18.57°القدس
18.3°رام الله
17.19°الخليل
23.43°غزة
18.57° القدس
رام الله18.3°
الخليل17.19°
غزة23.43°
الإثنين 14 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: ليس بأمانيكم

حماس حركة تحرر وطني. حركات التحرر الوطنية في العالم لا تساوم على المبادئ، لأن مبادئ الحرية والعدالة ليست للتجارة أو المقايضة. من يقايض أو يتاجر بالمبادئ على قواعد من الميكيفلية يخسر شرعية وجوده كحركة تحرر. حركات التحرر تعمل عادة ضد الاستعمار أو ضد الاستبداد. لذا تجدها متحالفة عادة مع الشعوب ، ومتخاصمة مع الأنظمة المستبدة. هذه سنن التاريخ وقوانين العمل التحرري في كل عصر ومصر. حين نشأت حركة فتح ونمت تحالفت مع الشعوب التي احتضنت ثورتها، ولما انحازت إلى الأنظمة على حساب الشعوب حملت أمراض هذه الأنظمة ، وفقدت جزءا مهما من حاضنتها الشعبية، لاسيما بعد أن فرضت عليها الأنظمة مواقف صادمة للشعوب. ويمكن التمثيل لهذا بموقف المنظمة من غزو الكويت، وموقفها من كامب ديفيد، وأوسلو ، والمبادرة العربية، ومؤخراً من الحالة المصرية بعد ٣ /٧. هذه المواقف السياسية أفقدت المنظمة وحركة فتح الحاضنة الشعبية الدائمة واللازمة لفكرة التحرر الوطني. ومن ثم نستطيع القول: إن انتقالا واسع المسافة من التحرير إلى التفاوض على حساب التحرير حدث لها بدخولها حظيرة الولاء للأنظمة، أو استمداد ترياق الحياة من جيب الأنظمة. إن من حسن السياسة وكمال الأداء أن تعمل حركة التحرر مع الأنظمة ومع الشعوب معا، وهذا يتيسر أحيانا حين يلتقي النظام مع شعبه ويتوافقان معا، فإن لم يكن ثمة توافق ففي المساحات المشتركة بين الشعب والنظام وحركة التحرر، فإن لم يتوفر الأول والثاني وتصادم الشعب مع النظام فإن تكلفة انحياز حركة التحرر إلى النظام على ما فيه من ظلم أو استبداد أمر تكلفته خطيرة وباهظة على حركة التحرر بغض النظر عن اسمها أو رسمها. إن ما يطلب من الأنظمة عادة لا يطلب نفسه من حركة التحرر. وبالتالي ثمة فسحة أمام حركات التحرر الوطنية أن تحافظ على مبادئها، وعلى حاضنتها الشعبية، لأنها الأمور الدائمة والباقية، وأن تنأى بنفسها عن الصراعات الداخلية، والانحياز إلى طرف النظام أو المعارضة، باعتبار أن الهم الوطني ، وهنا فلسطين يجمع ولا يفرق، ويقبل من كل عطائه الإيجابي، ويصمت عن مقارعة المواقف السلبية. إن بعض الأقلام التي لا تحمل ودا لحركة حماس تقفز عن مفاهيم ومبادئ حركات التحرر، وتنظر من زاوية الخصومة لا من زاوية الوطن عند تحليل الأحداث، فتتحدث عن أمانيها أكثر مما تتحدث عن حقائق الأشياء. ومن هذه الأحاديث زعمهم : أن حماس تعيش مأزقا غير مسبوق، فهي خسرت مصر ، وخسرت سوريا، وخسرت إيران ، ولم تكسب أحدا، وأنها تكابر، وعلى قادتها الاعتذار عن الأخطاء السياسية، وإن الاعتذار لن يعيد الأمور الى سابق عهدها. وهذا قول فيه من الشماتة، والأماني أكثر مما فيه من الحقيقة، حتى وإن تعددت الأقلام ، وتنوعت المقالات ، والتصريحات الإعلامية. فكلها تخرج من معين واحد، ومن سيرفر حاكم ورئيس. الثابت أن حماس لم تتدخل في الشأن السوري ، ولم تشارك في القتال مع أي طرف، وأيدت الحلول السياسية ، ورفضت التدخل الأجنبي، وحافظت على مبادئها، وعلى بوصلة الصراع مع الاحتلال، وهذا أقصى ما يمكن أن تقوم به حركة تحرر همها فلسطين. وهذه السياسة تنسحب على الموقف من المتغيرات في مصر، أما ما يقال عن موقف النظام في مصر أو في سوريا من حماس ، فهو أمر يخص النظام ، ولا علاقة له بمواقف حماس البتة، وحماس لم تغدر بأحد ، ولم تتاجر بمواقفها. إن أفضل مراكب النجاة أمام حركات التحرر هو مركب المصداقية الوطنية، والمصداقية الأخلاقية، وليس في الاتجار بالوطنية منجاة، أو براعة سياسية. والقراءات السياسية ذات المغزى والمصداقية لا تقوم على الأماني، ولا تنمو بالشماتة، لأنها في النهاية تبقى قراءات حبيسة أصحابها فقط.