شكّل الاجتماع الذي عقده قادة الإخوان المسلمين في قطاع غزة عام 1987 نقطة انطلاقة لحركة ذات بعد سياسي وجماهيري مقاوم للاحتلال بكافة الأشكال والوسائل؛ ففي ظل انتفاضة الحجارة ضد الاحتلال بعد استشهاد أربعة عمال فلسطينيين دهساً بشاحنة إسرائيلية في ذلك الوقت، كان الإعلان عن حركة المقاومة الإسلامية (حماس). واجهت "حماس" منذ ذلك الحين عدة تحديات، ومرت بعدة محطات، منذ نشأتها وحتى تقلدها زمام السلطة واستمرارها فيها إلى الآن. [title]أبرز المحطات[/title] [color=red]"فلسطين الآن"[/color] تتبعت تاريخ وحاضر"حماس" مع القيادي في الحركة د. يحيى موسى، الذي يوضح أن أي حركة تعيش تحت الاحتلال تمر بمحطات متنوعة ومختلفة، لكنّ العنوان الأبرز فيها هو الجهاد ضد الاحتلال، متابعا"مرحلة الجهاد كان لها جوالات مستمرة من الفعل وردة الفعل مع العدو(..) فيها الاعتقال والإبعاد والقتل، ودائما القتل في حد ذاتها ملحمة متواصلة لا تنتهي". "منذ أن بدأت الحركة كانت الضربات التي تتعرض لها تستهدف الصف الأول من قياداتها، ولعلَّ هذا أكثر ما ميزها"، كما يقول موسى، موضحا في نفس الوقت أن "قادتها يدفعون ثمن جهاد العدو أكثر مما يدفعه العناصر والكوادر". وأضاف القيادي في الحركة "كان هناك صفوف قيادية تتوالى على قيادة الحركة منذ عام 1987 إلى قيام السلطة، وكل عام تقريباً يتولى صف قيادي جديد شأن الحركة، إلا أن هناك أحداثاً مميزة، حينما بدأت الحركة السير نحو العمل الجهادي "العسكري" والذي بدأ مطلع الثمانيات، أدى إلى تغيب القيادة التاريخية كالدكتور أحمد ياسين وإبراهيم المقادمة وصلاح شحادة وغيرهم واعتقالهم ومحاكمتهم بأحكام عالية في سجون الاحتلال. محطة أخرى، كانت بإبعاد الاحتلال الإسرائيلي لأكثر من 414 كادراً من كوادر الحركة إلى مرج الزهور، يقول موسى، منوهاً إلى أنها مثلت محنة جديدة كنت تحتوي في بطنها منحة للحركة، حيث بدأت اختراق الحركة للمحيط وبناء علاقات مع حزب الله وسوريا في ذلك الوقت. ولفت موسى إلى أن أكثر فترة عصيبة وأكثر إيلاماً للحركة كانت في فترة مجيء السلطة عام 1994م، حيث عانت الحركة معاناة شديدة استمرت حتى عام 2000، إذ تمثلت المعاناة بالملاحقة قيادات عناصر الحركة والتعذيب، بأيدي فلسطينية الأمر الذي أدى إلى ضرب العمل الجهادي في الساحة الفلسطينية آنذاك. "كانت الحركة شبه مفككة، لكن في هذه الفترة أنشأت الحركة مظلة سياسية لكي تقوم بأدوار سياسية في الساحة وعبّأت حالة الفراغ الذي واجهته الحركة بإنشاءها حزب "الخلاص الإسلامي"، في ذلك الوقت الذي استطاع أن يمثل بيئة لاستمرار العمل الإسلامي إلى أن جاءت انتفاضة الأقصى عام 2000م، وخرجت القيادة التاريخية من سجون الاحتلال الإسرائيلي مثل الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي الذين شاركوا مشاركة فاعلة في الانتفاضة التي استمرت وأخذت اطواراً جديدة في العمل الجهادي وأدى الى تنامي كبير لقوة الحركة في الميدان سواء على مستوى التجنيد أو على الامكانيات والتسليح"، يتابع موسى. وأشار إلى أن خروج القيادة أدى لاتساع نفوذ الحركة وعلاقاتها السياسية مع إيران وتركيا وغيرهم من الشعوب العربية المحيطة في ذلك الوقت وتواصلت الحركة مسيرتها التاريخية. [title]حماس وتجربة الحكم [/title] وكانت تجربة حماس في الحكم حاضرة أيضاً، منذ فوزها بالانتخابات التشريعية عام 2006م، حيث يقول موسى: "دخلت حماس السلطة مٹ أن تملك الشعوب سيادة نفسها وهذا كله بإيعاز من الاحتلال الإسرائيلي الذي له مصلحة مباشرة بأن لا تنعم المنطقة بالديمقراطية. ويضيف "غزة لعبت دور كبير في هذه الثورات؛ لذلك هناك عمل دؤوب وشبه تحالف دولي لمحاسبة شعبنا كأول من قام بهذه الثورات وأعطى نموذجا فريداً في المنطقة بالتمرد على حالة الضعف والهوان". وعن تجربة حماس في حكم غزة وتقيم البعض لها بالفشل، أجاب موسى قائلا: "هذا كلام فارغ ولا قيمة له"، هنالك نموذجان للحكم في غزة والضفة، إذا أرنا أن نقيس الأمور في الضفة التي يتوفر لها كل موارد السلطة وكل الاحتضان الخليجي والأوروبي والعربي، لكن في المقابل تجد أزمات اقتصادية كبيرة وديون على السلطة وغلاء في المعيشية إلى غير ذلك، ناهيك عن التنسيق الأمني والمفاوضات العبثية وحجم التنازلات الكبير التي تقدمه السلطة للاحتلال. أما في غزة رغم حصارها التي استمرت عدة سنوات منذ 8 أعوام، لاتزال قادرة على الإدارة وتوفير الأمن للمواطن وتوفير الرواتب في شكل يمثل حالة الإعجاز في وجه ظل حصار خانق طال كل شيء، وبقي هذا نموذج إباء وتضحية وشرف، لذلك يراد أن تسقط هذه القلعة وتسقط البندقية، لكن الاستسلام غير وارد في قاموسنا، ستمضي حماس على ذات الدرب حتى تحرير فلسطين كاملة".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.