16.28°القدس
15.84°رام الله
16.61°الخليل
22.07°غزة
16.28° القدس
رام الله15.84°
الخليل16.61°
غزة22.07°
الإثنين 14 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: الكيماوي وتداعياته

1- الثورة السورية اندلعت ثورات الربيع العربي نتيجة الاحتقان الشديد الناشئ عن القهر والظلم وتراكم المشكلات والتقهقر الاقتصادي وتزوير الإرادة وهدر الكرامة وما لا يحصى من السلبيات. ولم تكن الثورة السورية بدعاً من هذه الثورات، بل كانت أحقها بالوقوف إلى جنبها وتأييد أهلها، لأن شدة القهر والظلم في الحالة السورية أشد، لكن الناس الذين اتفقوا في مجمل ثورات الشعوب العربية اختلفوا في الثورة السورية، في غير محل خلاف فيما أرى. وإنّما نشأ الخلاف من توهم أنّ النظام السوري نظام ممانعة ومقاومة وصمود وتصدٍ لمخططات الصهيونية والاستعمار، وهو ما لم يكن أكثر من شعارات وفن تسويق النظام السوري، تماماً كما سوّقت إيران نفسها نظاماً إسلامياً ثورياً يتبنّى قضايا الأمة وأهمها قضية القدس في الوقت الذي كان عمل هذا النظام نقيض شعاراته، وإنما روّج إيران في المنطقة تخاذل الأنظمة العربية حتى عن رفع الشعارات، ويبدو أنّ المعلم لم يكن يسمح لهم حتى بمجرد رفع الشعارات. من هنا نفذت إيران إلى نفوس الناس، وأثبت الشعب العربي العظيم أنّه فوق الطائفية وكلام نصر الله عن الطائفيين والتكفيريين مردود عليه، فقد حصّل هو نفسه من الشعبية ما لم يتم لأحد، فمن هم الطائفيون؟ ومن بدأ التحرش؟ ومن بدأ بإثارة النعرة الطائفية؟ 2- سلمية وتحولت قسراً بدأت الثورة السورية سلمية وحرص النظام السوري أن يجرّها إلى العسكرة ليبرر البطش والتدمير والدموية التي يكتنز بها صدره، وتماماً هو الذي فعله القذافي وعلي الصالح غير الصالح. وبدأت العسكرة في الثورة بعد المجازر والاغتصابات والقصف العنيف. وبدأت العسكرة بالانشقاقات للجنود، فكانوا ينشقون بسلاحهم الخفيف وبدؤوا بحماية المتظاهرين وحماية القرى من الاجتياح الطائفي خاصة قرى حمص. ثم بدأ الواقع يفرض نفسه، فزادت العسكرة تدريجياً بزيادة الانشقاق ومن شدة ما رؤوا من طائفية وتعصب وفظاعات في القتل، وزاد بطش النظام وقصف الطائرات، ثم دخلنا في طور ومرحلة قصف المدن بصواريخ «سكود»، وصار معدل القتلى اليومي في حدود المئتين ويقفز أحياناً إلى 400. ثم انتقل النظام نقلة أخرى إلى استخدام الكيماوي وكان هذا تطوراً طبيعياً في سلوك نظام لم يبق في جعبته شيئاً. نقول هذا الكلام ونسوق هذا التسلسل لنخاطب بعض من لا يزال مفتوناً ببشار يدعو له بالانتصار على شعبه الأعزل الذي قدّم قرابة المئتي ألف من الشهداء، وإن لم يبلغهم فإنّه بالغهم ومتجاوزهم، فهذا نظام بلا أدنى قيم أو مثل أو شرف أو مبادئ أو شمم أو رحمة أو إنسانية، ولو لم يكن النظام في تناغم مع «إسرائيل» وتفاهم سري ضمني ما سكت عليه العالم طيلة هذه المدة، وإنّما السكوت دليل التواطؤ، ودفاع «إسرائيل» عنه في كل صعيد كدفاعها عن السيسي فوق المكابرة. 3- ما سر استخدام الكيماوي هذه الأيام؟ هل صحيح ما أشيع عن انشقاق ماهر الأسد عن أخيه بشار وأنّه هو الذي يقف وراء قصف الكيماوي رغم إرادة بشار؟ أم أنّ سكوت الغرب المشين والمريب عن مجازر السيسي جعل نظام الأسد ببشاره وكل قياداته يتجرؤون على الكشف عن أنفسهم بهذا القصف المحدود غير المعلن أو المفضوح؟ أم أنّ هناك سيناريو ثالث هو أنّ النظام مضغوط يريد أن ينفس عن نفسه فلجأ إلى هذه المجزرة؟ كل هذه السيناريوهات مطروحة، وبقي من السيناريوهات ما ذكره بعض الكتاب من أنّ الغرب ربما يكون استدرج بشار بالإيحاء له بالضربة كما حصل مع السفيرة الأمريكية ابريل غاسبي التي أوحت لصدام بأنّ أمريكا غير مهتمة بأيّ صدام يقع في المنطقة (يقصدون بين دول الإقليم كالعراق والكويت مثلاً..) ثم قتلت في حادث سير في أمريكا. ولماذا الغرب يتحرك الآن وقد استخدم الكيماوي منذ قرابة السنتين؟ نحن لا نعلم ممّا يخططون، ولماذا كانوا يصرّون على إجراء تحقيقات وتشكيل لجان وفي هذه المرة حكموا بلا لجان ولا فحص ولا تدقيق؟ أسئلة حائرة. لكن هذا ما حصل. من هنا فإنّا لا نفرح بامتلاك دولة عربية لسلاح متطور أو غير متطور لأن الأنظمة لن تستخدمه ضد عدو الأمة، بل من المضمون أنّها تستخدمه ضد الشعب، والتجارب أثبتت ذلك، وأُعدم صدام لأنه خَرم القاعدة! 4- ضرب الغرب لسوريا أضرار محضة تضعنا الأنظمة القذرة في خيارات رديئة دائماً، فالقتل اليومي الفظيع للشعب السوري يجعل هذا الشعب، كإخوانه في ليبيا، يستنجد بأيّ أحد ينقذه من هذا الواقع. والمنقذون الجاهزون في حالة العجز العربي المزمن ليس إلاّ الغرب الذي تحكمه «إسرائيل». من هنا أعلن الغرب عن ضربة مشبوهة في توقيتها محدودة في تأثيرها أعلن سلفاً أنّها لا تريد إسقاط الأسد، وأنّها ستشمل قوات النظام أو أهدافاً محددة له، والمنظمات الإرهابية المتطرفة يعني بالعربي من يقاومون النظام السوري، فهي ضربة للجلاد والضحية، لإضعاف الطرفين، لتطول الحرب ويمتد التدمير. وإذا ترنّح النظام ليسقط لم يكن القائد من تعيين الشعب أو العالم العربي وإنّما الغرب هو من يتحكم فيمن يقود، ألم تفرض دولة عربية داعمة انقلاب السيسي رئيس الائتلاف السوري بحجة أنّها هي من يدعم الثوار، وهي تدعمهم دعماً محدوداً لأهدافها، ولم تفهمنا تلك الدولة ما الفرق بين الدم السوري والمصري. فحتى الثورات تزرعها الشعوب وتسقيها من دمها فإذا جاء الحصاد، تقدَّم الأقوياء ليخطفوا ويقطفوا الثمرة، وكأن الشعب لم يثر ولم يضح؟ وما الذي جرى في ليبيا من خراب بعد القذافي، وهو بالمناسبة تغذيه الدولة إياها والقطر الذي دعمت انقلابه، وتحرك الجميع «إسرائيل»، وكذا ما يجري في تونس، حتى لا تقوم للأمة قائمة. 5- تداعيات الكيماوي ضرب سوريا ليس لمصلحة الشعب السوري، بل من مصلحة أمريكا أن يظل النظام يقتل يومياً من شباب سوريا ويضعفها ويدمّر بنيتها ووجودها ويدخلها في العصر الحجري. وأزعم أنّ التدخل الأمريكي لم يكن يوماً لمصلحة الشعوب، فهذا آخر ما تفكّر به أمريكا، لكن المستفيد الأول من الضربة ربما يكون النظام نفسه فأنت بضربه تعطيه غطاء أخلاقياً أنّه ما ضرب إلاّ لأنه قوة مضادة لأمريكا. وثاني المستفيدين «إسرائيل»، فمن مصلحتها تدمير قدرات سوريا بقطع النظر عن رضاها عن آل الأسد. وثالث المستفيدين إيران فهي ستبدو راعية الثوار الأبطال الواقفين في وجه أمريكا. وندع حديث المستفيدين للحديث عن التداعيات، فهل تتطور الحرب إلى حرب إقليمية تدخل فيها إيران على الخط وحزب الله لضرب «إسرائيل»؟ هل تتخذ الضربة غطاء لمصيبة كبرى نخمّنها ولا نعرف ما هي بالضبط؟ هل الأردن سيتضرر من هذا الحريق بالجوار وإلى أيّ مدى؟ ولبنان كذلك بالطبع؟ هل ستضرب إيران عصب أمريكا في المنطقة، أعني نفط السعودية والإمارات وهي تعلم أنّ حرب إيران والعراق ما توقّفت إلاّ عندما ضرب النفط؟ وبعد، فمن الذي أدخل المنطقة في هذه المتاهة؟ كل العالم حمّل صدام جراء التدخل الأمريكي ولكنه يأبى أن يحمّل بشار تبعات وتداعيات ضرب الشعب بالكيماوي، فلماذا؟