26.08°القدس
25.85°رام الله
27.19°الخليل
27.83°غزة
26.08° القدس
رام الله25.85°
الخليل27.19°
غزة27.83°
الإثنين 14 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: مقاولة من الباطن

مصر بعد ٣ يوليو ٢٠١٣ لا تتحدث عن الاقتصاد، ولا تتكلم عن المال . الاحتياط النقدي بالعملات الأجنبية يتناقص ولكن لا حديث عنه في إعلام رجال الأعمال أو إعلام الدولة . لا أخبار ولا برامج حوارية عن الجنيه المصري وحالته أمام الدولار . لا حديث في مصر عن القمح ولا عن العيش ،ولا عن ارتفاع الأسعار ، ولا حتى عن الاحتكار ، وعودة السوق السوداء. مصر الآن لا تتحدث عن شيء من هذا مماله علاقة بالحياة اليومية للمواطن الفقير والمعدوم . مصر تتحدث عن الإخوان وعن الاعتصامات ، وعن التهديدات التي تمثلها اعتصامات رابعة أو النهضة ، وتتحدث عن الدراما والمسرحيات و لا شأن لها بالرئيس المؤقت أو بالحكومة أو بالشأن العام ، فقد انتهى دورها ، بانتهاء مقاولة الباطن . مصر لا تتحدث الآن عن العدالة ، وعن القانون ، ولا تناقش البرامج الحوارية قرارات النائب العام وسلطاته ، ولا تعقب على أحكام الإيقاف والحبس على ذمم التحقيق ، ولا حديث عن اعتقالات الفجر ، ولا عن إضراب المعتقلين عن الطعام ، ولا حديث عن حقوق المواطن وانتهاكات حقوق الإنسان. في عام واحد في ظل حكم محمد مرسي غرقت مصر في بحر من الثقافة القانونية ، وعرف المجتمع المصري كل أصناف المحاكم الإدارية ، والجنائية ، والعليا ، والنقض ، والدستورية ، وتحدثت الفنانات والراقصات عن القانون ، وعن آليات تعيين النائب العام ، وعن الإعلانات الدستورية الصحيحة والمكملة ، وخاطب الزند وغيره العالم القانوني باللغات الأجنبية ، وأشعل القضاء النيران في كل المحطات التي توقف عندها قطار محمد مرسي وحكومته . وبعد أن انتهى العام وزع القضاء الشهادات على المشاركين ، ومنحهم إجازة تفرغ بعد أن تسلم العسكر والنائب العام المهام كلها ، ولم تعد مصر في حاجة إلى ثقافة قانونية ، ولا إلى حوارات قضائية ، فالتيار الإسلامي المعتقل والملاحق بالقمع لا شأن له بالقانون . مصر التي توقفت عن الحديث في الاقتصاد ، وعن الحديث في المال ، وعن الحديث في القانون والقضاء ، توقفت عن الحديث في الكرامة الإنسانية التي هي حق للمواطن كالعيش والعدالة سواء بسواء . لا حديث في إعلام مصر عن الذين فقدوا حياتهم بيد البلطجية ، أو الداخلية ، أو الجيش ، لأن من يُقتل برصاص الدولة اليوم لا كرامة له ولا حقوق له ، لأنه عرض نفسه للموت بخروجه في مظاهرات ضد الدولة التي تملك الحياة وتملك الرصاص أيضاً . إعلام مصر الذي أرهق محمد مرسي والإخوان قبل ٣ يوليو ، وأدخلهم إلى عالم الشياطين والعفاريت من خلال مقاولة الباطن قطع لسانه وألقاه بعيدا عن السياسة بعد٣ يوليو ، ودخل عالم الدراما والمسلسلات تخفيفاً وترويحاً عن الحبيب بعد عام من الشقاء والضنك ، وتعتيماً على رابعة والنهضة ، وإخفاء لتوغلات الداخلية وعدوانا على كرامة المواطنين . مصر قبل ٣ يوليو ليست هي مصر بعده وتلكم حقيقة تقوم عليها شواهد واقعية تستفز الدارسين والباحثين لقراءتها بحسب مناهج الحداثة ، ومعطيات علوم النفس وعلوم المال ٠ قد يختلف الدارسون في تحليل الظواهر والمدخلات والمخرجات ، ولكنهم لا يختلفون أبداً على الحقيقة القائلة بانقلاب المشهد بكل مكوناته المنظورة وغير المنظورة في ذلك اليوم .لذا يجدر بكل مهتم أن يحذر مقاولات الباطن.