17.23°القدس
17.04°رام الله
16.08°الخليل
22.82°غزة
17.23° القدس
رام الله17.04°
الخليل16.08°
غزة22.82°
الإثنين 14 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: حقيقة بوجه واحد!

أمام حالة الاستغراب الشديدة التي يمكن إبداؤها على هامش عمليات استهداف المقاومة التي تنتهجها أجهزة حركة فتح في الضفة الغربية، ينبغي التذكّر دائماً أن توفر جمهور يقتنع بما تقدمه من تبريرات سيعني دائماً أنه ما عاد هناك خطوط حمراء تخشى الحركة من اجتيازها! هذا الجمهور، وقوامه من كوادر الحركة والمنتفعين من سلطتها، مقتنع أو يرغم نفسه على الاقتناع بأن إجراءات اجتثاث المقاومة هذه سلوك وطني تتطلبه ضرورات المرحلة، وأن هناك يوماً مؤجلاً ستتيح السلطة فيه حمل السلاح واستئناف المقاومة! وهذا الأمر يعتقد به نفر من عناصر الأجهزة الأمنية، ويرتقون به الثغرات الناشئة في ضمائرهم كلما نفذوا عدواناً بحق المقاومين أو الأسرى المحررين، حتى لو تطلب الأمر تعذيبهم وانتزاع اعترافات منهم هي ذاتها التي يهتم الاحتلال بانتزاعها! ما حدث في جنين قبل يومين، مثال حي على ذلك، وفي وقت كانت الرواية الرسمية للأجهزة الأمنية تتحدث عن ملاحقة خارجين على القانون (قانون الاحتلال بطبيعة الحال) كانت الأحاديث الفتحوية الداخلية البينية تحفل بتبرير مداهمة منازل رموز وطنية معروفة كالشيخ بسام السعدي القيادي في الجهاد، وهنا، ولأن حماس لم تكن طرفاً في هذا الاستهداف هذه المرة فلا بد أن يكون الخطاب التبريري مغايراً لأكذوبة (إفشال محاولات انقلابية)، ولا بد من حجة داخلية تقنع النفر الذي يرى نفسه وطنيا داخل حركة فتح بأن لضرورات المرحلة أحكامها، وبأن هذا ليس أوان المقاومة، رغم أن المنطق العباسي الجديد لا يرى أن هناك وقتاً ينبغي فيه ممارسة المقاومة، حتى لو تغيرت الظروف، ومهما بلغت حدة انتهاكات الاحتلال! أن تصبح مهمة أجهزة السلطة حماية أمن الاحتلال حتى لو شغل مواقع القيادة فيها مناضلون قدماء، تلك حقيقة بوجه واحد، وكل ما يثار حولها من زوابع تبريرية لا تتجاوز كونها مسكنات للضمائر، فهنا على أرض الضفة لا مجال لأن تحكم وتسيطر إلا إن كنت موظفاً أمنياً لدى الاحتلال ومن طراز رخيص؛ تتلقف التمويل كلّ شهر، ويُحبس عنك إن فكرتَ في التذاكي أو الفذلكة أو غضّ الطرف عن بعض مظاهر الغليان الداخلي، لكنّ هذا التمويل قوامه من جيوب شعبك، ومن أموال الضرائب الخاصة به، أي أن الاحتلال لا يكافئك من ميزانيته بل من أموالك أنت. وكل ما يتيحه لك مقابل خدماتك أن يسمح لك بالتبختر بالجيبات العسكرية داخل المدن، في الأوقات التي يغيب فيها، أو أن تشهر بندقية مدموغة برخصته في جنازات الشهداء الذين يقتلهم هو! مشهد سيريالي مغرق في العبثية هذا السائد في الضفة المحتلة، ومن تجلّيات عبثيته أن كلّ شيء قابل للتحوير والتبرير وفق أمزجة سدنة الأمن الإسرائيلي، لدرجة أن مرتكب الخيانة قابل لعيش دور البطولة الوطنية، والتماهي مع شعارات منظومته الفارغة، ولدرجة أنه بات مفهوماً بالضرورة أن من يفكّر بمقاومة عدوّه يصنّف في مرتبة الخطر الأولى، وتُشطب كل القوانين عند التعامل معه، وتنزع عنه صفة (معتقل سياسي) عند اعتقاله، ويُحظر التضامن معه، حتى لو كان عائداً من سجن إسرائيلي!