24.44°القدس
24.08°رام الله
23.3°الخليل
26.79°غزة
24.44° القدس
رام الله24.08°
الخليل23.3°
غزة26.79°
الجمعة 05 يوليو 2024
4.78جنيه إسترليني
5.28دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.05يورو
3.74دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.78
دينار أردني5.28
جنيه مصري0.08
يورو4.05
دولار أمريكي3.74

خبر: اختلاف

مما لا شك فيه أن حالة التوافق والانسجام والتنسيق التام بين أفراد المؤسسة الواحدة أو حتى المجتمع، لها دور كبير في نجاح هذه المؤسسة، أو تقدم هذا المجتمع. ولكن بالطبيعة البشرية هذه الحالة لا تكون في كل الأوقات، أو في كل المواقف. وهذا أمر فطري، وهذا ما أيدته الآية الكريمة: (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ). وهذا الاختلاف ينتج عن اختلاف المشارب والبيئة التي نشأ كل واحد فيها، وكذلك التربية التي شب عليها من البيت والشارع والأصدقاء والمدرسة والمسجد والجامعة وغيرها من محاضن متعددة تساهم في تكوين شخصية الفرد، مما ينتج معها تنوع في الطباع وتعدد في الأفكار. ومن المؤكد أن تنوع الآراء حول نقطة معينة وتعددها وبالتالي اختلافها عن بعضها البعض، وبلا أدنى شك، يثري النقاش حول هذه النقطة، ويضع أمام صانع القرار خيارات عدة وبدائل متعددة وحلول متنوعة، قد يأخذ بأحدها، أو يمزج بعضها ببعض ليخرج بالخيار الأفضل والحل الأمثل. بالتالي فإن من مهارات القائد الناجح كيفية إفساح المجال لاختلاف وتنوع الرؤى المقدمة من مساعديه أو موظفيه، حتى يضمن استمرارية نجاحه، بل وتقدمه في مؤسسته. وأود هنا الإشارة والتأكيد على نقطة مهمة، ومبدأ أساس في عمل المؤسسات وفي إدارة المجتمعات، ألا وهو: أن نكون على قلب رجل واحد لا يعني مطلقاً أن نكون على شاكلة أو هيئة رجل واحد، سواء في نمط التفكير، أو طريقة الإدارة، أو حتى في المظهر والسلوكيات الفردية في التعامل مع الآخرين، أو في مختلف المواقف. وهنا الاختلاف، أو إن شئت قل التنوع محمود ومطلوب وضرورة للتقدم. وهذا لسبب بسيط، أنه عندما يكون الجميع نسخة طبق الأصل، أو إذا تم اتباع سياسة النسخ واللصق، أو التقليد، فإنها ستؤدي غالباً إلى نفس النتائج، والتي قد يشوبها النقص، أو الجمود، وحتى لو كانت هذه النتائج إيجابية، فإنها مع تغير البيئة المحيطة بالمواقف، وكذلك مع البعد الزمني فإنها ستتناقص تدريجياً، أو قد تنقلب إلى سلبيات، أو على الأقل فإنها ستولد رتابة مملة، وتكرار يفقد بريقه مع الزمن. والاختلاف المقصود هنا في أمور الدنيا المتروكة للبشر صياغتها وإدارتها والتعامل معها كيف يشاؤون، وليس بطبيعة الحال في أمور الدين المتفق عليها، حينها يصبح الاختلاف مذموماً ومرفوضاً، ومما جاء في أحاديث المصطفى عليه الصلاة والسلام قوله: (وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين)، وهذا لا يتنافى مع المقولة المشهورة: (اختلاف الأئمة رحمة للأمة)، فاختلافهم هنا في اجتهاداتهم وفتاويهم هي التي تأتي ضمن حدود الشرع، وفي الأمور الفرعية، وليس في الأصول. ويندرج ضمن الاختلاف المذموم، ذلك الذي يأتي انتصاراً للنفس، أو اتباعاً للهوى، أو بهدف الشذوذ عن الجماعة. وأمر آخر نحن بأمس الحاجة إليه طالما أننا أكدنا أن الاختلاف أمر طبيعي ووارد في كل المجتمعات، وخصوصاً ونحن نعيش عصر الانفتاح المعلوماتي، ألا وهو التحلي بآداب الاختلاف، ونشر ثقافة تقبل الرأي الاخر، وقبول التحاور مع الفكر المعاكس، فإذا كانت أهدافنا نبيلة، وغاياتنا سليمة، فلا بد أن نلتقي مهما اختلفت وسائلنا، أو آراؤنا، طالما أنها بعيدة عن نطاق الاختلاف المذموم. ولكن للأسف تجد أن العديد، وخصوصاً من الشباب، يتعصب لرأيه أو لرأي حزبه أو مؤسسته بصورة عمياء، لا يتقبل معها أي رأي يختلف عن الذي تم تلقينه له، أو أي توجه مخالف عن التوجه الذي اقتنع به، وهذا الأمر بكل تأكيد يؤدي إلى تخلف المؤسسة بتحجر عقول أفرادها، أو إلى تراجعها مع الوقت مقارنة بالمؤسسات الأخرى، والتي تمارس سياسة الرأي والرأي الآخر. ومن القواعد الذهبية التي تبعدنا عن حالة التحجر الفكري والتعصب الذاتي، مقولة الإمام الشافعي رحمه الله: (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب)، هذه هي القاعدة التي يجب أن ينطلق منها الحوار والنقاش بين أفراد المؤسسة الواحدة، وكذلك بين مكونات المجتمع، حينها ستكون العقول مفتوحة لسماع الرأي المخالف، والصدور مشرعة لتقبل التوجه المختلف، فلا تدخل الشحناء والبغضاء والحقد والضغينة بين النفوس، وهذا ما يحدث إذا كانت العقول مغلقة بأقفال التعنت الشخصي، والأهواء الذاتية، ورفض الآخرين لأنهم اختلفوا معنا لسبب أو لآخر. ولذلك فإنه يتبع هذه القاعدة قاعدة عملية أخرى، ألا وهي: (اختلاف الرأي لا يفسد في الود قضية). لكن للأسف هذه العبارة في كثير من الأحيان لا تخرج إلا من الفم، ولو أنها تخرج من القلب لانتشر الحب والوئام ولزاد الود والانسجام، ولما تأثرت المؤسسات لو كان بين أفرادها في الأفكار تطابق أو... اختلاف...