نهاية الطاغية القذافي كتاب أحمر. جثته وجثتا ابنه المعتصم ووزير دفاعه أبوبكر يونس جابر عنوان لهذا الكتاب المؤلم الذي قتل في سبيل الوصول لخاتمته نحو 50 ألف ليبي في الفترة من 19 فبراير الماضي إلى 20 أكتوبر الجاري. كتب معمر القذافي أو كُتب له ما أسماه "الكتاب الأخضر" فحول ليبيا التي حباها الله بالبترول والثروة بعد 42 عاما من ولايته عليها، إلى مزيج من الفقر والأمراض والمدن المتصحرة. قد يرى البعض ما فعله الثوار في جثته تمثيلا لا يجوز بالأموات، لكن لو دخل هذا البعض في عقول وقلوب عائلات الضحايا، لرأوا أن هذا شيء طبيعي تجاه طاغية لم يعرف العالم لدمويته مثيلا. كان يمكنه أن يحقن دماء شعبه ويرحل في مواجهة ثورة شعبية صممت على إنهاء حكمه بأي ثمن ولو جرت دماؤها أنهارا. عرضوا عليه عروضا لو سمعها لتجنب نهاية لا يتخيلها أحد. لم تكفه مئات ملايين المليارات التي تضخمت به حساباته وحسابات أسرته، وصمم على مقاومة من وصفهم بالجرذان، فإذا به جرذ كبير تأويه أنبوبة صرف صحي! هل تخيل أحد أن يكون مصير هذا الطاغية المتجبر ثلاجة تسجى فيها جثته عارية ليتفرج عليها الشعب مداويا خسارته لخيرة أبنائه في حرب كان في الإمكان تجنبها لو تحلى القذافي بشيء من العقل؟.. الآن على الشعب الليبي أن يطوي صفحات كتاب القذافي الأحمر، ويسرع في دفن جثته، بادئاً طريقه الصعب نحو بناء دولته على أسس العدالة والقانون والدستور والمساواة بين الجميع. لا يجب النظر إلى الوراء إلا للعظة والاتعاظ. هناك من يراهن على الفوضى وعلى عدم قدرة الشعب الذي حارب وقدم أنهار الدماء على البناء والاتحاد والزراعة والصناعة والحكم العادل الرشيد . لكن الشعب الليبي سيثبت للجميع أنه لم يخسر 50 ألفا من أبنائه ليصل في نهاية المطاف إلى طريق تتفرق فيه السبل وتتشتت الجماعات. نثق أنه سيقدم نموذج دولة مسلمة ديمقراطية لا مكان فيها لظالم ولا أنين لمظلومين ومكبوتين. مبروك لشعبنا الليبي الحبيب تخلصه إلى الأبد من ذلك الطاغية المخبول.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.