18.64°القدس
18.44°رام الله
17.75°الخليل
24.42°غزة
18.64° القدس
رام الله18.44°
الخليل17.75°
غزة24.42°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

خبر: "ضحايا الكفالة".. ردُ الإحسان بالإساءة

خرج من منزله في حالة "هستيرية"، خاف الناس من حوله أن يؤذي نفسه من حيث لا يدري، فأمسكوا به وسلموه للشرطة في رفح جنوب قطاع غزة، هناك أخبرهم "محمد" أنه موظف أمن، يتقاضى راتباً محترماً إلا أنه قام بكفالة عدد من الأشخاص مالياً وهربوا إلى مصر، مضيفا أن أصحاب الديون طالبوه بحقهم أكثر من مرة مما أشعره بالضيق والضجر ما جعله في حالة نفسية وعصبية لا تحتمل. "أحمد" هو الآخر ليس بأفضل حال من "محمد"، أوقعته كفالة أحدهم في حرج شديد تمنى لو أنه لم يولد، فقد توقف تحويل راتب مكفوله إلى البنك الذي اقترض منه مبلغا كبيرا من المال، وكان هو كفيلا لمعاملته، ما اضطر البنك إلى الخصم من راتبه وفق شروط العقد الموقع بينهم. لم يحتمل أحمد الخصم شهرياً من راتبه، توصل إلى اتفاق مع مكفوله عبر وسطاء يتعهد بأن يدفع له ما يخصمه البنك منه وحتى لا يماطل في السداد، كان يذهب "أحمد" يطرق باب منزل مكفوله بنفسه ليأخذ حقه. شهر وشهران والأمور تسير على ما يرام وفي الشهر التالي كان الموقف الحرج: طرق أحمد الباب ، ترد زوجة صاحبه: من بالباب! يجيب: أنا أحمد، فما كان منها أن صرخت من وراء ستار: أنت "شحات" كل شهر تأتينا زوجي مش موجود ... طأطأ أحمد رأسه وغادر. قصتان ليست من نسج الخيال، بل حدثتا بالفعل في مدينة رفح، تلخصان ما آلت إليه أوضاع كثير من الكفلاء بسبب خداعهم من قبل "مكفوليهم" كأنهم "كبش فداء" ، أُرغموا على دفع ما عليهم من ديون وأقساط، وتحول فعل المعروف إلى طامة على رأس الكفيل، والصداقة والمعرفة إلى خصام وعداوة وجفاء، إلى درجة أصبح الناس معها تؤكد أنك إذا أردت أن تخسر علاقتك بأي إنسان؛ مهما كانت علاقتك به قم بكفالته. موقع [color=red]"فلسطين الآن"[/color] يسلط الضوء على هذه القضة التي شغلت الكثير خاصة في ظل الاغراءات التي تقدمها البنوك الفلسطينية من قروض وعطاءات ومشاريع تجذب إليها عملاء كثر تشترط في أي عقد وجود موظف كفيل أو أكثر. والكفالة إما أن تكون حضورية فقط، أي أن الكفيل مطالب فقط بإحضار المكفول إذا ماطل في سداد ما عليه؛ فإذا أحضره إلى الجهات الأمنية أو القضاء فقد انتهت بذلك الكفالة، أما إذا عجز عن احضاره لظروف خارجة عن إرادته؛ ففي هذه الحالة تقوم الجهات الأمنية بالبحث عنه بشرط أن يثبت الكفيل أنه عجز فعلاً عن إحضاره. أما الكفالة الغرمية وهي المعمول بها، إذ لا يمكن أن تقبل معاملتك في أي بنك أو شركة بدونها، ففي هذه الحالة الكفيل هو غارم ومسؤول عن سداد هذا الدين؛ لأن الكفالة من الأساس رضائية، فهو رضي أن يكون كفيلاً، وبالتالي يلتزم بواجبه، وليس من العدل أن نضع اللوم على شخص آخر أو على جهة حكومية تنفيذية؛ لأن الحقوق المدنية لم تجبره أساساً على الكفالة سواء في البداية أو عند وقوع المشكلة، فهو الذي ألزم نفسه بذلك وعليه أن يتحمل تبعات ذلك. [title]الكفالة شرعاً وقانوناً[/title] ويسمح القانون بأن يقوم شخص بكفالة آخر لدى البنك، ويعتبر الكفيل مثله مثل المدين الأصيل، وما يقع على الأصيل يقع عليه، فإذا لم يلتزم الأصيل بسداد دينه يقوم الكفيل بدفعها هو وإلا يتعرض للمساءلة القانونية ويكون إما السداد أو الحجز أو حتى الزج به في