15.57°القدس
15.47°رام الله
14.42°الخليل
22.32°غزة
15.57° القدس
رام الله15.47°
الخليل14.42°
غزة22.32°
الإثنين 14 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: مسرحية هزلية ساذجة لتبيض وجه مبارك ونظامه

صفة "الرئيس المخلوع" التي كانت تطلق على الرئيس حسني مبارك بدأت تتآكل بشكل متسارع منذ حدوث الانقلاب العسكري في شهر تموز (يوليو) الماضي برئاسة الفريق اول عبد الفتاح السيسي، الذي أطاح بالرئيس الاخواني المنتخب محمد مرسي، فمن النادر أن تجد كلمة سيئة عنه، وحكمه، هذه الأيام في معظم الصحف ومحطات التلفزة، إن لم يكن كلها، بل ما يحدث هو العكس تماما، الاشادة به والترحم عليه. الرئيس مبارك عاد إلى الأضواء أو بالأحرى عادت إليه بصورة قوية، فبعد أن تمت تبرئته من معظم التهم الموجهة إليه من خلال القضاء المصري "المستقل" باتت أخباره وتحركاته الأكثر قراءة بالنسبة إلى الشعب المصري، الكاره منه قبل المحب. صحيفة "اليوم السابع" المصرية فجرت قبل أيام قنبلة صحافية من العيار الثقيل عندما نشرت سلسلة من حلقات حديث مسجل مع الرئيس مبارك قالت إن طبيبه المعالج قام بتسجيلها خلسة من خلال هاتفه النقال، قالت إنه أي الطبيب سربه لها، بينما قال آخرون إنه باعها مقابل مبلغ كبير دون أي اثبات. من الطبيعي أن تثير هذه التسجيلات ضجة كبيرة في مصر وخارجها، فهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس مبارك بهذه الأريحية عن حقبة من أكثر الحقبات إثارة وأهمية في تاريخ مصر الحديث، فقد هاجم فيها الرئيس المنتخب محمد مرسي وتمنى له الذهاب بتذكرة دون عودة لكي يموت في سورية، وانتقد بشدة السيد عصام العريان أحد أبرز قادة الاخوان المسلمين، ووصفه بالجنون لأنه أساء لدولة الإمارات وهاجم حكام قطر، وأشاد أي الرئيس مبارك بالفريق الأول عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب، وقال عنه إنه رجل ذكي، واعترف بخطأه عندما اعتقد أنه اي السيسي، من الإخوان المسلمين عندما عينه الرئيس مرسي قائدا للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع خلفا للمشير طنطاوي من قبيل الدعابة ربما، بأن اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات الأسبق كان يسافر إلى الخارج من أجل زرع الشعر وليس لمرضه الذي أخفاه عنه، ونفى أن يكون قد مات في حادث تفجير أربعة من اعضاء خلية الازمة في سورية. *** من الصعب علينا أن نقبل الرواية الرسمية التي تتحدث عن تسجيل هذه المقابلات من قبل طبيبه، ودون علم الرئيس مبارك أو موافقته بالتالي فالطبيب الذي أدى القسم لا يمكن أن يخون الثقة، ويفضح أسرار مريضه، فالمسألة مدبرة ومقصودة بهدف تجميل وجه مبارك ونظامه أولا وربما يؤدي في نهاية المطاف إلى تسوية صورة الثورة وأهدافها ثانيا والتشكيك بالعملية الديمقراطية التي أفرزتها وحكم الاخوان المسلمين على وجه التحديد، ثالثا. إنها مسرحية جرى اعداد فصولها وتنفيذها بعناية فائقة، بما في ذلك الكثير من البهارات التي وردت في حديث الرئيس، والإخراج الساذج وغير المقنع الذي تمثل في ارسال السيد فريد الديب محامي الرئيس مبارك رسالة إلى صحيفة "اليوم السابع" لمنع النشر وهو ما رفضته الصحيفة فورا، وقال رئيس تحريرها الزميل خالد صلاح إن المحامي الديب أبلغ الرئيس مبارك بالتسجيلات ولم يعترض الأخير على نشرها وكيف يعترض أساسا. نظام الرئيس حسني مبارك هو الذي يحكم مصر في الوقت الراهن من خلال أجهزته الأمنية، وبرعاية المؤسسة العسكرية وتخطيطها، وهذا يتضح، ليس من خلال اعادة العمل بقوانين الطوارئ وحظر التجول فقط، وإنما ايضا بإشادة الرئيس المخلوع بالفريق السيسي وذكاؤه، في تزكية له، ومباركة لزعامته الحالية التي تتم من خلف ستار رئيس مؤقت منزوع الدسم والصلاحيلات، أو علانية إذا ما ترشح للرئاسة مثلما تشير معظم التوقعات. الرئيس مبارك الذي أذل مصر وشعبها لأكثر من ثلاثين عاما، وارتكبت أجهزته القمعية (الامن السياسي خاصة) أبشع الجرائم ونهبت مافيا رجال الاعمال الملتفة عليه عرق الفقراء والكادحين، هذه الرئيس الذي ثار شعب مصر ضده، يعامل معاملة الرؤساء في سجن وهمي من خمس نجوم، ويدلي بأحاديث صحافية تنشر في كل وسائل الاعلام تقريبا، بينما الرئيس المنتخب محمد مرسي يقبع وزملاؤه خلف القضبان بتهم ملفقة ومفبركة، ودون المثول مطلقا امام النيابة العامة، ومحرومون من الالتقاء بأهلهم وذويهم اسوة بالقتلة، واعتى عتاة المجرمين. *** من المؤكد أن الرئيس مبارك لن يعود إلى حكم مصر بسبب السن والمرض، ووجود البديل العسكري الأكثر قدرة وكفاءة ولكن نظامه عاد، أو بالأحرى لم يغب كليا، فالأمن السياسي الدموي والمكروه شعبيا بسبب جرائمه في حق الشعب، هو الذي يحكم البلاد بقبضة من حديد مدعوما بعصابات البلطجة وقطاع الطرق. اليوم استمعنا إلى تسجيلات الرئيس مبارك، وغدا سنسمع عن تسجيلات اكثر عمقا مع اللواء الحبيب العادلي وزير الداخلية السابق الملطخة يديه بدماء الثوار، وبما يؤدي في نهاية المطاف إلى تجريم واحدة من أطهر الثورات في تاريخ مصر واشرفها، وإدانة من ضحوا بدمائهم وأرواحهم، من اجل اطاحة حكم قمعي فاسد، واعادة العزة والكرامة الى شعب مصر العظيم. الثورة المصرية وئدت وهي نطفة، وعادت البلاد إلى المربع الأول مربع القمع والفساد وقوانين الطوارئ وهذه أمر مؤلم بكل المقاييس.