جُمعة تلو جُمعة، يزداد الحنق والغيظ لدى المواطنين في الضفة الغربية المحتلة، من الحال الذي وصلت إليه دور العبادة في كافة المحافظات، التي من المفترض أن تكون الصرح الذي يمتاز بحرية الكلمة، التي يتعلّم فيها الأجيال كتاب الله وسنة رسوله، كما ورثها المؤمنون عن نبيهم الكريم. ففي السنوات القليلة الماضية، انتقل دور المساجد في الضفة، من المكان الأهم والأبرز لتعليم الأخلاق والقيم والمعتقدات الإسلامية وتخريج الأجيال الحاملة لكتاب الله، إلى مكان تحول بفعل وزارة الأوقاف التي يرأسها المدعو محمود الهباش، إلى منبر للخطب الجاهزة الممجدة للسلطة ورئيسها محمود عباس. [title]قمعٌ للحريات [/title] وامتد الكبت الذي يعيشه أئمة المساجد في الضفة الغربية، من منعهم من الحديث بحرية على المنابر وأمام العامّة، ليصل إلى الاجتماعات الخاصة التي تعقدها وزارة الأوقاف لهم. ففي التاسع والعشرين من الشهر المنصرم، عقدت وزارة الأوقاف في مدينة البيرة اجتماعًا لأئمة المساجد مع الهباش، للتباحث في أوضاع المساجد والتأكيد على ضرورة دعم السلطة وحركة فتح في مواقفهما السياسية من ملفي المفاوضات مع الاحتلال والمصالحة مع حركة حماس. وذكرت مصادر خاصة حضرت الاجتماع الذي ترأسه الهباش، أن عددًا من الأئمة عارضوه حينما هاجم حركة حماس، متهمًا إياها بتعطيل المصالحة. وأكدت المصادر أن مدير الشؤون الإدارية في وزارة الأوقاف معتصم دقة، الذي دعا للاجتماع، قمع -بأمرٍ من الهباش- الإمام إياد ناصر من قرية شويكة قضاء طولكرم، لاعتراضه على اتهام حركة حماس برفض المصالحة. وأفادت المصادر أن الإمام إياد ناصر سأل الهباش أمام الحضور "حماس جاهزة لتطبيق ما تم الاتفاق عليه، فهل أنتم جاهزون؟، أنت تقول إنه إذا كانت حماس تريد المصالحة فعلا فلتعلن ذلك، حماس جاهزة وإذا كنت فعلا تريد المصالحة فلنبدأ من الآن، أنا من طرفي وأنت من طرفك للعمل الفوري لتطبيق المصالحة، حماس جاهزة فهل أنتم جاهزون؟". وأكدت المصادر أن حالة من الغضب أصابت الهباش بعد تعليق الإمام ناصر، فيما بدى عدم تفاعل غالبية الأئمة مع حديث الهباش. [title]إجراءات قمعية [/title] ولم تنته حكاية القمع بحادثة الاجتماع الأخير بمدينة البيرة، فقد تفاجأ سكان قرية شويكة بنقل الإمام إياد ناصر تعسفيًا، فيما تم كذلك نقل الشيخ شاكر عمارة، إمام وخطيب مسجد عقبة جبر في أريحا. وأفاد مواطنون من مدينة أريحا، أن مدير أوقاف المحافظة، أمر بنقل الشيخ عمارة من مسجد عقبة جبر إلى قرية فصايل التي تبعد 25 كيلومتر عن بلدته، فيما يعرف الشيخ عمارة بقِدم عمله في وزارة الأوقاف منذ عام 1987، عدا عن مكانته وقدره بين المواطنين في المحافظة. [title]دعوات لوقف التجاوزات [/title] بدوره، ندّد القيادي في حركة حماس المهندس وصفي قبها، بالإجراءات التي اتخذها وزير الأوقاف في حكومة رامي الحمد لله، بحق أئمة وخطباء المساجد في الضفة الغربية. وأضاف في تصريح صحفي، أن الإجراءات التي اتخذت بحق الأئمة ناصر وعمارة وغيرهم "تأتي في سياق انتقام شخصي وانعكاس لما يعتمله قلب الهباش من حقد وكراهية للشرفاء، لمجرد معارضتهم استبداده وهيمنته وإنكارهم عليه ما يدعيه خلال الاجتماعات التي تُعقد بين الفترة والأخرى". ودعا قبها رئيس وأعضاء اللجنة المركزية في حركة فتح لوضع حد لتجاوزات الهباش ومحاولاته إفساد الأجواء التصالحية بين مكونات الشعب الفلسطيني، وخلخلة السلم الأهلي والاجتماعي، وفق تعبيره. [title]غضبٌ شعبيٌ [/title] ولقيت قرارات وزارة أوقاف الضفة بنقل الأئمة تعسفياً ردود فعلٍ شعبيةٍ تراوحت بين الإدانة والغضب الذي عبر عنه كثيرٌ من المواطنين مبدين رفضهم لهيمنة فكر الإقصاء على مساجد الضفة الغربية. وحفلت شبكات التواصل الاجتماعي فيس بوك بالتعبيرات والمواقف الرافضة لإجراءات نقل الأئمة، واستشهد بعض المتفاعلين مع الخبر بنصوص من دراساتٍ سابقةٍ قالت إن "حكومة رام الله تنفذ توصياتٍ أمريكيةً وصهيونيةً بهدف تفريغ المساجد وتحويلها إلى هياكل جوفاء تفتقر لأي مضمون". وعبر مشاركون آخرون عن قناعاتهم بأن الحرب على المساجد تستهدف "المقاومة الفلسطينية" باعتبار بيوت الله دعامتها الرئيسية ومنبت رسالتها. وحيت مشاركات المتفاعلين أئمة المساجد الذين عبروا عن مواقفهم بوضوح في حضور الهباش، مؤكدةً أن "الفلسطينيين ما زالوا بخيرٍ ما دام أئمة المساجد قادرون على الصدح بالحق "في وجه مسئولٍ ظالمٍ".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.