25.24°القدس
24.96°رام الله
23.86°الخليل
24.47°غزة
25.24° القدس
رام الله24.96°
الخليل23.86°
غزة24.47°
السبت 18 مايو 2024
4.71جنيه إسترليني
5.23دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.03يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.71
دينار أردني5.23
جنيه مصري0.08
يورو4.03
دولار أمريكي3.7

خبر: المليار السابع

البشر يتكاثرون بمعزل عن رصد ومتابعة العدد الذي بلغوه على سطح هذا الكوكب، فحتى الآن ثمّة من يقولون إن سكان الأرض هم ستة مليارات، وإن عدد العرب هو ربع مليار . والحقيقة، إن المليار السابع الذي أوشك على الاكتمال معظمه من القارات الأشد فقراً وتخلفاً، فثمّة بلدان حققت المعادلة الصعبة، وهي التعادل النسبي بين عدد المواليد والوفيات، وذلك من شأنه أن يجعل من التنمية في مختلف الحقول أمراً ممكناً التحكم بمنسوبه، بعكس تلك البلدان التي يحول التكاثر فيها دون أي ضبط أو تخطيط . قبل نصف قرن كانت الأناشيد والأغاني السياسية العربية تردد رقم المئة مليون، وهو تعداد العرب آنذاك . وكان هذا الرقم يبدو كبيراً، لكنه بعد أن تضاعف أكثر من ثلاث مرات في بضعة عقود، تناسى العرب الرقم الجديد لأنهم قلما يعمدون إلى جمع حاصل عدد السكان في مجمل أقطارهم، بعد أن تعمقت خطوط الانفصال والتباعد والتكريس الذاتي لما بدأ به السيدان سايكس وبيكو قبل قرابة القرن . لم تعد نظرية “مالتوس” الشهيرة هي ما تلجأ إليه دول العالم لتحديد النسل، وكذلك ما كان يسمى قديماً الطريقة “اليوجينية” التي رأى من تبنوها أن أفضل وسيلة لتحديد النسل هي الحروب . الآن تولّت حوادث السير والحروب الطائفية والأهلية وشبه الأهلية هذا الأمر، وتحالف الفقر المدقع مع الجفاف ليضيف أرقاماً أخرى إلى القائمة، كما هو الحال في الصومال مثلاً، وليس حصراً . ولعب الوعي الصحي وتطور أساليب التغذية وتقدم الطب، دوراً بالغاً في تغيير متوسط الأعمار، خصوصاً في البلدان المتقدمة التي لم يعد سن الثمانين فيها كما كان لشاعرنا زهير بن أبي سلمى الذي قال بعد بلوغه هذه السن، إنه سئم تكاليف الحياة ومن يبلغ الثمانين لابد أن يكون قد سئم بالفعل، وبدأ ينتظر الرحيل . ونحن نرى في أيامنا رجالاً ونساء تجاوزوا سن السأم وهم يرتدون الثياب الخفيفة ويطوفون العالم ويلتقطون الصور التذكارية بين أطلال حضاراته وتحت شمسه الدافئة، كما يحدث في بلادنا، وهناك من هبطوا بالمظلات وهم في الثمانين، ومنهم أيضاً من صعد إلى أعلى القمم مثل إيفرست، أو وصل إلى القطب المتجمد . فهل سيضيق هذا الكوكب بحمولته الديموغرافية بعد المليار السابع؟ أم أن فيه من الاحتياطي ما يكفي لضعف هذا الرقم؟ إن التوزيع غير العادل للكثافة الديموغرافية في العالم يوازيه توزيع آخر أقل عدالة للثروة، وعند مقارنة متوسطي العمر والدخل بين القارات الخمس، تبدو الفروق كما لو أنها تنذر بكوارث غير محسوبة . من بين هذه المليارات السبعة أكثر من نصفها من الجائعين والمشردين، ومقابل كل جوع، ثمّة تُخمة، لكن عُسر الهضم في حضارتنا المعاصرة تخطّى الأحشاء والدلالة العضوية إلى كل ما هو معنوي وروحي، والغثيان الآخر الذي ينتجه هذا النمط من عسر الهضم العقلي والروحي، يتبدّى من خلال الاضطرابات العصبية، وحرب العصابات النفسية التي يعيشها الفرد مع نفسه قبل الآخرين . ومثلما كان في الماضي البعيد أكلة لحوم بشر، بالمعنى الدقيق وغير المجازي، فإن كوكب المليارات السبعة يشهد مثل هذه الجرائم، فثمّة من يأكلون لحوم بعضهم، أحياء وموتى . أما التوصيات والمواعظ التي تقدمها الهيئات الدولية موسمياً عن هذا التكاثر، فهي على الأغلب، تنتهي مع إسدال الستار على البيان الختامي .