توجهت وزميلي إلى أحد مكاتب البريد في غزة، لإنهاء معاملة عاجلة، اتجهنا صوب "شباك" تجلس خلفه موظفة لم يسبقنا إليها أحد فاستبرشنا خيرا بسرعة انجاز ما نريد، إلا أن "الفرحة ما تمت"، لم تتحدث إلينا، بل أشارت "باصبع السبابة" إلى "جارتها" بأسلوب مستفز ضايق زميلي ، حتى كاد أن يصرخ بها لـ"قلة احترامها" لولا أني منعته. في المقابل، جاء أحدهم يسأل موظفاً حكومياً عن معاملته تصادف وجودي في مكتبه، كان يوم خميس ومعروف للجميع أنه عمل إداري خاص بالدائرة الحكومية وليس لمراجعات المواطنين، إلا أن المراجع أخبر الموظف أنه جاء من مكان بعيد، حاول الموظف مساعدته لولا أن البرنامج المحوسب معطل وفعلا هذا ما كان، لم يعجب المواطن طلب الموظف منه أن يذهب ويعود في يوم آخر ، حدثت مشادة بينهما ثم انصرف . موقفان كنت شاهدا عليهما، في الأول أخطأ الموظف وفي الثاني أصاب، ورغم ذلك تسمع من يلوم الموظف دوماً بأنه يسيء معاملة المواطن الذي في حاجته ، ولا يأتي على ذكر تصرف المواطن إلا قليلا ، فهل فعلا الموظف ملام دوما والمواطن بريء ؟! لست هنا في موقف دفاع أو اتهام لأحد، بقدر ما نسعى إلى وضع اليد على الجرح وعلاجه. [title][color=red]تصرفات فردية[/color][/title] صفحة [color=red]فلسطين الآن[/color] على الفيسبوك طرحت الموضوع للنقاش، كان التفاعل لافتاً، اتفق غالبية المشاركين أنها حالات وتصرفات فردية لا ترقى إلى مستوى ظاهرة مستشرية في الدوائر الحكومية خاصة. وأورد عدد منهم مواقف حدثت معهم أو شاهدوها "بأم أعينهم"، منها يُخطئ الموظف وبعضها يضع اللوم على المواطن المراجع بحكم عدم التزامه بالنظام أو بلوائح العمل المعمول بها أو حتى أنه لم يتقدم بشكوى لمتابعهتا من قبل جهات الرقابة. وأجمع كثير من المشاركين على أن المسؤولية مشتركة بين الموظف والمواطن وإن كان الأول تقع عليه المسؤولية والأمانة بالدرجة الأولى لأن الثاني في حاجته لاتمام معاملته. [title][color=red]ما على الموظف والمواطن[/color][/title] الصحافي والكاتب الشاب أحمد أبو ارتيمة نصح الموظفين بالنظر إلى خدماتهم للمواطنين بأنها واجب عليهم وليست منةً "فليس من حقهم أن يتجهموا في وجوه المواطنين ويسيئوا معاملتهم ولينظروا إلى الشركات التجارية الخاصة كيف تتعامل باحترام مع الزبائن من أجل كسبهم. ودعا عبر [color=red]فلسطين الآن [/color]" المسئولين بأن يشددوا في مراقبة تعامل موظفيهم مع المواطنين لأن حسن التعامل مع المواطنين ليس من الكماليات بل هو من الضرورات لأن الموظف هو قناة التواصل بين المواطن والحكومة وسلوكه مع المواطن هو الذي قد يرفع من رصيد الحكومة في أوساط شعبها أو يخفضه". وتوجه إلى المواطنين ناصحا بضرورة التزام "النظام والترتيب واحترام حقوق الآخرين والالتزام بالطوابير". [title][color=red]المسؤولية مشتركة[/color][/title] بدوره، أقر مؤمن عبد الواحد مسؤول العلاقات العامة في ديوان الموظفين بوجود مثل هذه التصرفات ، لكنه أكد أنها " لا تخرج من دائرة الفردية ولا يمكن تعميمها لتصبح ظاهرة في المؤسسات والدوائر الحكومية في غزة. ونفى ل[color=red]ـفلسطين الآن [/color]تلقيهم في الديوان شكاوي تخص موظف بعينه، مضيفاً "وردت مشاكل بشكل عام تم تشكيل لجان خاصة وحلها". وألقى باللائمة على الموظف والمواطن وقال إن "المواطن يسئ طلب حاجته"، مشيرا إلى أن الموظف إنسان مثله مثل غير وقد يكون عمله تحت الضغط فينزعج من أي إساءة حتى لو كانت بسيطة. ونوه عبد الواحد إلى أنه لا يبرر للموظف أي تصرف غير مسؤول، فقط "ندرس ونحلل المشكلة" ، ودعا جميع الموظفين إلى الصبر وتحمل ضغط العمل ومراعاة الحالات الطارئة لإعطاء صورة مشرقة عن مؤسسته التي يعمل بها. وعند سؤاله عن حوافز وتكريم للموظف المثالي، قال بأسف" إن الموظف لم يحصل على حقوقه لكي نضع له حوافز دعيا الجهات المسؤولية إلى العمل على راحة الموظف". ودعا المواطن الذي يتعرض لأي موقف مسيء "ألا يسكت أو يتنازل عن حقه بالطرق الرسمية، وبين أنه "يتم التفاعل بشكل جدي مع أي شكوى تقدم وإن كان له أي حق سيرد له حقه وسيتم محاسبة المسيء لأن في ذلك اساءة للمؤسسة. جذير بالذكر أن وزارة الداخلية بغزة تعاقب أي رجل أمن يسيء معاملة المواطن سواء بالحبس أو تنزيل الرتبة ودعت المواطنين إلى تقديم شكوي بحق أي عنصر أمن أساء التصرف. يبقى أن نشير إلى أن ثقافة التعامل مع الجمهور واحترام (ذاتهم) هو ما يساعد الموظف على الارتقاء بعمله, فنحن وطن واحد, وأبناء وطن واحد, لا يوجد اختلاف بين شخص وآخر.. فالأمانة مطلب وهو شرع أدبي لأي موظف.