تعتبر عملية الإصلاح الثقافي صمام أمان الإصلاح الشامل وقناة الإصلاح وبوابته الكتاب غير الحاضر بقوة في صناعة الوعي العربي سواء في شكله الورقي التقليدي أو "سي دي" أو "دي في دي" أو الكتاب الالكتروني أو شريط الفيديو. أزمة الثقافة العربية ليست أزمة الكتاب غير الحاضر فقط وإنما أزمة قيم ثقافية وحضارية لا تعيد للكتاب الاعتبار في صناعة الوعي وليس المقصود هنا بالطبع كتب الطبخ وفنون التسوق، والطريق للإصلاح الثقافي يكمن في إزالة عوائق زيارة سفير الوعي (الكتاب) باستبداله بموروث الثقافة الشفوي وربما هذا بسبب غياب الإنتاج الفكري الإبداعي هذا الإنتاج الذي يفتقد لسنة التنوع فيغدو ضعيفاً ركيكاً. وصناعة الكتاب ليست هدفاً بذاته ولكن غايته صناعة المثقف الطليعي الذي يتسلح بقوة المبدأ ونور المعرفة ومصداقية الوعي والتفكير والذي يقرب الحلم من الواقع عبر إنتاج الوعي ويرفع الصوت في وجه أعداء الحياة، لذلك تراه دائماً محركاً للإبداع ويفتح نوافذ للضوء الذي يحمل الحرية والأمل عبر إزالة الصدأ عن العقل والفكر ليصب كل ذلك في هوية الإنسان المعاصر ومجتمعه القائم على المدينة والحضارة ومن هنا تتحرك عجلة البناء لأمة تنهض من تحت الركام على طريق استعادة "خير أمة أخرجت للناس". وتأتي مساهمة وزارة الثقافة في صناعة المثقف ونشر الكتاب تحمله بصمات كثيرة وعلى رأسها توفر مطبوعة مدارات بشكل منتظم كإصدار فصلي ومعرض فلسطين الدولي للكتاب الذي جاء بعد سنوات عجاف من حصار شامل وضمنه الحصار الثقافي وقد شمل المعرض عبق التحدي في ظل الفصام النكد بين المأمول والمتاح عربياً ومن ذلك توزيع مئات آلاف الكتب هدايا إلى المكتبات العامة كهدية من اتحاد الناشرين العرب. ومن ذلك تنفيذ مسابقة " القراءة منهج حياة " في تلخيص كتاب بين طلاب الجامعات، وكذلك تم توزيع مئات الكتب ضمن مشروع "خير جليس". وكان إطلاق جائزة فلسطين التشجيعية للإبداع الشباب دعوة للاقتراب من الكتاب والبحث العلمي وصناعة الثقافة. إن امتلاك رؤية صناعة ثقافة المقاومة على قاعدة التحرير منطلق رئيس للفعل في المشهد الثقافي الفلسطيني وهذا يحتاج تعضيد من كافة الأطراف والأطياف على قاعدة "فلسطين توحدنا"، ومن خلال منهج تعزيز العمق الثقافي الخارجي مع أحرار العالم ومع عالمنا العربي والإسلامي على قاعدة " التحشيد الثقافي لفلسطين ". نأمل أن تكون منطلقات العمل الثقافي وأسسه وبرامجه تحقق التجذير الثقافي لصالح مشروع الأمة " فلسطين ".