19.68°القدس
19.44°رام الله
18.3°الخليل
24.04°غزة
19.68° القدس
رام الله19.44°
الخليل18.3°
غزة24.04°
الأحد 13 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: حكاية مدينة الأنفاق

عمارها رجال يزرعون الرعب في عتمة الأرض، طعامهم برائحة الطين والرمل، ليلهم طويل، ونفسهم أطول، يصنعون من تقوسات ظهورهم أقواس نصر، تلتهب غضاريف عظامهم، فيشتعل حماسهم، ثم تنزل عليهم سنة من نوم وهم يقبضون على معاولهم، وفجأة... يتحول بيتهم إلى قبر، تضمهم الارض في أحضانها، فتذوب أرواحهم بثراها، تخرج أنفاسهم الأخيرة من أجسادهم وتسري في أحشائها التي عاشوا فيها أياما وأسابيع، ثم يولدون من جديد.. شهداء. يا عمار مدينة الأنفاق أنتم روح المقاومة التي تسري في أجسادنا، انتم أبناء الارض، عشتم في رحمها أكثر مما عشتم في احضان أمهاتكم وزوجاتكم. فراشكم حجارة، ولحافكم تراب، أناشيدكم يتردد صداها عبر الأعماق، ضحكاتكم المكتومة تعانق شعاع نور يخرج من مصباح صغير، تبعثون الحياة بين الحجارة والرمال، وجوهكم تضيئ الظلام فتبدون نجوما تتلألأ في باطن الارض. وهناك فوق الارض، ترقب الام الشارع من بعيد، وتنصت الزوجة لطرقات باب، ويسأل الطفل متى يعود الفارس من بطن الارض، لم يأت.. فيخرج صوت الأم خافتا مبللا بالدموع: طلت البرودة والسبع ما طل يا بوز البرودة من الندى منبل ما بيني وبينك سنسله ووادي ما بيني وبينك سِنسله ووادي وأبعدت غادي ليش يا خي وابعدت غادي في وادي القاعة لقاني القسامي في واد القاعة طاقم على الساعة مر ميلي طقم على الساعة لم يعودوا أبناء مدينة الانفاق ولكن عادت أجسادهم، ينفضوا عنها التراب، ورائحة الثرى تفوح منها، تسلم أشعة الشمس على الاجساد التي غابت عنها لأيام وأيام. حتى لو لم تخرج الاجساد من مدينة الانفاق، فقد جهزها أبناؤها لكي تكون قبورهم، وحصنوها بدعوات وصلوات وآيات من القرآن. لكن الحسرة على من فوق الارض، بماذا حصنوا قبورهم؟ يعود صوت الأم وهي تودع الفارس الى الارض التي جاء منها: هب الهوى شرقي وغربي لا تفتحوا علي جروح قلبي كلمة من الله يا حراير المكتوب على الجبين صاير.