يتوالى تسجيل المواقف البطولية والمشرفة، هذه المرة ليست من أبطال حماس وكتائبها المظفرة، بل من قبل عائلات الاسرى الذين لم ترد اسماء أبنائهم في صفقة تبادل الاسرى مع الجندي شاليط. ورغم أنهم مروا بأقسى لحظات حياتهم حينما نشرت الاسماء الواردة في الصفقة ولم تحتوي على ذكر لاقاربهم الاسرى، إلا ان تلك الاسر مسحت دموعها واسترجعت معنوياتها وباركت للمحررين وشكرت حماس من كل قلبها على هذا الانجاز الوطني غير المسبوق، معبرة عن سعادة غامرة تجتاحها بنجاح التبادل، كاشفة عن خصلة لا تكون إلا لدى المخلصين الا وهي "الايثار على أنفسهم وابنائهم ولو كان بهم خصاصة". هذا حال عوائل قادة حماس التي كانت تترقب اطلاق سراح ابنائهم المحكومين بالمؤبدات أمثال عائلة القائدين معاذ وعثمان سعيد بكر بلال من نابلس، وعائلة القائد القسامي جمال أبو الهيجاء من جنين وعائلة القائد القسامي فتحي رجا الخطيب من قرية قفين بطولكرم، وعائلة القائد القسامي عبد الله السيد من طولكرم أيضا. [title]أم الابطال[/title] لا تملك وأنت تقف كالتلميذ امام معلمه إلا أن تصمت وتخشع وتبكي وأنت تنصت إلى الحاجة السبعينية ام بكر بلال، فهي نموذج لا يتكرر لامرأة صابرة مجاهدة تربت على يد أحد أبرز مؤسسي حركة الاخوان المسلمين في فلسطين الشيخ المرحوم سعيد بلال ووالدة الاسود الخمسة الذين طالما اجتمعوا في السجون وتركوا والدتهم وحيدة، في سبيل الله ورفع رايته عالية خفاقة، وفي سبيل وطنهم ومقاومة عدوهم الاول. تقول أم بكر لـ"فلسطين الآن" التي زارتها في بيتها "لي الآن ثلاثة أبناء خلف القضبان هم معاذ والمحكوم بالسجن المؤبد 26 مرة وشقيقه عثمان والمحكوم بالمؤبد مدى الحياة وهما معتقلان منذ عام 1994 و1996 على التوالي، وعبادة -يعاني من إعاقة بصرية شبه كاملة- والمحكوم بالسجن 11 عاما تنتهي خلال اشهر قليلة لكن الاحتلال اعاد محاكمته مؤخرا واضاف إليها 22 عاما أخرين". وتضيف "منذ اسر شاليط وأنا أعيش على أمل رؤيتهم واحتضانهم، فأنا ممنوعة من زيارتهم منذ سنوات طويلة.. امل كان يتضاعف يوما بعد يوم والانباء كانت تتوارد عن اصرار حماس على شمل كافة المؤبدات في الصفقة وخاصة القدامى.. وتتعاظم مع قناعتي التامة بذلك،، لكن ما أن نشرت القوائم شبه النهائية للمنوي الافراج عنهم تبين أن عثمان ومعاذ ليسوا منهم، في حين ان عبادة سيبعد إلى قطاع غزة.." هنا أسودت الدنيا في وجهها وتحشرج صوتها،، لكن هذه السيدة الاصيلة استرجعت وحوقلت .. وأخذت نفسا عميقا وبدأت بالدعاء لهما بأن يكتب الله لهما الفرج العاجل أسوة بالاخرين. لم نستطع أن نطيل بقائنا أمام هذا الجبل الاشم، ودعتنا وكلها رضا بقضاء الله، وهي تقول "الله لا ينسانا، وهو أملي الوحيد وملجأي الدائم.. ثم إن حماس لم تقصر يوما بحقنا وبحق كافة الاسرى.. يكفيني فخرا انهما أسسا اول خلية لنصرة الاسرى وها هما يؤثران أن يبقيا في السجن مقابل ان يخرج أخوانهم.. فحماك الله يا حماس وثبتك على الحق وعلى اكمال طريق المقاومة". [title]تربينا على الايثار [/title] عبد السلام أبو الهيجاء نجل القائد جمال