رغم مرور تسع سنوات على صدور قرار محكمة "لاهاي" الذي اعتبر الجدار الذي يبنيه الكيان الصهيوني داخل أراضي الضفة الغربية غير شرعي وطالب بإزالته، إلا ان أعمال البناء فيه ما تزال مستمرة، بل شارفت على الانتهاء في معظم مسارته، ولم يبق إلا بضعة كيلومترات في محيط مدينة القدس، لاستكمال بناء ما يسمى "غلاف القدس"، التي ستنتهي في غضون الأشهر القليلة القادمة حتى نهاية هذه السنة على أبعد تقدير، ليصار وقتها إلى تطويق المدينة المقدّسة وعزلها عن المدن والقرى الفلسطينية المجاورة لها. [color=red][title]تسلسل الأحداث[/title][/color] بوشر يوم 23-6-2003 ببناء الجدار بشكل ملتو داخل الضفة الغربية ويمر بمحيط المغتصبات المبنية فيها ويحول دون قدرة الفلسطينيين إلى الولوج لداخل الخط الاخضر الا عبر بوابات خاصة. وبناء على الخطة التي أعلنتها الحكومة الصهيونية في 30 إبريل -نيسان 2006 فإن طوله سيبلغ 703 كم عند نهاية البناء. الجدار مبني من الاسمنت بارتفاع يتراوح بين 4.5 و9م في المناطق المأهولة، وسياج إلكتروني في المناطق غير المأهولة. ورغم أن 15% من مقاطع الجدار تمتد على حدود عام 1948، إلا أن الباقي سيكون في اراضي عام 1967، ويدخل فيها بعمق يصل إلى 22 كم في منطقة اصبع "ارئيل" قرب محافظة سلفيت ليعزلها عن العالم الخارجي اسوة بمدينة القدس. وتأثرت حياة نحو 875 ألف فلسطيني بشكل مباشر من الجدار، كما أنه عزل 236 ألف فلسطيني داخل جيوب من بينهم 115 ألف أصبحوا معزولين ما بين الجدار الفاصل شرقاً والخط الأخضر غرباً. [color=red][title]القدس.. انتهى الامر[/title][/color] ويتضمن "غلاف القدس" إقامة مجموعة من الأحزمة الأمنية والسكانية لفصل شرقي القدس بشكل تام عن الضفة الغربية ليتسنى السيطرة على حركة الفلسطينيين من وإلى المدينة والتحكم في نموها بما يخدم مستقبل اليهود فيها، كما سيجري دفع غالبية من السكان الفلسطينيين تجاه الشرق، بما سيؤدي إلى تغييرات ديموغرافية وأخرى جوهرية على مستوى الحياة وعلاقة الإنسان الفلسطيني بأرضه المحيطة الأمر الذي لا يمكن تقدير مدى خطورته. ووفقًا للخطة التي أقرتها قيادة الجيش الصهيوني، فإنه سيتم العمل على استكمال بناء الجدار في النقاط المركزية المتبقية فيه والموجودة في منطقة قلنديا وغربي شعفاط وجبل "جيلو"، بمساحة لا تتجاوز عشرين كيلومتر، بعد ان فرغت من إنجاز البناء في مائتين كيلومتر من مساحة الجدار الكليّة في المنطقة. وعند إنجاز بنائه، سيتم ضم نحو 12 مغتصبة في شرق القدس عدد مغتصبيها 176 ألف مغتصب وتعادل نسبتهم إلى مجموع المغتصبين نحو 44%، إلى جانب 27 مغتصبة أخرى في محيط القدس، وابتلاع الجدار أكثر من 90% من مساحة (القدس الشرقية) الموسعة بعد سنة 1967 (70كم2) لتدمج في (إسرائيل) لاحقا. ويشكل الفلسطينيون 35% من سكان القدس (الشرقية والغربية) والخطة ستقلص عددهم إلى 22%، وهي نسبة كانت اللجنة الوزارية الصهيونية لشؤون القدس قررت عام 1973 ضرورة الوصول إليها. أما في القدس (الشرقية) فيعيش الآن نحو 300 ألف فلسطيني، و200 ألف صهيوني، وإذا ما طبقت الكيان الصهيوني خطة إخراج الفلسطينيين وسحب هوياتهم، فإن الأغلبية ستصبح يهودية. [color=red][title]قرى مخنوقة[/title][/color] بلدة الولجة الواقعة الملاصقة لمدينة بيت لحم في جنوب الضفة الغربية نموذج صارخ لذلك، فهي في طريقها لأن تصبح "القرية الوحيدة في الضفة التي سيطوقها الجدار بالكامل". فقد أوجد مسار الجدار فاصلا بين القرية وبين المستوطنة المجاورة "هار جيلو" وأبقى طريقا وحيدا للدخول والخروج منها تجاه البلدة المجاورة بيت جالا. ومن المقرر أن يتم نصب حاجز في مداخل القرية للإشراف على الحركة في هذا المسار. [color=red][title]السياحة والآثار[/title][/color] ألحق الجدار أضرارا بالغة بقطاعي السياحة والآثار سواء الأضرار التي لحقت بالمواقع الأثرية، أو بالحركة السياحية لبعض المواقع الأثرية. وكون الكيان الصهيوني قوة محتلة فهو ملتزم بحماية التراث الثقافي للبلد الذي يحتله لكنه على العكس تماما يقوم بعمليات تدمير متعمدة للتراث الثقافي الفلسطيني. تقودنا هذه المقدمة الى الحديث عن الجدار في منطقة سلفيت شمالا، فطوله الممتد في أراضي المحافظة يبلغ حوالي (69.646) كم، وبعمق هوائي حوالي (27) كم، وذلك حسب مصادر جمعية الدراسات العربية بالقدس، اما مساحة القرى التي يمر منها الجدار فهي (199.290) كم2، أي ان الأراضي التي التهما الجدار وضمها الى داخل الكيان المحتل تقدر بنحو (118.000) دونم، وتحوي الكثير من الخرب والمواقع الاثرية والمقامات الدينية في هذه المحافظة، وهنا مربط الفرس. كل هذه المواقع باتت إما مندثرة ومدمرة نتيجة مسار الجدار، وأما معزولة داخله، بحيث لا يستطيع الفلسطيني وحتى السائح الأجنبي الوصول إليها. وفي الختام، فقد تسبب الجدار بنتائج غير قابلة للإصلاح في إطار النزاع مع الاحتلال، حتى انه سيؤثر على أية تسوية مستقبلية، كونه قلص من مساحة الدولة الفلسطينية المفترض إقامتها، وجعلها عبارة عن كانتونات تعزل الفلسطينيين في سجون صغيرة.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.