أجمع المراقبون والمهتمون بالشأن الفلسطيني أن أزمة الرواتب الفلسطينية في الفترة الأخيرة مفتعلة، وأنها تزامنت مع المصالحة الفلسطينية بهدف الضغط على الفلسطينيين لقبول سلام فياض رئيساً للوزراء مدى الحاجة للرواتب، ولكن ما تنبه له المراقبون أخيراً، أن الحاجة إلى الرواتب يتم توظيفها بشكل أخطر من مسمى رئيس الوزراء، ولاسيما في هذا الشهر الذي يتوجب فيه على السلطة الفلسطينية أن تتقدم بطلب الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة... هذا الطلب الذي عارضه سلام فياض علناً عبر وسائل الإعلام، وحذر من نتائجه السلبية، لذلك فقد قرر الرجل أن يرسل رسالته المالية إلى الشعب الفلسطيني في اليومين الأولين من هذا الشهر، في حين جرت العادة أن يتم الإعلان عن أزمة الرواتب بعد سبعة أيام على الأقل من بداية تذمر الموظفين، وسؤالهم عن الرواتب، وقد جرت العادة أن ترتبط الأزمة بتوقف (إسرائيل) عن تحويل قيمة الضرائب، ولكن في هذا الشهر بالذات لم يتم الربط بين الضغط الإسرائيلي والأزمة المالية، وفي هذا الشهر بالذات يتم تحديد قيمة نصف الراتب كخيار أخير لا رجعة عنه، ولا بديل له، وفي هذا الشهر بالذات يتم الإعلان عن انسداد الأفق المالي حتى للأشهر القادمة أيضاً. إنها أقسى صفعة مالية على خد الشعب الفلسطيني، تهدف إلى تحقيق أقصى مدى من الانهزام أمام (إسرائيل)، وهذا أمر يحتم على حركة فتح قبل حركة حماس، أن تسأل سلام فياض عن أسباب فشل سياسته في توفير الرواتب بعد أربع سنوات سمان تحكم فيهما بالمال الفلسطيني؟ لماذا لم ينتبه إلى السبع بقرات عجاف اللائي سيأكلن السمان؟ ولمصلحة من كان التبشير الكاذب بالاقتصاد المعتمد على نفسه، والقادر على تأمين رواتب الموظفين، أين ذهبت المعجزة الاقتصادية؟ وكيف اختفى الإبداع الاقتصادي فجأة خلف السراب؟!. لقد حرصت صحيفة هآرتس على الربط بين شهر أيلول وعرض القضية الفلسطينية على الأمم المتحدة، وما سينجم عن ذلك من مضاعفات ستؤثر على نتائج الانتخابات المصرية، لذلك حرصت الصحيفة على التحذير من إجراء الانتخابات المصرية تحت ظلال انتفاضة فلسطينية، أو أحداث مقاومة تجري على أرض فلسطين؛ لها تأثيرها القوي على مزاج الشعب العربي المصري، وتأييده لحزب الإخوان الإسلاميين، وصعودهم كقوة برلمانية تسيطر على السياسة المصرية، وتعمل على إلغاء اتفاقيه كامب ديفيد مع (إسرائيل). لقد نبهت صحيفة هآرتس ـ دون قصد منها ـ إلى قوة إضافية في يد السلطة الفلسطينية، قوة سياسية ضاغطة على الرباعية الدولية التي ستجتمع في 11 من هذا الشهر، بهدف تنفيس موعد أيلول، والاجتهاد في الضغط على (إسرائيل) لقبول صيغة استئناف مفاوضات، تهيئ للسلطة الفلسطينية سلم النزول عن شجرة أيلول التي صعدت عليها. هنا تبرز قيمة الضغط المالي على السلطة الفلسطينية، وهنا تبرز أهمية شفرة الزمن التي يشحذها السيد فياض على عنق القضية الفلسطينية، إنه يقدم نصف الراتب فقط. أما من يريد النصف الآخر فعليه أن يركع، ثم يسجد على ركبتيه لمطالب أمريكا التي أعلنت بجلاء، أنها مع استئناف المفاوضات، وضد التوجه إلى الأمم المتحدة!.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.