10.01°القدس
9.77°رام الله
8.86°الخليل
15.9°غزة
10.01° القدس
رام الله9.77°
الخليل8.86°
غزة15.9°
الخميس 05 ديسمبر 2024
4.6جنيه إسترليني
5.1دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.62دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.6
دينار أردني5.1
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.62

خبر: تبادل الأسرى إنجاز بارز للمقاومة

المعنى أهم من الحجم . المعنى المستفاد من تبادل الأسرى بين الفلسطينيين و”إسرائيل” ليس عدد الأسرى المفرج عنهم، بل تعزيز صدقية خيار المقاومة وفعاليته . لولا الإصرار على نهج المقاومة وأسر جلعاد شاليط في مسار الكفاح، لما أمكن النجاح في إطلاق الأسرى . ثم إن عدد المفرج عنهم ليس كبيراً فحسب، بل ينطوي على جانب نوعي أيضاً . هل الإفراج عن 1027 أسيراً فلسطينياً مقابل أسير “إسرائيلي” واحد إنجاز بسيط؟ ألا ينطوي الإفراج عن جميع الفتيات والنساء والأطفال الأسرى على مزية نوعية؟ أليس الإفراج عن 315 أسيراً محكومين بالسجن المؤبد وعن عدد من ذوي الأحكام المديدة (عشرات السنوات) إنجازاً نوعياً؟ في سياق الأهمية النوعية والعددية لمزايا صفقة الإفراج، تبرز أهمية موازية تتمثل في أنها تشمل معتقلين من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس وأراضي 1948 المحتلة والجولان والشتات . لذلك أصاب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل بإعلانه أن إنجاز الصفقة “تعبير عن وحدة الوطن ووحدة الشعب الفلسطيني من خلال شمولها جميع الفصائل ( . . .) فمن أفرج عن 1027 أسيراً سيفرج عن ال 7000 أسير الباقين” . إلى ذلك، أكبرت فصائل المقاومة الفلسطينية والعربية تمسّك حركة “حماس”، أثناء المفاوضات بأن يكون القائد الفتحاوي مروان البرغوثي والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، بين المفرج عنهم . ألا يدل هذا الموقف، بصرف النظر عن نتيجته، على وحدة الهدف والنهج لدى الفصائل الملتزمة خيار المقاومة؟ ثمة معنى آخر بالغ الأهمية، فقد تجمّع آلاف الفلسطينيين قرب مسجد الخلفاء في شمالي قطاع غزة فور “الإفراج” عن خبر الصفقة، وهم يرددون تأييدهم لكتائب القسام والفصائل التي شاركت في أسر شاليط، ويدعون إلى أسر المزيد من الجنود الصهاينة لضمان إطلاق كل الأسرى من سجون “إسرائيل” . ألا تؤكد شعارات هذه التظاهرة تجديد التزام الشعب الفلسطيني نهج المقاومة والإيمان بفعاليته؟ وبعد . . ينهض سؤال: ما انعكاسات الحدث على قضية فلسطين في وضعها الحالي على الصعيدين الإقليمي والدولي؟ ضخ الإفراج عن الأسرى جرعة معنويات عالية في عروق الشعب الفلسطيني، ما سيؤدي إلى تأجيج مشاعر التأييد الجارف للمقاومة وإرادة الاستمرار فيها على صعيدي الوطن المحتل والشتات . وذلك سينعكس إيجاباً على قضية الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة في الأمم المتحدة . غير أن دول الغرب الأطلسي وأوساط اللجنة الرباعية الدولية ستفسّر الصفقة بأنها دليل على مرونة “إسرائيل”، وأنها ستحاول توظيفها في المساعي الرامية إلى استئناف المفاوضات بين “إسرائيل” والفلسطينيين . بنيامين نتنياهو سيحاول الإفادة من الحدث لتغطية مشروعه الجديد الرامي إلى “تشريع” البؤر الاستيطانية العشوائية المبنية على أراضٍ فلسطينية خاصة . ولا يُستبعد أن يطلب لاحقاً إلى الولايات المتحدة التلويح للسلطة الفلسطينية بأنه على استعداد لوقف هذا المشروع لقاء استئناف المفاوضات بين الطرفين من دون شروط . الشعب الفلسطيني لن يقبل بالتأكيد هذه المقايضة الرخيصة . على صعيد الرأي العام العالمي، ستتفاوت المشاعر إزاء صفقة الإفراج . البعض سيعدّها نقطة إيجابية لمصلحة “إسرائيل”، بينما سيعدّها البعض الآخر دليلاً قاطعاً على وجود الآلاف من الفلسطينيين معتقلين ظلماً وعسفاً واستبداداً، وأنه آن الأوان كي تنهي “إسرائيل” احتلالها للضفة الغربية . غير أن ثمة حقيقة ساطعة إضافية لا سبيل إلى تجاوزها . إنها إعادة تركيز فلسطين، قضيةً وشعباً، على خريطة العالم السياسية، وهو إنجاز سيترك انعكاسات سياسية إيجابية في مختلف الميادين . كما أن من شأن الحدث أن يعيد تلميع دور مصر الإقليمي، ولا سيما في الصراع الفلسطيني-”الإسرائيلي”، فقد حرص مشعل على التنويه بدور مصر في المفاوضات الطويلة التي جرت لإنجاز الصفقة . يبقى سؤال مطروح بقوة في الأوساط الفلسطينية والعربية: هل يساعد حدث الإفراج عن الأسرى في توحيد الفصائل الفلسطينية واستكمال ترميم الوحدة الفلسطينية؟ الحقيقة أن نزعة الوحدة والتضامن كانت تجلّت بقوة في الإضراب العام عن الطعام المعروف باسم “الأمعاء الخاوية” الذي شمل الأسرى الفلسطينيين من جميع الفصائل والتيارات السياسية . ويعتقد مراقبون أن شمولية الإضراب والتأييد الواسع الذي حظي به في الأراضي المحتلة والشتات، كان عاملاً رئيساً في حمل نتنياهو على إنهاء مماطلته الفاضحة لمسألة تبادل الأسرى وبالتالي التراجع عن بعض شروطه في هذا المجال . غير أن مرتجيات الشعب الفلسطيني تتجاوز النتائج الإيجابية لحدث الإفراج السابقة الذكر . ذلك أن المطلب الأهم والأجدى هو تنفيذ المصالحة الوطنية بين مختلف الفصائل والقوى الفلسطينية، ولا سيما بين “فتح” و”حماس” . أكثر من ذلك، تتوقع أغلبية الفلسطينيين أن يؤجج حدث الإفراج مشفوعاً بتنفيذ المصالحة الوطنية، إلى إطلاق انتفاضة فلسطينية ثالثة تنقل قضية فلسطين إلى مرحلة متقدمة على طريق التغيير والتحرير .