوقه فقال له عمر: "لقد عققت ولدك قبل أن يعقك"، معرفاً العقوق بأنه هضم الحقوق وعدم القيام بها وإلحاق الأذى والضرر بالابن أو الأب. وجعل الإسلام مثل التصرفات التي قام بها والدا مريم ومحمد من العقوق المحرم ، حسب قنديل ، الذي أكد على أن النبي صلى الله عليه وسلم وصى صحابته بضرورة تربية الأبناء على كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله وأن يسميه اسماً صالحاً وأن يختار له أماً صالحة ، إضافة إلى الحفاظ عليه وبنائه بناء صالحاً ليكون إنساناً منتجاً صالحاً في مجتمعه. ووجه قنديل رسالة إلى الآباء طالبهم فيها بالكف عن مثل هذه التصرفات ، مطالباً الأبناء بالصبر والاحتساب وتفويض أمرهم إلى الله عز جل، مشدداً على أن الدعاء لا يمكن أن يكون مقبولاً طالما اشتمل على إثم أو قطيعة رحم. ختاماً فالحياة لا يمكن أن تخلو من كدر هنا وإشكالية هناك، لكن من الضروري على الآباء والأبناء أن يحكموا شريعة الله عز وجل التي نظمت العلاقة بينهم بشكل يضمن للجميع الاحترام والعيش الكريم اللائق بمنزلة كل واحد منهم.