10.01°القدس
9.77°رام الله
8.86°الخليل
15.9°غزة
10.01° القدس
رام الله9.77°
الخليل8.86°
غزة15.9°
الخميس 05 ديسمبر 2024
4.6جنيه إسترليني
5.1دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.62دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.6
دينار أردني5.1
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.62

خبر: تناقض حزب الله بين البحرين وسوريا

أدان حزب الله ما وصفه بـ»الإجراءات القمعية» التي تنفذها السلطات البحرينية بحق مواطنيها ولاسيما النساء. واتهم الحزب في بيان له السلطات البحرينية بتصعيد «الإجراءات القمعية التي تنفذها ضد المواطنين، والتي وصلت حد اعتقال عشرات النساء واستخدام أساليب ترهيبية بحقهنّ». وقال الحزب إن ما قامت به السلطات البحرينية باعتقال «النساء وإهانتهنّ وتقييدهنّ بالأصفاد ورميهنّ فوق بعضهنّ وتوجيه كلمات طائفية لهنّ» يعتبر انتهاكا «غير مسبوق لحرمة المرأة العربية والمسلمة». إذا صحّ ما يقوله بيان الحزب فهو يستحق الإدانة من دون تردد، ونحن مع الحرية والتعددية في البحرين وسوريا واليمن وليبيا وسائر الدول العربية، لكن من يتابع إعلام حزب الله يعتقد أن الانتفاضة الشعبية ليست متوفرة إلا في البحرين، حيث لا نسمع منه غير رواية واحدة لما يجري، هي رواية القوى الشيعية، مع أن للطرف الآخر روايته للأحداث أيضا. سيقال إن القوى السنية تقع في تناقض مشابه حيث تتجاهل ما يجري في البحرين، وهذا صحيح بقدر ما بسبب الحشد المذهبي في المنطقة بعد احتلال العراق، والذي ساهمت فيه من دون شك أخطاء إيرانية كثيرة، وخطاب مذهبي من قبل بعض القوى الشيعية، لكن الأهم أن ما يجري في البحرين لم يصل بحال من زاوية مستوى وطبيعة الحراك الشعبي وقمع السلطة حدود ما جرى في مصر وتونس واليمن وليبيا وسوريا. في البحرين نظام ملكي لا يحتمل الوضع المحيط شعار إسقاطه، لكن ذلك لا يبرر بحال ما يجري من انتهاكات بحق المواطنين الشيعة، ونحن نتناقض مع أنفسنا إذا بررنا ما يجري بدعاوى مذهبية، ليس فقط لأننا نعتبر الشيعة من أهل الملة رغم كل الخلافات، بل أيضا لأن الحقوق المدنية لا ينبغي أن ترتبط بالأديان والمذاهب التي تدخل تحت قاعدة «لا إكراه في الدين»، وبالضرورة في المذهب، والنتيجة هي رفض اعتبار الأفكار مبررا للقمع ما لم تتحول إلى تهديد حقيقي للوطن ومقدراته ووحدته واستقلاله. للشيعة في البحرين مطالبهم العادلة. ليس لدينا اعتراض على ذلك، ونحن مع تصحيح الخلل القائم من دون أدنى شك، ومن يعتقد أن أمرا كهذا سيعرّض أهل السنة ومذهبهم إلى خطر داهم من خلال إيران، فهو لا يستحق المناقشة، لأن أمة السنة ليست بتلك الهشاشة التي يصورها البعض، والذين ينبغي أن يخافوا على مذهبهم من الانقراض بسبب ثورة التواصل والانفتاح الجديدة هم الشيعة تبعا للأبعاد الأسطورية التي تحكم مذهبهم، فضلا عن البعد الوراثي في الحكم والسلطة والدين، والذي لا يتناقض مع روح العصر وحسب، بل يتناقض أيضا مع روح الإسلام التي تقدم الكفاءة على النسب وتعتبر الحكم شورى بين المسلمين (نكرر مرة أخرى بأنهم أحرار فيما يعتقدون، لاسيما أن أكثر الناس يأخذون أديانهم ومذاهبهم بالوراثة). والحق أن القضية في مجملها سياسية لا علاقة لها بالأديان و المذاهب، والسياسة ولاء في نهاية المطاف، وصاحب السلطة يبحث عن موالين، ولو كانوا من الملحدين أنفسهم، وكثيرا ما رأينا أنظمة سياسية تستعين بالنخب العلمانية، وأحيانا اليسارية والقومية في مواجهة الشارع الشعبي، كما رأينا أنظمة تستعين بالإسلاميين في مواجهة اليساريين والقوميين، ثم تنقلب عليهم بعد حين. ما يعنينا هنا هو أن حزب الله يقع في التناقض الذي اتهم به سواه، كما فعل السيد نصر الله عندما هاجم الشيخ القرضاوي بسبب تأييده للثورات العربية باستثناء البحرين، مع أن رواية الشيخ كانت تعبر عن تحفظ على الثورة تبعا لمذهبيتها وعدم تعبيرها عن جماهير الشعب برمته، وهو ما قد ينطبق بقدر ما على الانتفاضة السورية، مع فارق أن السنة في البحرين أكبر بكثير من حيث النسبة من العلويين في سوريا. تقتضي الأمانة هنا القول إن حركة الوفاق في البحرين وإن عرفت بتعبيرها عن الغالبية الشيعية، فهي لا ترفع شعارات مذهبية مباشرة، بقدر حديثها عن الحرية والعدالة والمساواة، لكن الطرف السني لا يقتنع بما تقول، إذ يرى أن ذلك محض تدليس لإخفاء الأهداف المذهبية، ومعها نوايا التبعية لإيران. أيا يكن الأمر، فإن خطاب حزب الله، ومهما بلغ من الذكاء لن يخفي البعد المذهبي في الموقف من البحرين وسوريا، حتى لو استخدمت شعارات الممانعة والمقاومة في الحالة السورية، ولو كان نظام البحرين سيد الممانعة لما اختلف موقف الحزب، بدليل علاقاته الوثيقة مع القوى الشيعية العراقية التي جاءت على ظهر الدبابة الأمريكية. القوى السياسية والحزبية تقع في التناقض في أكثر الأحيان، وها هو حزب الله يقع فيها بشكل مفضوح، لكن المثقفين شيء آخر، ومن المعيب أن يكون أيا من هؤلاء مع ثورة الناس في تونس ومصر واليمن، بينما يكونون ضدها في سوريا، تماما كما يرى حزب الله اعتقال بعض النساء في البحرين جريمة، بينما لا يرى قتلهن واعتقالهن في سوريا جريمة مماثلة، فيما يعلم الجميع أن القمع في سوريا لا يقارن بحال بمثيله في البحرين. في هذه المعمعة خسر حزب الله الكثير من شعبيته بين جماهير الأمة، تلك التي حصل عليها عبر بطولات أبنائه في مقارعة الصهاينة، كما خسرت إيران أيضا، ولم يربح سوى أولئك الذين يلعبون على التناقض المذهبي الذي تتصاعد خطورته يوما إثر آخر بعد زمن وقفت فيه الأمة خلف ثورة إيران ومقاومة حزب الله من دون تردد، ولو اتفقت جميع القوى الحية في الأمة على دعم خيارات الشعوب في الحرية والكرامة لصار الوضع أفضل بكثير