28.33°القدس
27.9°رام الله
27.19°الخليل
29.8°غزة
28.33° القدس
رام الله27.9°
الخليل27.19°
غزة29.8°
الأحد 28 يوليو 2024
4.71جنيه إسترليني
5.17دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.98يورو
3.66دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.71
دينار أردني5.17
جنيه مصري0.08
يورو3.98
دولار أمريكي3.66

خبر: رسائل صفعة الأسرى

ثمة دروس مهمة لا يستطيع أحد أن يتجاهلها، وهو يراقب نجاح صفقة تبادل الأسرى وأصداء ذلك على المجتمعين المحلي والدولي، تجبرك على إطلاق اسم: "الصفعة" عليها بدلاً من "الصفقة". كونها حدث تكمن في أعماقه رسائل لا تخطئها العين. فالدلالات أكبر من كونها مجموعة من الأسرى عادوا إلى ديارهم، وأكبر من إنجاز لأشخاص محنكين في القيادة السياسية بحماس والقسام، وأكبر من أشياء كثيرة أخرى، وباستطاعتنا جميعًا أن نلمح بعضًا من هذه الرسائل في هذا الشأن مثل: - النجاح منقطع النظير في إخفاء شاليط خمس سنوات في مكان آمن، تصله الإعاشة اليومية دون انقطاع لأي ظرف، إخفاء عن العملاء الداخليين المنتشرين في قطاع غزة قبل الإخفاء عن أجهزة مخابرات الدولة الصهيونية التي تدعي علم الغيب! - فشل العملية العسكرية على قطاع غزة "حرب الفرقان" في تحرير الجندي الأسير، وقد كان أهم أهداف حرب الإبادة. - إمعانًا في الضغط النفسي على الكيان الصهيوني واستمرارًا لمسلسل إهانة أجهزته المخابراتية، أظهرت القسام الجندي الأسير في فيديو دقيقة ونصف كشاهد على وجوده على قيد الحياة قبل البدء في المفاوضات منذ سنتان "كان ذلك شرط الوسيط الألمان"، وقد شهدت هذه العملية مفاجآت عديدة ذكرت في حينها في دقة اختيار التوقيت وملابس الجندي ولون الحائط في الخلفية وزاوية ومسافة التصوير، حيث فشلت إسرائيل في الاستفادة من الفيديو للحصول على أي معلومات. - عشرات الطائرات التجسسية وبدون طيار تحلق فوق سماء غزة فور الإعلان عن إتمام الصفقة لمعرفة أين كان شاليط. ثم يدخل شاليط مصر وهو متنكر ثم تفاجأ إسرائيل بأن شاليط في مصر, ما الذي حدث؟؟ اسألوا المخابرات الصهيونية. - ظهور القائد القسامي أحمد الجعبري "الرجل الثاني في القسام" (ومسئول ملف شاليط بالجناح العسكري) وتسليمه للجندي بنفسه وعلى مرأى ومسمع الإعلام العالمي وبحماية المخابرات المصرية.. رسالة قاسية لا يعلم حجمها إلا الجيش الإسرائيلي الذي يضع الجعبري على رأس قائمة الإرهاب والمطلوبين فورًا قتلاً أو أسرًا. - هنية يكرّم الأسرى في غزة، ومشعل يكرم الأسرى في مصر.. ومرشد جماعة الإخوان المسلمين يهنئ هنية ويقبل رأس مشعل وفريق المفاوضين الفلسطينيين وكلهم يرددون وعدًا واحدًا.. "بقية الأسرى في طريق التحرير".. رسائل ريادية تلمح فيها مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي دجانة في غزوة أحد عندما مشى مختالاً في طريقه لمبارزة حربية مع المشركين: "إنها مشية يبغضها الله إلا في هذا الموضع". - ثم الرسالة الأكثر أثرًا للرئيس عباس المنتهية ولايته، صاحب مشروع المفاوضات العبثية على حدود 67، أن المقاومة هي الحل.. الحل الأمثل والأعمق للقضية الفلسطينية، وأن رحلته المشئومة لاستجداء الاعتراف بدولة فلسطينية على مساحة 20% من أرض فلسطين بما في ذلك من إهدار لحقوق اللاجئين وتنكرًا لحقوق الأسرى والمبعدين، قد تبخرت أحلامها على عتبة الصمود القسامية في صفقته الأخيرة. - هز الثقة لدى الشعب الإسرائيلي تجاه نفسه وتجاه قيادته الفاشلة، والأدلة على ذلك كثيرة ومتواترة في صحافتهم أنقل منها على سبيل المثال لا الحصر: * قال الجنرال "رونين كوهين" المسئول العسكري السابق في هيئة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "آمان" في تصريح لجريدة (هاآرتس): أن الجيش الإسرائيلي كان يمتلك معلومات استخبارية، كانت من الممكن أن تؤدي إلى إطلاق سراح شاليط، ولكن المعلومات أثبتت عدم صحتها بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في شهر ديسمبر عام 2008، كما أن الجيش الإسرائيلي حاول خلال الحرب على قطاع غزة اختطاف عدد من قيادات حركة حماس لمبادلته بالجندي شاليط، أو الضغط على حركة حماس لإطلاق سراحه، ولكن الجيش فشل في تحقيق أي من هذا.. إن الحكومة الإسرائيلية لم يكن لديها خيار في نهاية المطاف سوى الاستجابة لشروط حركة حماس، بعد أن فشلت جميع الطرق سواءً العسكرية منها والدبلوماسية. * قال المعلق ناحوم بارنيا في مقال نشر في صحيفة (يديعوت أحرونوت) إن نتنياهو يستحق الثناء لموافقته على الصفقة، وأضاف: (هناك قرارات لا مفر منها، قرار توقيع اتفاق شاليط واحد منها.. الثمن مبالغ فيه والمخاطر كبيرة لكن لا يوجد أي خيار أمام دولة لم تستطع لخمس سنوات إنقاذ جندي من الأسر بطرق أخرى إلا دفع الثمن). * الكاتب "بن درور"، في صحيفة (معاريف): (المسألة ليست إذا كانت "إسرائيل" ستحرر ألف مخرب أو أربعمائة، حتى مائة مخرب هم أكثر مما ينبغي. هذه الصفقة هي جائزة للإرهاب، هذه الصفقة هي انتصار هائل لحماس، هذه ليست صفقة، هذا استسلام.. المخربون الذين تحرروا في الصفقات السابقة تسببوا بقتل قرابة 200 إسرائيلي. لا يعرف أحد ماذا سيحصل هذه المرة؛ إذ أن شيئًا واحدًا مؤكدًا في أعقاب هذه الصفقة: الشهية لمزيد من الاختطاف كبيرة، الاستسلام التالي هو مسألة وقت فقط(. * الكاتب الإسرائيلي "بن كاسبيت" في (معاريف): (رجاءً.. لا تحاولوا بيعنا استنتاجات لجنة شمغار التي تقول إنه من المرة التالية، سيكون الحال مختلفًا. حاولوا أن تبيعوا هذا لحماس، هم لن يشتروا، هم سيختطفون). بقيت رسالة واحدة لا تقل أهمية عما سبق، وهو محاولة تمتين العلاقة السياسية بين حماس ومصر، باعتراف حماس الدائم للفضل المصري في نجاح الصفقة، وكلهم أمل أن ينتقل ملف حماس لدى مصر من المربع "الأمني" إلى المربع "السياسي"، وما ذلك على الله ببعيد.