16.28°القدس
15.84°رام الله
16.61°الخليل
22.07°غزة
16.28° القدس
رام الله15.84°
الخليل16.61°
غزة22.07°
الإثنين 14 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: بينما نحن مشغولون أو لاهون

من الطبيعي أن يكون لمآسينا وتحدياتنا المحلية والوطنية النصيب الأكبر من اهتمامنا وجهدنا؛ إلا أن هذا الهم والعمل والجهد والجهاد لن ينجز إذا اتخذ الصفة الإقليمية الضيقة في حدود الوطن الواحد؛ فالعرب لم يعد لديهم فرصة في التغيير والخلاص من بطش الداخل ومؤامرات الخارج الا إذا تضافرت جهودهم، واجتمعت على ذات المبادىء والأهداف، وفي الوقت الذي تعاني فيه دولنا بسبب حكامنا المستبدين أكثر مما عانته أيام الاحتلال الأجنبي، وتتنوع المصائب والأحزان حتى ما عادت الأمة بمجموعها تطيق ما يحصل للمسلمين لولا ثقة المخلصين بنصر الله ووعده لعباده العاملين المؤمنين، وحرمة اليأس مع الإيمان. ومن قضايا الأمة المحورية التي ننساها بانشغالاتنا الداخلية قضية المسجد الأقصى الذي لا يتوقف العدو الصهيوني عن عملية تهويده، واستغلال غفلة العرب والمسلمين عنه، وقد بينت مؤسسة القدس الدولية في تقريرها السنوي(عين على الأقصى) أن السنة الماضية كانت الأشد على المسجد الأقصى منذ احتلال القدس؛ من حيث استمرار الحفريات ومشاريع التهويد والاقتحامات شبه اليومية من قطعان المستوطين، وبالمقابل فقد شهدت هذه السنة تحديدا، بحسب التقرير، انسحابا سياسيا رسميا شبه تام على المستوى العربي والإسلامي وتفاعلا شعبيا نجح على إبقاء قضية القدس حاضرة في الوجدان الشعبي ولكن بالحد الأدنى فقط!!! وفي الوقت الذي يتهافت فيه عرابو مسيرة التسوية على العودة الى المفاوضات وتقديم المزيد من التنازلات والتفريط العبثي، يتصاعد اهتمام الاحتلال بإحكام السيطرة على القدس والمسجد الأقصى، خصوصا على كل النواحي السياسية والدينية والشعبية، فقد قام العدو الصهيوني بتشكيل مؤسسة (الائتلاف من أجل المعبد) وتشمل تسعة عشر جمعية تحظى بدعم حكومي لتتولى شؤون الاقتحام الدوري والممنهج للمسجد الأقصى، وقد نجحت هذه الجمعيات باستصدار فتاوى من الحاخامات تشجع المستوطنين على اقتحام المسجد الأقصى، بعد أن كان محرما عليهم بحجة تسريع خروج المخلص وإعادة بناء الهيكل، وقد نجحت جماعات المعبد بالوصول الى سدة القرار السياسي في حكومة العدو ولها سبعة نواب في برلمان الاحتلال، يحتل بعضهم مواقع حكومية كوزراء ونواب وزراء، وقد نجحوا من خلال هذا اللوبي في الحكومة بطرح مشاريع قوانين لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا تخصص فيه تسع ساعات لصلاة اليهود، ومثلها لصلاة المسلمين مع اغلاق المسجد أمام أتباع كل ديانة في أعياد الديانة الأخرى، وبالرغم من سحب مشروع القانون مرحليا لتجنب تداعياته الا أن المستوطنين بمساعدة الشرطة يقومون بفرض سياسة الأمر الواقع بحماية المقتحمين وتسهيل دخولهم الى المسجد، والتضييق على المسلمين بالمقابل، والحد من تواجدهم ونشاطاتهم داخل المسجد، وفي حالة تصدى لهم المرابطون في المسجد الأقصى يستغل المستوطنون ذلك إعلاميا بحجة منعهم من العبادة وممارسة الشعائر، ويكسبون مزيدا من التأييد الدولي باعتبار المسجد الأقصى تراثا دينيا لكافة أتباع الديانات السماوية، في الوقت الذي يغفل فيه المجتمع الدولي عن التضيق على المسلمين، ويغض النظر عن الحفريات التي تتهدد وجود الأقصى برمته. وفي الوقت الذي تراجعت فيه أخبار القدس والمسجد الأقصى في الإعلام العربي باعتبارها أخبارا غير ساخنة، قام العدو بإنتاج فيلم ترويجي عن المسجد الأقصى، يظهر فيه مشهد هدم قبة الصخرة وبناء الهيكل المزعوم مكانها، ونشرت القناة الرسمية الثانية تقريرا دعائيا حول تقدم العمل لبناء الهيكل، ونشرت مؤسسات المعبد برنامجا ثلاثي الأبعاد للترويج، والدعوة لاقتحام الأقصى صورته داخل المسجد، وقد نجحت هذه الجهود الاعلامية بحشد التأييد الشعبي في دولة العدو لتقسيم المسجد الأقصى، وجاء في استطلاع نشرته الصحف الصهيونية، بحسب التقرير، أن 59% من المستطلعة أراؤهم أيدوا التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى بين المسلمين واليهود!!. ولا يقتصر الأمر على هذه