25.55°القدس
25.03°رام الله
24.42°الخليل
22.78°غزة
25.55° القدس
رام الله25.03°
الخليل24.42°
غزة22.78°
الجمعة 26 ابريل 2024
4.76جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.08يورو
3.8دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.76
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.08
دولار أمريكي3.8

خبر: غزة .. هل تكون مهر العريس

التصريحات المتوالية بتشنج وعصبية من قبل مسؤولين مصريين تجاه قطاع غزة وحركة حماس لافتة للنظر ، هناك رغبة في شيطنة مصطنعة لحماس ، وتحويل قطاع غزة إلى منبع للعنف والإرهاب الذي تعاني منه مصر ، وخبراء النكد والتضليل "الاستراتيجي" الذين يملأون الفضائيات المصرية والصحف أيضا لا يملون يوميا من إصدار معلومات مثيرة للشفقة عن تسلل السلاح من غزة ، وتسلل الإرهابيين من غزة ، وهم أنفسهم الخبراء الذين ضللوا مصر كلها أيام اعتصام رابعة العدوية عندما قالوا أنهم يملكون معلومات موثقة أن المعتصمين يملكون أسلحة مضادة للطائرات وأسلحة مضادة للدروع وأسلحة كيماوية ، لدرجة أن صحيفة قومية كبرى تورطت في هذه المعلومات المضحكة ووضعت مانشيتها الرئيسي ذات يوم عن اكتشاف أسلحة كيماوية في رابعة ، قبل أن يكتشف الجميع أن مضادات الدروع كانت حجارة من كسر رصيف شارع النصر ، وأن الأسلحة الكيماوية كانت أنابيب غاز الطهو ، صوت هؤلاء الدجالين مرتفع جدا هذه الأيام ، والتركيز كله على غزة ، وعلى حماس ، ثم أتت رائحة غير مريحة في يوم واحد ، عندما أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن إدارته تحتفظ بعلاقات بناءة "مع العسكريين المصريين" ، وفي اليوم نفسه يخرج وزير خارجية مصر نبيل فهمي بتصريح عنتري يقول أنهم لن يصبروا طويلا على ما تفعله حماس ، وأن رد مصر سيكون عنيفا على أي تهديد لأمنها القومي ، وهو تمهيد واضح لإعلان حرب ، لا يوجد معنى آخر له ، فهل تصريح فهمي يدخل في إطار تفسير العلاقات "البناءة" التي تحدث عنها أوباما ، ثم أليس من اللائق والبديهي أن يطلع نبيل فهمي المصريين والعالم على هذه "الجرائم" التي ترتكبها حماس في حق مصر . أعرف أن هناك من يدفعون القيادة العسكرية المصرية لخوض مواجهة مع حماس ، وهناك تحريض مستمر ، والبعض يغري البعض بأن معركة تحرير "إشارة رابعة العدوية" ليست كافية لصناعة بطولة تصلح كمهر للعريس ، وأن عملية خاطفة وحاسمة في قطاع غزة ربما تكون "مهرا" ملائما للعرس الجديد ، ويجعل له المباركة والقبول الدولي والإقليمي ، وهذا في الحقيقة كابوس ينبغي أن نحذر من خطورته من الآن ، وبكل قوة ، أي مغامرة مصرية في قطاع غزة ستكون كارثة تاريخية على مصر ، كارثة عسكرية وكارثة أخلاقية ، وسيكون عارا يصعب محو آثاره لعشرات السنين المقبلة ، كما أنه ينبغي أن يكون واضحا أن مغامرة مثل هذه ستعزز الانقسام الوطني أكثر مما هو منقسم أصلا في مصر ، ومن الطبيعي أن تجد ملايين المصريين يقفون ـ للمرة الأولى منذ تأسيس الدولة المصرية ـ مؤيدين للقوة الخارجية التي تتصدى لجيشهم ، وملايين أخرى تؤيد الجيش ، كما أن مثل هذه المغامرة من شأنها أن تفتح بوابات الجحيم على مصر من البوابة الشرقية ، وستكون هناك حالة استنزاف مروعة لقدرات مصر الاقتصادية والعسكرية والمعنوية لسنوات تجعلها أكثر ضعفا أمام الخارج ، وأكثر تمزقا في الداخل . كل ما يتعلق بالملف الفلسطيني هو شأن بالغ الحساسية والخطورة ، المصريون يفهمون ذلك ، والعرب يفهمون ذلك ، والعالم كله يفهم ذلك ، وحدهم المغامرون لا يدركون ذلك بشكل صحيح ، وإسرائيل راغبة في تصدير أزمتها مع غزة إلى مصر ، والدم المصري الغالي والعزيز الذي أريق على مدار أكثر من سبعين عاما من أجل تحرير فلسطين والانتصار للشعب الفلسطيني لن يغفر لأي "مغامر" أن يلوث تاريخه أو يمحو آثاره ، وعلى الحكماء أن يفصلوا بين الإخوان كتنظيم مطارد ومغضوب عليه في مصر وبين حماس كحركة ذات جذور إخوانية ، حماس حركة تحرر وطني قبل أي شيء ، وكثيرا ما كانت لها مواقفها المعارضة للإخوان في مستويات دولية عديدة على خلفية القرب أو البعد من المصلحة الفلسطينية ، وكل ما يقال عن تدخل حماس في الشأن المصري ، سياسيا أو عسكريا أو أمنيا ، محض خرافات لم يجرؤ أحدهم على أن يقدم دليلا واحدا على صحتها ، جر شكل بالمعنى الدارج ، فاتقوا الله في مصر وشعبها ، واتقوا الله في فلسطين وشعبها ، وتذكروا أن من يخطئ الحساب هنا ، ومن يفكر في المغامرة ، فسيكتب اسمه في أسوأ سجلات عار التاريخ.