مصطفى الصواف أدرك محمود عباس رئيس حركة فتح وقادة منظمة التحرير الفلسطينية أخيرا أن منظمة التحرير الفلسطينية بحاجة إلى تطوير وتحديث وإعادة بناء من جديد بعد أن اعتراها تدمير ممنهج أخرجها من هدفها وأبقاها في حالة تكلس رغم تغييرات كثيرة حدثت في الساحة الفلسطينية ووجود قوى فاعلة خارج منظمة التحرير وهي تشكل جزءًا كبيرًا من الشعب الفلسطيني. ما قبل عام 2005 تداعت القوى الفلسطينية في القاهرة وجلست وتباحثت وخرجت باتفاق يقضي بإعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية بمشاركة كافة الأمناء العامين للقوى الفلسطينية بما فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي وكذلك الفصائل التي علقت مشاركتها وعضويتها، أو لم تكن منضوية تحت لواء المنظمة، وبقي الاتفاق ينتظر اللقاء من أجل بدء عملية التفعيل وإعادة البناء حتى عامنا هذا 2011. اليوم وبعد أن بحت أصوات كثير من القيادات الفلسطينية والخبراء والسياسيين والمحللين المنادية بضرورة تفعيل منظمة التحرير، إلا أن إصرارا غريبا كان من قبل عباس بعدم الانصياع لهذه الرغبة والاستماع للنصيحة وأصر على مواصلة العمل بهياكل منظمة التحرير المتهرئة والمتعفنة ومجالسها التي شاخت وتحللت وباتت لا تمثل أحدًا من الشعب الفلسطيني إلا أهواء ورغبات محمود عباس وحركة فتح لتمرير ما كان يسعى إلى تمريره من قرارات تخدم توجهه السياسي وإن خالف الإجماع الفلسطيني وذلك من خلال ما يسمى باللجنة التنفيذية التي مثلت فيها كل قوى شهاد الزور وبقيت فتح وأكذوبة المستقلين ( فتح ) والتي اعتُبر فيا قريع وغيره أنهم مستقلون !!. والحقيقة أن قرار تعطيل اتفاق القاهرة جاء برغبة من قبل نظام مبارك المخلوع وكان اكبر المعارضين لتطبيق الاتفاق عمر سليمان وزير المخابرات المصري السابق والذي كان يرى أن تطبيق الاتفاق سوف يفضي في نهاية الأمر إلى سيطرة حركة حماس على المنظمة وهذا مرفوض من قبل النظام المصري، وقد توافق الأمر مع رغبة محمود عباس الذي كان يخشى نفس النتيجة وتوافق الطرفان عمر سليمان ومحمود عباس على تأجيل تفعيل الاتفاق بعد انتخابات عام 2006 معتقدين أن حماس لن تحصل على نسبة ذات تأثير على المشهد السياسي الفلسطيني؛ ولكن عقب النتائج المفاجئة، رسخت القناعة بعدم تفعيل المنظمة حتى يتم استحضارها في الوقت المناسب وإحلالها محل المجلس التشريعي الذي تسيطر عليه حركة حماس، وبالفعل أصبح اللجنة التنفيذية غير الشرعية بتشكيلتها الحالية هي من يقرر لأنها حسب هوى محمود عباس وحركة فتح المسيطرة عليها. تغيرت الأحوال ولم تعد الأمور وفق هوى عباس وانهار النظام المصري الداعم وصاحب القرار في الموضوع الفلسطيني فيما يتعلق بعباس وحركة فتح، وفشل مشروع التصفية الذي قادته أمريكا وشكل نظام مبارك غطاء له، ثورة التغيير اجتاحت العالم العربي، وحماس لم تسقط ولم تضعف ولم تتنازل، وشعر عباس انه بات مهددا ويبحث عن عملية إحياء ذاتية وبدأ البحث في الأوراق القديمة وأخذ بعد سنوات ست يدعو إلى تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وفق اتفاق القاهرة ، وأخذت من بعده أبواق متعددة بالحديث عن التفعيل. اليوم لم يعد يكفي تفعيل اتفاق 2005 لوحده، وقبل ذلك لابد من إنهاء الانقسام كمدخل لتفعيل منظمة التحرير، وإنهاء الانقسام بحاجة إلى تسوية كل الأخطاء التي ارتكبها محمود عباس وحركة فتح بحق الشعب الفلسطيني وقضيته، وأول عملية تصحيح الأخطاء هو وقف التعاون الأمني وتبييض السجون من المعتقلين السياسيين وإعادة الحياة العامة إلى وضعها الطبيعي في الضفة الغربية. هل سيدرك محمود عباس الأمر قبل فوات الأوان، أم انه سيبقى يناور أو يماطل ويراوح مكانه، ويبقى بعيدا عن الحقيقة القائلة إن فلسطين كل فلسطين للشعب الفلسطيني وإن المغتصب لا حق له في فلسطين وإن المقاومة طريق التحرير.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.