الممارسات التهويدية الآنية بل هناك خطط طويلة الأمد وضعتها حكومة الاحتلال لبناء كليات وكنس وقاعات ومراكز شرطة ومحطات قطارات هوائية لتتطويق القدس والمسجد الأقصى، وتسهيل تواجد المستوطنين فيها وتغيير معالم المسجد والمدينة. وفي الوقت الذي تسهل الشرطة الاسرئيلية المجال لاقتحامات المستوطنين وتوفر لهم الحماية، تقوم بتقييد حركة موظفي الأوقاف وتقييد حركة المصلين بالتحكم في الدخول الى المسجد الأقصى، وسجن الحراس ومدير المسجد والقيادات الاسلامية من مناطق 48 والمسؤولين عن حملات البيارق والرباط في المسجد الأقصى، كما عطلت شرطة الاحتلال وسلطة الآثار أعمال الترميم والصيانة للاماكن المقدسة داخل المسجد لتصل الى حالة الانهيار والسقوط الذاتي. وصحيح أن رأس الحربة في الدفاع عن المسجد الأقصى والمقدسات هم أهل القدس وأهل فلسطين المحتلة عام 48 وأهل الضفة، بعد أن ينفضوا عنهم احتلال سلطة أوسلو، لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أنهم يستطيعون القيام بالأمر وحدهم دون دعم حقيقي ومستمر من العرب والمسلمين شعوبا وحكومات. فالأوقاف الأردنية وهي المسؤول المباشر عن أوقاف القدس والمسجد الأقصى أول المقصرين؛ إذ بإمكانها أن تقوم بدور أكثر فعالية لحماية المسجد الأقصى دوليا وسياسيا؛ باعتبار أي تعد على المسجد الأقصى هو تعد على الأرض والسيادة الأردنية والتعامل مع الاعتداءات والاقتحامات بهذه الجدية وعدم الاكتفاء بالشجب والتنديد، كما يجب عليها إسناد وعون المرابطين في المسجد الأقصى وتسهيل تواجدهم، وتوفير عدد أكبر من الحراس لصد الاقتحامات، واستصدار فتاوى من علماء المسلمين تؤكد قدسية المسجد الأقصى والقدس، وكونهما وقفا لا يجوز التنازل عن أي شبر منهما. وكذلك الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي مطالبة على أقل تقدير بتوفير الدعم المادي وتفعيل صناديق الأقصى التي أقرت في المؤتمرات، وبقيت حبرا على ورق للتكفير عن خطاياها بعلاقاتها السياسية بدولة الاحتلال، وطرح مبادرة السلام العربية وبينما تقرير مؤسسة القدس يطالبهم بقطع العلاقات مع دولة الاحتلال ودعم المقاومة، الا ان الواقعية تقول إنهم لم يفعلوا ذلك وغاية ما يؤمل منهم عدم التأمر على مشاريع المقاومة والصمود، أما السلطة الفلسطينية فلا أمل منها على الإطلاق في اتخاذ موقف مشرف تجاه القدس والمسجد الأقصى، فهي أول المتآمرين عليه وعلى تقسيمه كما أظهرت الوثائق المسربة عن اجتماعات عريقات بقادة العدو الصهيوني. ماذا بقي إذن في ظل التخاذل الرسمي في الدفاع عن الأقصى؟ بقي الأهم وهو الجهد الشعبي الذي يجب أن يعيد لقضية الأقصى مركزيتها حتى في قلب الثورات المحلية؛ لتذكير الشعوب العربية أن المحطة المقبلة بعد تحررها في أوطانها سيكون لاجتماعها لتحرير الأقصى، مع استمرار الدعم المادي والاعلامي والقانوني والديني، فذهول الشعوب عن الأقصى ونسيانهم وتذكرهم الموسمي له مع تفريط الحكومات سيوقظنا يوما ما، لا سمح الله، على خبر عاجل بانهيار وسقوط المسجد الأقصى، عندها سيكون الذنب في رقابنا جميعا دون استثناء يوم لا ينفع العمل ولا الندم اليهود يفعلون كل شيء ويعيشون الحياة بكل رغدها، ولكن يبقون في بيوتهم فجوة وهدما وانتقاصا ليذكرهم أن حياتهم ناقصة الى أن يعيدوا بناء الهيكل، ويربطون شريطا على أيديهم وشعارهم شلت يميني ان نسيتك يا اورشليم؛ لتبقى قضيتهم هما وحاضرا يوميا لا انفصال عنه. (أينقص الدين وأنا حي؟!) قالها أبوبكر رضي الله عنه مستهجنا مجرد فكرة أن يُنتقص شيء من الاسلام وهو حي يرزق، دون أن يبذل حياته في الدفاع عنه، والسنة الماضية، بحسب التقرير، كانت الأقسى على المسجد الأقصى منذ الاحتلال، وكنا جميعا أحياء!!! ولكن أي حياة تلك التي نعيشها والدين والمقدسات تنتهك يوميا أمام ناظرينا دون أن نحرك ساكنا؟! قالت جولدامائير يوم حُرق الأقصى: "لم أنم ليلتها، وأنا أتخيل كيف أن العرب سيدخلون إسرائيل أفواجًا أفواجًا من كل حدب وصوب.. لكني عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت أن بمقدورنا أن نفعل ما نشاء، فهذه أمة نائمة". هل سيصدق سوء وصفها فينا ونظل أمة نائمة؟! اما آن أن نقول ولَى عهد النوم يا مسلمين