وبات الزواج في المجتمع الفلسطيني ضربًا من ضروب التفاخر والمباهاة، ولم يعد الارتباط بين قلبين محصورًا على المهر والشبكة وحفلة بسيطة يحضرها أقارب العريسين، بل تجاوز ذلك إلى حجز أفخم القاعات التي تتراوح تكلفتها ما بين 3 إلى 18 ألف شيكل بحسب حجمها والخدمات التي تقدمها، وكذلك اختيار بطاقات الدعوة، فبعضها تكلف 15 شيكلا وأخرى نحو 150 شيكل للبطاقة الواحدة. وفيما يخص الفرق الموسيقية والمطربين وخاصة الشعبيين مثل "الحدايا أو "الحدى" فأجرتها تزيد عن ثلاثة آلاف دولار لا سيما خلال سهرة الشباب كما يجري في غالبية القرى، هذا إلى جانب المصاغ الذهبي (غرام الذهب 31 دينارًا أردنيًا)، وفستان الزفاف (المبلغ مفتوح)، وقالب الجاتوه وبوفيه الطعام وغيرها. [color=red][title]فوق المعقول[/title][/color] رانيا جودة من قرية قضاء رام الله تشير إلى أن صديقتها التي تزوجت مؤخرا أنفقت أموالاً كثيرة في حفلة العرس، فقد كان مثقلاً بالعديد من المتطلبات التي انتهى دورها بانتهاء الحفل.. تقول لـ"فلسطين الآن": "لقد طلبت من شركة مختصة تجهيز قاعة الحفل التي كانت في فندق فخم، حيث كانت إكسسوارات الطاولات من زينة وورود منسقة وشموع باهرة ومكلفة جدًا، هذا إضافة للولائم والطعام مما لذَّ وطاب". محمد هو الآخر أصيب بصدمةٍ بدت معالمها واضحة على وجهه حينما علم أن تكاليف زفاف صديقه قيس وهو موظف متوسط الحال فاقت 20 ألف دينار أردني. ورغم كون المبلغ الذي دفعه العريس ليس بالكثير مقارنةً مع غيره الذين تصل تكاليف زفافهم إلى أضعاف مضاعفة، إلا أن ذلك يعتبر رقمًا كبيرًا ومبالغًا فيه بالنسبة لكثيرٍ من الفلسطينيين، حيث يرونه "بذخًا وترفًا زائدًا" لا داعي له نظرًا للظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها الأراضي الفلسطينية. ويدافع العريس "30 عامًا" عما دفعه من مصاريف لإتمام حفل زفافه، قائلاً: "لقد تكلفت أكثر من 35 ألف دينار أردني منذ أن تقدمت لخطبة زوجتي حتى الآن، موزعةً بين المهر واستئجار المنزل وتأثيثه وحفلة العرس ومتفرقات أخرى.. لا شك فيه أن المبلغ الذي دفعته مرتفعٌ إذا ما قورن بباقي الأعراس التي تجري هنا، لكنها فرحة العمر لي ولزوجتي وأهلنا وأصدقائنا.. لقد عملت وجمعت المال لأعيش هذه الفرحة، وأنا سعيد بتلك الليلة، وأعتقد أن كل من شاركنا إياها أصابه ذات الشعور"، غير أنه في الوقت نفسه يعترف أنه لا يزال يعاني من الديون، حيث اضطر إلى الاستدانة من بعض معارفه، ولم يسدد ما عليه بعد. [title]الآراء تباينت[/title][color=red][/color] البعض اعتبر ذلك حقًا مشروعًا لمن يملك المال بأن يعبِّر عن فرحته بالطريقة التي يراها مناسبة، في حين ذهب آخرون إلى اعتبار ذلك مظهرًا مسيئًا ولا يعبِّر عن التضامن مع بقية أبناء الشعب الفلسطيني الذي يمر بشكلٍ عام بظروف صعبة. كما اختلفت آراء الخبراء والمختصين، فقسمٌ منهم يعتبر السعي غير المسبوق لإقامة أعراس وحفلات تتميز بالبذخ والترف بين صفوف الفلسطينيين ظاهرة تتماشى مع "العصرنة والتطور"، وآخرون عدوها ابتعادًا عن العادات والتقاليد، وتقليدًا "فجًّا" للمجتمعات الغربية.