أبو الهيجاء قائد معركة جنين البطولية عام 2002، وبعد ان تأكد من خلو الصفقة من اسم والده، عبر لـ"فلسطين الآن" عن فخره بالصفقة ونتائجها المشرفة رغم عدم ورود اسم والده فيها، وأضاف "لقد استمعنا للشيخ الفاضل المجاهد صالح العاروري عبر قناة القدس الفضائية حين قال: "قاتلنا حتى اللحظة الاخيرة على الاسير جمال ابو الهيجا والوفد "الاسرائيلي" طلب طائرته ليغادروا اعتراض على اسمه وكانت الصفقة ستعطل نهائيا"، وهذا يؤكد ان حماس لا تنسى رجالها، لكن المصلحة العامة دوما مقدمة على الشخصية، وهذا ما تربينا عليه وما ربانا عليه والدنا حفظه الله". واستدرك قائلا "حماس التي صنعت التاريخ المشرف التي انتزعت من الاحتلال الافراجات المميزة عن الاحباب والاخوان والاصدقاء... هذه صفقة تاريخية ومشرفة.. نحن نعتز بحماس وقادتها العظماء.. هذه الحركة المجاهدة هي الأوفى للقضية الفلسطينية وللاسلام والمسلمين.. لذا فالفرج ات لا محاله .. الله لا ينسى عبادة المخلصين العاملين.. والله نعتز باسلامنا وثم بفكر الاخوان المسلمين وحركه حماس وجند القسام". [title]يكفينا الاسيرات[/title] الحال لدى عائلة الخطيب كان مختلفا بعض الشيء، فقد كان الامل يراودهم إلى أبعد الحدود بشمول الصفقة لوالدهم الاسير فتحي الخطيب المحكوم بالمؤبد 29 مرة لمسؤوليته عن عملية فندق "باراك" التي نفذتها خلية طولكرم تحت إمرة القائد عباس السيد. يقول نجله مصعب "القائمة التي نشرت لم تضم اسم والدنا الحبيب.. كانت مفاجاة كبيرة لي ولأهلي جميعا خاصة جدتي التي كانت تنتظره بفارغ الصبر.. عندما كانوا يتحدثون عن اطلاق سراح اصحاب المؤبدات توقعنا ان والدنا سيكون أحدهم نظرا لحكمه المرتفع، وبقي هذا الامل يرادونا حتى أخر لحظة". وتابع لـ"فلسطين الآن" وعلامات الرضى ترتسم على وجهه "حتى عندما نشرت القائمة الاخيرة، حاولنا التمسك بالامل وانتظرنا خروج الشيخ صالح عبر قناة القدس ليتحدث معه شقيقي معاذ، حينها اوضح الشيخ أن الاحتلال رفض بشكل مطلق الافراج عن ابي رغم محاولات حماس ضمه للصفقة.. حينها دخل اليقين إلى قلبونا انه سيبقى أسيرا، لكنني اقسم بالله أنه حتى لو لم تشمل الصفقة والدي الحبيب، فسنعيش الفرحة "غصبن عن اليهود"،، يكفينا سعادة أن تخرج كلّ أخواتنا الأسيرات من سجون الظلم والطغيان،، ولا شك أيضا أن والدي قانع بقضاء الله وقدره وسعيد بتحرر اخوانه.. وللعلم فالسجن ما بسكر على حدا". اذن هي مواقف ترد بل وتصفع كل من يحاول التأثير بتصريحاته "المخزية" على هذا الانجاز الوطني غير المسبوق.. وعلى كل من يزاود على حماس ومفاوضيها الاشاوس الذين وصلوا الليل بالنهار من أجل تامين حرية هذا العدد الكبير من اسرى المؤبدات والنساء والقدامى واسرى القدس والداخل المحتل.. هؤلاء الذين جعلوا الاحتلال يجثوا على ركبتيه مقرا بهزيمته الساحقة. وهي رسالة أيضا أن الفلسطيني الحر الشريف يسلم بقضاء الله، كما أنه يسلم بإخلاص إخوانه ويثق بقدراتهم ويشيد بمواقفهم.. ويعمل لصالح دينه ودعوته وللصالح العام قبل ان يفكر بنفسه او دائرته الضيقة.. هؤلاء هم أبناء الحماس.