السجن. أما شرعاً، فأصلها مباح ومشروع إن كان لأمر مبارح ومنتفع به استنادا لقوله تعالى: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ" ، وحديث رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم " الكفيل غارم" هذا ما قاله الدكتور ماهر الحولي رئيس لجنة الافتاء في رابطة علماء فلسطين في حديثه [color=red]لفلسطين الآن[/color]. وذكر أن الكفالة قد تكون بالنفس أو المال أو وجاهة، لافتاً إلى أن الكفالة بالنفس هي أن يقوم شخص بضمان أو كفالة شخص عليه دم على أن لا يهرب إذا أطلق سراحه أو إذا خرج من السجن، أما فيما يخص كفالة المال فتعني ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة بالدين، أي أنه إذا عجز الأصيل عن أداء الدين سينتقل الأمر إلى الكفيل، فالكفيل التزم مالياً أمام البنك بالسداد إذا لم يستطع المدين رد الدين وأطلعه أنه مستعد للسداد بدلا منه. وأوضح "إذا تكفل أحد آخر فيجب عليه الوفاء والأصل عند المكفول أن يفي بما هو مطلوب منه ويجعل له مصداقية، أما إذا قصر المكفول فإن الكفيل مطالب بالسداد حسب شروط العقد المبرم. ونوه الحولي وهو يعمل مستشار في البنك الوطني الإسلامي إلى أن البنك يمهل الطرفان(كفيل ومكفول) في حال المماطلة في السداد ويجوز الأخذ من الكفيل بعد اشعاره وهذا أمر جائز ويتوافق مع القانون. وحذر من اقدام أي "كفيل" على ايذاء نفسه سواء بالانتحار أو الحرق بحج "ضغوط نفسية وعصبية" معتبرا أن ذلك لا يقره شرع أو عرف. وعد "الهارب بأموال القرض بعدما ائتمنه غيره على تلك الأموال خائن وأن الله له بالمرصاد. وتساءل: "هل يضمن هذا الهارب أن يبارك الله في المال الذي سرقه؟ .. فالدين المعاملة فكيف يمكن أن يرد الإحسان بالإساءة، فهذا الرجل الذي كفل الهارب وقف بجانبه بحسن نية وهو خدعه". ونبه أستاذ الشريعة في الجامعة الإسلامية بغزة إلى ضرورة أن "لا يقدم أحد على كفالة شخص لا يعرفه، كما ينبغي للمكفول أن ينظر في المبلغ الذي ينوي اقتراضه من ناحية، وهل الشخص الذي يكفل لديه الإمكانات ويستطيع أن يغطي المبلغ بشكل مباشر في حالة عجز المكفول عن السداد. كما يجب على الكفيل أن ينظر في الشخص المكفول هل لديه القدرة والصدقية في تسديد المبلغ الذي اقترضه؟، وهل هو من الموثوق في أمانته وصدقه؟، أم أنه من الأشخاص الذين لا ثقة فيهم؟ وهذا يجب أن لا يتورط الإنسان في كفالته حتى لو كان قريباً حتى لا تتحول الكفالة إلى توريط وخصام وقطيعة. [title]بدائل الكفالات[/title] ومع كثرة القضايا أمام المحاكم ولأن القانون لا يحكم إلا بالثوابت القانونية ويتحمل الكفيل تبعية كفالته سواء أكان مدركاً أم غير مدرك، دعا مختصون ومحامون إلى ايجاد بدائل للكفالات تتماشى مع ما هو موجود عالمياً، فعلى سبيل المثال في أمريكا؛ إذا أراد شخص شراء سيارة لا يحتاج الأمر كفيل لا غارم ولا حضوري؛ لأن عنوان السكن لديهم ولا يمكن أن يتصرف في السيارة ببيعها إلاّ بعد تسديد جميع أقساطها، كما أن الرهن العقاري يمكن أن يكون بديلاً عن الكفالات الشخصية. ومن البدائل المطروحة أيضا، نشر ثقافة التأمين على السيارة وعلى النفس، وأن تكون شركات التأمين ضامنة، وأن يوجد تأمين للدين مجاز شرعا حتى لا تصبح هناك حاجة للكفالات الغرمية والحضورية، ولا نحمل شخصا وزر شخص آخر ودينه وتلاعبه، مهما كانت صلته به؛ لأن ذلك تسبب في القطيعة بين كثير من الأقارب والأرحام والأصدقاء.