يتسم الأسرى الفلسطينيون بمتانة علاقتهم وتعاضدهم مع بعضهم البعض، فالكثير منهم خاضوا إضرابات مختلفة عن الطعام تضامنا مع زملاء لهم، ويعد مشهد إعطاء الأسرى بعض ملابسهم ومقتنياتهم لزملائهم مشهدا مؤلوفا ومعتادا داخل السجون. لكن ما جسده الأسير إسلام الوشاحي (30 عاما) من مدينة جنين يعد أمرا غير مألوف ويدل على تضحية غير مسبوقة. الوشاحي الذي يقضي حكما بالسجن لـ19 عاما، اختار طواعية الانتقال لعزل سجن ايشل لمصاحبة الأسير المعزول ضرار أبو سيسي والتخفيف من معاناته. [title]المولد والنشأة[/title] يوم السادس من كانون الثاني- يناير عام 1983 وُلد الأسير إسلام يسر حمد الوشاحي في قرية مثلث الشهداء جنوب مدينة جنين لعائلة مكونة من (12 فردا)، وله من الأخوة سامح وبسام، إضافة لسبعة شقيقات. تلقى الوشاحي تعليمه الأساسي في مدارس القرية ثم انتقل لمدارس جنين لدراسة الثانوية العامة، إلا انه لم يتسن له إكمالها، حيث أصبح مطلوبا لقوات الاحتلال وهو لا يزال فتىً لم يتجاوز الـ 18 عاما . وبعد أن وضعت معركة مخيم جنين أوزارها في نيسان 2002، انتقل الوشاحي إلى حياة المطاردة في جبال وسهول قرى محافظة جنين بعد أن ورد اسمه لدى أجهزة المخابرات الإسرائيلية لدوره في إيصال بعض الفدائيين ومشاركته في التصدي لقوات الاحتلال التي حاولت اقتحام المخيم عدة مرات. يقول شقيقه بسام: "ظل إسلام مطاردا لمدة سنة كاملة، وخلال تلك المرحلة كان منزلنا عرضة للاقتحامات المفاجئة، وذات مرة اقتحمت الدبابات الإسرائيلية القرية بإسناد من الطائرات المروحية، وحاصروا المنزل وأخذوا يبحثون عن إسلام إلا أنه لم يكن موجودا". ظل إسلام متواريا عن الأنظار قرابة عام كامل إلى أن حانت ساعة الصفر، حيث تم إلقاء القبض عليه وهو في طريقه لإيصال أحد الفدائيين إلى داخل المناطق المحتلة عام 1948. وفي هذا السياق يقول شقيقه: "بتاريخ 2/12/2002 كان إسلام برفقة أحد الشبان الذي كان ينوي تنفيذ عملية، وفي بلدة برطعة غرب جنين وعندما همّ بالدخول إلى أحدى المدن الإسرائيلية، فوجئ بجنود القوات الخاصة بلباس مدني ثم أنقضوا عليه وألقوه داخل إحدى السيارات وذهبوا به بعيدا". [title]الحكم الجائر[/title] ولا تزال أسرة الوشاحي تتذكر ساعة النطق بالحكم على ابنها في محكمة سالم العسكرية، حين وقف القاضي صاحب الوجه العبوس والكرش الممتلئ والقامة القصيرة وقرأ بنود لائحة الاتهام، ثم اصدر حكمه بسجن إسلام لمدة (19 عاما) وذلك بعد شهرين من التحقيق المتواصل في مركز تحقيق الجلمة ذاق فيها شتى أصناف العذاب الجسدي والنفسي. وعن ذلك يقول شقيقة: "كنا نتوقع أن يكون الحكم اقل من ذلك بكثير، وكنا على يقين أن قاضي المحكمة اصدر حكما سياسيا انتقاميا أكثر منه حكما قضائية خاصة أن تلك الفترة شهدت ارتفاعا في موجة العمليات وبعد أن خرج الاحتلال مهزوما من معركة مخيم جنين". ويلفت إلى أن شقيقه إسلام "ظل ساعة النطق بالحكم متماسكا صلبا، مؤكدا على أن حكم الله يغلب حكم الاحتلال وأن مشيئته هي النافذة". ويضيف: "وجهت النيابة الإسرائيلية لشقيقي عدة تهم تمثلت في عضويته في كتائب القسام ومحاولة إدخال فدائيين إلى المناطق المحتلة عام 1948 والمشاركة في التصدي للجيش الإسرائيلي خلال اقتحام مخيم جنين عام 2002، والعمل ضمن مجموعة الشهيدين إياد أبو الليل وعماد النشرتي". [title]العزل الطوعي[/title] تنقل إسلام بين مختلف السجون الإسرائيلية، بدءا بنفحة مرورا ببئر السبع وشطة والنقب، لينتهي به المقام قبل حوالي شهر في عزل سجن ايشل. ويشير الباحث في التضامن احمد البيتاوي إلى أن الأسير الوشاحي اختار طواعية هو والأسير نور حمدان من بيت لحم مرافقة الأسير المعزول ضرار أبو سيسي في زنزانته بعدما طلبت منهما الحركة الأسيرة ذلك، فكان إسلام ورفيقه نموذجا لتحمل المسؤولية والإيثار. [title]معاقبة ذوي الأسير[/title] وكعادة الاحتلال وبحجج الذرائع الأمنية لا تزال عائلة الأسير إسلام محرومة من رؤية ابنها باستثناء والدته، كما يمنع أفرادا منها من السفر إلى الخارج، بحجة أنهم يشكلون خطر على أمن الاحتلال. وتطلق الأسرة المناشدات العاجلة للمؤسسات الحقوقية من اجل السماح لها برؤية ابنها الأسير، وإلغاء سياسة العقاب الجماعي والعزل الانفرادي للأسرى.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.