10.01°القدس
9.77°رام الله
8.86°الخليل
15.9°غزة
10.01° القدس
رام الله9.77°
الخليل8.86°
غزة15.9°
الخميس 05 ديسمبر 2024
4.6جنيه إسترليني
5.1دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.62دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.6
دينار أردني5.1
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.62

خبر: سؤال الفريق الشاذلي

قرأت في المصري اليوم.. "الخميس".. 27 سؤالا كتبها الفريق سعد الدين الشاذلي قائد حرب أكتوبر المجيدة ورئيس أركان القوات المسلحة في ذلك الزمن. الأسئلة كان قد كتبها للزميل مصباح قطب متعه الله بالصحة، لينشرها بصحيفة "الأهالي" في الذكرى 25 للحرب. قطب.. كاتب يساري يتميز بالموضوعية ودماثة الخلق.. أعجبتني شخصيته وموضوعيته وحياديته ودقته بعد أن تزاملنا لفترة في مكتب جريدة الشرق الأوسط السعودية بالقاهرة في أوائل الألفية الثالثة. يحكي قطب قصة أسئلة الفريق الشاذلي مبتدئا بالوصف الذي أطلقه عليه الكولونيل الأمريكى "ديبوى".. فهو أستاذ التفاصيل وأهم أعلام العسكرية العربية المعاصرة. كان الشاذلى صاحب خطة "المآذن العالية" التى قامت على أساسها حرب أكتوبر، وصاحب فكرة العملية الهجومية المحدودة والتمركز لحين بناء قدرات تسمح بالاستمرار فى القتال من أجل تحرير كامل التراب الوطنى. وفى عام ١٩٩٨ - والكلام لمصباح قطب - أقيمت "الندوة الاستراتيجية عن حرب أكتوبر" بمناسبة اليوبيل الفضى للحرب، وشاركت سوزان مبارك فى جلسة خاصة، كما شارك جمال مبارك، وتحدث فى جلسة أدارها الدكتور مصطفى خليل، رئيس الوزراء الأسبق، وكان المشهد غريبا.. جمال وسوزان وغيرهما على المنصة، والفريق سعد الدين الشاذلى غائب. تساءل مصباح قطب حينها عن سبب استبعاد الشاذلى وسر التشدد فى منع وسائل الإعلام من إجراء مقابلات معه. أقترح على الفريق الشاذلى توجيه أهم ٢٥ سؤالاً عن الحرب إلى المشاركين فى الندوة عبر "الأهالى" فتحمس وكتب بخط أنيق أهم علامات استفهام تحيط بالحرب. في بيت الشاذلي راجعاها معاً وعدلا ما توجب تعديله لأسباب مختلفة. نظرا لاحتياجات وضرورات المرحلة الحالية والمستقبلية لمصر لفت نظري بشدة السؤال الثامن الذي يقول: ما الحدود الفاصلة بين مسؤولية القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة فى الأمور الحربية بصفة عامة، ومن حيث تحديد الهدف من الحرب وأسلوب تنفيذ هذا الهدف بصفة خاصة، فمن المعروف أن جميع الدول المتقدمة تأخذ بمبدأ الفصل الواضح والدقيق بين القيادات السياسية والقيادات العسكرية، فرئيس الجمهورية فى النظام الرئاسى ورئيس الوزراء فى الأنظمة البرلمانية ومعهما باقى الوزراء وفى مقدمتهم وزير الحربية يمثلون القيادة السياسية التى تتخذ قرار الحرب وتحدد الهدف من هذه الحرب، أما رئيس أركان حرب القوات المسلحة فى تلك الدول فهو الذى يمثل قمة القيادة العسكرية، وهو الذى عليه أن يحقق الهدف، الذى تحدده له القيادة السياسية بالأسلوب الذى يراه دون أى تدخل من القيادة السياسية، إلا من أجل تنسيق المواقف وتقديم المساعدة والتأييد السياسى والإعلامى. دول العالم الثالث تخلط الأوراق والمسؤوليات السياسية والعسكرية، وذلك عندما تقوم بتنصيب وزير الحربية قائداً عاماً للقوات المسلحة، فيصبح من يشغل هذا المنصب، نصفه سياسى ونصفه عسكرى، وبذلك تضيع مسؤولية أى قرار خاطئ بين القيادتين السياسية والعسكرية، فلماذا تتمسك مصر بهذا الأسلوب الذى كان سبباً مباشراً لجميع الأخطاء التى ارتكبت خلال حرب أكتوبر ٧٣؟.. جاء الآن وقت الإجابة عن السؤال الذي طرحه المرحوم الفريق الشاذلي وقد لقي ربه في يوم تنحي الرجل الذي ظلمه وحاول جاهدا محو اسمه من سجل العسكرية والبطولات المصرية. وقيل إنه أوحى لمن محا صورته على شمال الرئيس الراحل أنور السادات أثناء مناقشة خطة عبور القناة ووضع بدلا منها صورة الرئيس المخلوع وكان أيامها قائدا للقوات الجوية. مصر وهي مقبلة على دستور جديد يجب أن تعيد الفصل بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية وتمنع التداخل بينهما، فهذا أمر مهم للغاية تطبقه جميع دول العالم الديمقراطي بأنظمتها الرئاسية والبرلمانية.. فالقيادة العامة العسكرية يجب أن تكون في يد رئيس الأركان وهذه بديهة معروفة.. أما وزير الدفاع فالمفترض أنه شخصية سياسية مدنية ضمن القيادة السياسية التي يتزعمها رئيس الحكومة في النظام البرلماني ورئيس الجمهورية في النظام الرئاسي. هذا التوازن ضروري جدا لتفادي الأخطاء التي وقعت في الماضي، ولتأسيس نظام قادر على بناء دولة ديمقراطية قانونية غير قابلة للفرعنة. ذلك سيخرجنا سريعا من الضبابية الحالية والتردد الذي نلاحظه نحو تسليم السلطة لقيادة سياسية. وعلى المنوال نفسه ينبغي أن يكون وزير الداخلية شخصية سياسية أيضا.. عملية البناء السليم مهمة للغاية في الدستور الجديد. فقد مضى عهد التكويش على السلطات ولا مكان في المستقبل لمن يجمع أوصاف الرئيس المؤمن، القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس المجلس الأعلى العسكري، ورئيس المجلس الأعلى للشرطة، ورئيس المجلس الأعلى للثقافة.. إلخ. حسني مبارك هو آخر الفراعنة الذين حكموا مصر ولن يأتيها فرعون جديد إلا إذا قمنا كعادتنا بفرعنته بواسطة ترزية القوانين والدساتير!