بغض النظر فيما إذا كان ما جرى في مستوطنة "بساغوت" قرب رام الله عملية نفذها قناص فلسطيني أم هي حادثة وقعت لسبب أخر، إلا أن ما يجري في الضفة الغربية خلال الأسابيع القليلة الماضية يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن صمت الفلسطينيين على جرائم الاحتلال لن يطول. ويرى مراقبون أن قناعة الفلسطينيين الراسخة من عدم جدوى المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي واستحالة تحقيق أي انجاز ميداني على الأرض، أسهم في تعزيز فكرة العودة للمقاومة المسلحة بوصفها السبيل الأمثل لدحر الاحتلال. الكاتب الفلسطيني د. كمال علاونة أكد أن الاحتلال الإسرائيلي يتحمل كامل المسئولية عما يجري على الأرض بسبب ممارساته العدوانية وخاصة الاجتياحات الدائمة للمدن والقرى والمخيمات في مختلف المناطق الفلسطينية بالضفة الغربية، إضافة لاعتداءات المستوطنين التي تتعاظم يوما بعد يوم". وفي حديث مع [color=red]"فلسطين الآن"[/color]، أوضح علاونة أن المواطن البسيط يعاني من ظروف اقتصادية بالغة التعقيد، وقد فقد الأمل في تحسن ظروفه الحياتية، بل هي تتدهور يوما بعد يوم، وفوق كل هذا هناك حصار واغلاق وضغوطات مجتمعية وانقسام سياسي وغيرها من الظروف التي تدفع بالأمور نحو التصعيد. وتابع "لا أحد يعلم متى وكيف يمكن ان تندلع انتفاضة ثالثة، فهذا الأمر مناط بالحراك الشعبي وليس بقرار سياسي من هذا أو هكذا"، مدللا على ذلك بالانتفاضتين الاولى والثانية، "فكلاهما كانتا ردا على اعتداءات الاحتلال، وليس بناء على رغبة جهات بعينها". واستدرك "الظروف الآن مشابهة جدا لتلك السنوات، فلا أمل بانجازات سياسية ولن تأتي المفاوضات بنتيجة، وكذلك زيادة الفقر والحاجة والاغلاق والحصار، كلها عوامل قد تسهم في تغيير هذا الواقع الأليم". [title]مقاومة نوعية[/title] في خضم هذا الواقع الأليم، لم يجد الفلسطينيون من سبيل أمامهم إلا بتصعيد المقاومة للرد على جرائم الاحتلال فكانت عملية قتل الجنديين الإسرائيليين في قلقيلية والخليل وإطلاق النار على المستوطنات وأخرها ما جرى في مستوطنة "بساغوت" قرب رام الله. وشهد أيلول الماضي ارتفاعا على عدد الهجمات الفلسطينية ضد أهداف اسرائيلية، كما ارتفعت عدد الانذارات المتعلقة بنية جهات فلسطينية أسر إسرائيليين بغرض التفاوض لإطلاق سراح أسرى. حوادث وإن كانت فردية إلا أن الساسة الإسرائيليين يعملون على توظيفها بالدعوة لوقف اللقاءات التفاوضية وعدم إطلاق سراح الدفعات المتبقية من الأسرى القدامى، بل وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك بالمطالبة بإطلاق يد الجيش الإسرائيلي للعمل على القضاء على ما أسماه بالإرهاب ومواصلة البناء في المستوطنات. هذا ما دفع بقادة جيش الاحتلال الإسرائيلي لدراسة الأسباب الحقيقة التي أدت إلى تصاعد الهجمات الفلسطينية في الضفة الغربية مؤخرًا ضد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين. وأرجع قادة الجيش أسباب تصاعد الهجمات إلى عدة أسباب، منها الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعانيه مناطق السلطة. وأيضًا الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين بصفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في أكتوبر 2011. كما يعزو عدد من قادة جيش الاحتلال ذلك إلى ضغط الأجهزة الأمنية للسلطة ومحاولتها إعادة الهدوء للمنطقة، ومنع عمليات الرشق بالحجارة والزجاجات الفارغة والحارقة المنظمة ضد الجيش الإسرائيلي على الحواجز والمعابر. ورأى قادة جيش الاحتلال إلى أن هذا الأمر يدفع الفلسطينيين إلى تفريغ غضبهم على قوات الجيش على مداخل القرى. وأكد جيش الاحتلال الإسرائيلي الجمعة أن ارتفاعًا طرأ على الهجمات التي يشنها الفلسطينيون ضد قواته والمستوطنين في الضفة الغربية مؤخرًا. [title]تصاعد الهجمات[/title] وفي هذا السياق، تحدث نائب قائد لواء "بنيامين" الجنرال "ايتمار كوهالي" قائلاً: "أستطيع أن أقول ذلك بمسؤولية نرى ارتفاعًا بطيئًا ولكنه ثابت على مستوى مقاومة نشاطات قواتنا داخل القرى ومخيمات اللاجئين"، وتابع "كلما مكثنا أكثر في المنطقة ازدادت فرصة المواجهة الشعبية معنا، وهذا ما أسميه أعمال شغب محلية لأنه غير مخطط له سلفًا ولذلك يبدو لنا مفاجئًا". وأوضح أن جل النشاطات اليوم تتمحور حول إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة وليس بإطلاق الرصاص الحي باتجاه القوات أثناء قيامها بنشاطات اعتقالية. [title]سلالات جديدة من المقاومة [/title] وكان موقع "والا" العبري، قد نشر تقريرا للمحلل العسكري "آفي سيخاروف" قال فيه إن "سلالة جديدة من العناصر المسلحة التي تنتمي للفصائل العسكرية الفلسطينية في الضفة الغربية بدأت تقوم بمهام عسكرية يصعب تتبعها". ووصف المحلل للموقع حال الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية العاملة في مختلف محافظات الضفة الغربية "بالباحث عن إبرة في كومة قش". وبيّن أن فصائل المسلحة باتت لا تعتمد على عناصر معروفة لدى الأجهزة الأمنية، وهي مدربة على إخفاء آثارها وأسلحتها بمهارة، ما يؤدي لفشل الأجهزة في الوصول إليهم حتى وإن تم اعتقالهم فلا دلائل عليهم. ويشير المحلل إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تتهم عددا من الأسرى المحررين الذين أبعدوا إلى قطاع غزة، بالوقوف خلف مجموعات عسكرية تابعة للمقاومة تم كشفها مؤخرا على يد "الشاباك" واعترفوا بارتباطهم بأشخاص هناك.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.