16.28°القدس
15.84°رام الله
16.61°الخليل
22.07°غزة
16.28° القدس
رام الله15.84°
الخليل16.61°
غزة22.07°
الإثنين 14 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: أرزاق تحت النار

صياد السمك في غزة بين نارين، نار الاحتلال ونار الأشقاء. هذه هي الحقيقة في الميدان وبدون مجاملات. طرادات الاحتلال الصهيوني تحاصر الصيادين الفلسطينيين في غزة ولا تسمح لقواربهم أن تصيد الأسماك على بعد يزيد عن ثلاثة أميال بحرية. العارفون بالبحر يقولون إنه لا يكاد يوجد سمك في الأميال الثلاثة الأولى التي تبعد عن الشاطئ. حالة الأرزاق والأعمال في غزة ضيقة. نسبة البطالة عالية. والحصار يحاصر العامل والمزارع والتاجر والصانع، وهو أشد قسوة على الصيادين. لقد اعتاد الفلسطيني منذ النكبة وحتى تاريخه على المغامرة في طلب الرزق، المغامرة هي جزء من حياة الأسر الفلسطينية وبالذات في قطاع غزة لضيق المساحة الجغرافية والزراعية، وقلة المصانع، لذا فأنت تجد الفلسطيني الغزي وغيره في كل الدول العربية وغير الدول العربية يطلب الرزق ويرسل فائض راتبه إلى أسرته وإلى أبويه في الوطن المحتل. المغامرة في فلسطين ليست كالمغامرة في أوروبا، المغامر الأوروبي يعبر في مغامرته عن حالة من الشبع والترف، والبحث عن الشهرة والتسلية، بينما الفلسطيني مضطر إلى المغامرة طلبا للرزق، وبحثا عن الحياة الكريمة، ليشبع حاجته وحاجة أولاده وأسرته، طلب الرزق في العالم محفوف برعاية الدولة، وحماية القانون، والناس يطلبونه بأمن وأمان في كنف حق الإنسان في الحياة والعمل، بينما طلب الرزق في غزة محفوف بالقتل والاعتقال، مع تشهير وتشويه بالاتهام بالإرهاب والتهريب. بالأمس القريب غامر عدد من صيادي السمك الفقراء بالاقتراب من الحدود الفاصلة بين غزة و رفح المصرية طلبًا للرزق الحلال، فبادرهم الأشقاء العرب بإطلاق الرصاص الحي عليهم، فأصاب بعضهم واعتقل آخرين، فاجتمعت أسرهم على البكاء والألم، وهي التي كانت تتوقع أن تفرح ببضعة أسماك تبيعها لتشتري لأبنائها ملابس المدرسة ودفاترها. في جلسات المواساة تجري قصص على ألسنة المواسين تفيض هماً وحزناً، ففي الحدث الأخير قال أحدهم للمصاب (أبو البحر - وأبو السمك -بدناش بحر وبدناش سمك!). فرد عليه تاجر جالس أيضاً للمواساة وأبو التجارة وبدناش تجارة ) فأنا تجارتي في مينا (اسدود) حجزوها لأكثر من ستة أشهر، ودفعوني ضريبة، ولما جاءتني كان نصفها (خربانة)! فقال ثالث لا توجد في غزة حرفة خالية من الخطر، وأنا متعجب كيف الناس عايشة؟! الناس حفرت الأنفاق لكي تعيش ومات في حفرها عديدون، واليوم العسكر المصري فجر الأنفاق، (وراحت على راح!) اليوم المقاول واقف عن العمل، والتاجر خلصت بضاعته، والمزارع تلفت مزرعته، والطالب خايف يسافر إلى مصر، والمعبر مغلق، والحياة كرب. (لسه) الصيادين في نعمة حتى وإن أطلق الطراد أو خفر السواحل عليهم النار. مساحة المقال الضيقة لا تسمح بالاستطراد في نقل القصص ونقل هموم الناس وهي هموم وقصص من الواقع يحكيها أصحابها بقلوب مجروحة، وعيون دامعة، ونفوس محبطة، أقل ما يقولونه، هل تصدق أن هؤلاء سيحررون القدس؟! هل سيقاتلون (إسرائيل)؟! هل نحن عرب وهل هم عرب؟! الأسئلة كثيرة ومربكة ومؤلمة ومع ذلك أقول: سيغامر الفلسطيني طلباً للرزق، لأنه ميت أيضاً إن لم يغامر. سيغامر في البحر وفي البر، وفي الأنفاق. سيغامر لأن كرامته هي أعز ما يملك