15.57°القدس
15.47°رام الله
14.42°الخليل
22.32°غزة
15.57° القدس
رام الله15.47°
الخليل14.42°
غزة22.32°
الإثنين 14 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: حركة فتح والمحرّمات الوطنية

ثمة مسلك تتفوّق فيه فتح على كل الفصائل الفلسطينية الأخرى، وهو إدارة حملات الهجوم على الخصوم عند المساس بأي من رموز الحركة، والسبب أن هذه الحملات قوامها الغوغائية والتهريج والتخوين، والتخريب إن اقتضى الأمر! ولو استعرضنا شريط الذكريات الشوارعية لاستوقفتنا الكثير من المحطات التي تظهر جانباً من ثقافة البلطجة المعنوية والمادية التي طبعت كثيراً من مسارات شيطنة الخصوم والتهجم عليهم بمختلف الأشكال، وكيف أن نزعة (الفزعة)، ونهج (وما أنا إلا من غزيّة إن غوت.. غويتُ وإن ترشد غزية أرشد) كان عاملاً من عوامل التحشيد الفتحوي خلف أية قضية بغضّ النظر عن أهميتها، وهو أمر زاد مع زيادة البطالة الوطنية في صفوف حركة فتح، وانكفائها للمساجلات والمناكفات الداخلية، وامتهان الصراخ السياسي، كسبيل للتشويش على صوت الفضائح السياسية التي يحدثها دويّ التنازل والتراجع عن اللاءات في مسألة المفاوضات وغيرها! من جهة أخرى، يفترض أن تكون حركة فتح آخر من يحق له الاحتجاج على انتهاك أي محرم من المحرمات الوطنية، لأنها هي من أسست لنزعة استسهال التخوين، والنيل من الرموز الوطنية وعدم احترام تضحياتها، ولأن أفعال سلطتها تسيء للوطنية وللمقاومة كمفاهيم، قبل أن تسيء لشخوصها! ويكفي أن الحركة لم تجد ما تواجه به تنامي انتشار حماس في صفوف الفلسطينيين عقب انطلاقها ومقاومتها سوى وصفها بأنها صنيعة المخابرات الإسرائيلية! وظلت هذه الفرية القبيحة حاضرة على ألسنة كثير من رموزها وقادتها حتى بعد أن غدت الحركة رأس حربة المقاومة في فلسطين، وحتى بعد أن تراجع دور فتح النضالي وحُشر في زاوية إدارة السلطة والانخراط في المفاوضات بلا أفق أو بدائل وطنية. أما عن الخطاب اليومي لناطقي الحركة وقادتها فحدّث ولا حرج، والأمثلة على استهتارها بقيم التضحية والثوابت أكثر من أن تحصى. لا أقصد بكلامي أنه ما دامت فتح تنتهك تلك المحرمات فإن هذا حلال على غيرها، إذ من الجيد أن يكون هناك توافق على احترام الرموز الوطنية، والابتعاد عن المساس بالمحرمات والثوابت، لكنني أحسب أن أهم هذه المحرّمات هي ثقافة المقاومة، وهنا فإن سلطة حركة فتح مدانة حتى النخاع بالإساءة لهذه المقاومة عبر اعتقال رموزها وتعذيبهم، ومحاربتها كثقافة وخيار، وإلا فما الذي يعنيه إعادة اعتقال الأسرى المحررين من سجون الاحتلال ومحاكمتهم على التهم ذاتها التي حاكمهم عليها الاحتلال، أي تطبيق معايير الاحتلال نفسه في اتهامهم ومحاسبتهم، وفي مقابل ذاتها نجد ناطقيها يستدلّون على وطنية الأجهزة الأمنية بوجود عناصر منها في سجون الاحتلال، أي أنها ترى عدم جواز التهجم على من يعتقله الاحتلال، فيما تُقدم هي على اعتقاله وإهانته وتعذيبه، ومصادرة مستحقاته المالية! إنك لا تجني من الشوك العنب، هكذا يقول المثل، ومن يزرع يحصد، فإن كانت حركة فتح ستغضب بلا حدود عند الإساءة لأي من رموزها، فعليها أن تكفّ أولاً عن ازدواجيتها، وألا تطالب غيرها بالكفّ عما غدا استراتيجية لديها، خصوصاً أن الآخرين ينتقدون في فتح تفريطها وتنازلات قيادتها، أما هي فتنتقد في غيرها انحيازهم للثوابت وحرصهم على المقاومة، وحتى تعبيرهم عن رفض مسارها السياسي، وسبيلها لذلك اختراع الأكاذيب وتلفيق الاتهامات بلا حساب