28.33°القدس
27.9°رام الله
27.19°الخليل
29.49°غزة
28.33° القدس
رام الله27.9°
الخليل27.19°
غزة29.49°
الإثنين 01 يوليو 2024
4.77جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.04يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.77
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.04
دولار أمريكي3.77

خبر: الحاجة" يسرى": خمسون عاماً في تربية الأيتام

كم هي الحياةُ متعبةٌ في هذا الوقتِ من الزمانِ، الذي عزّت فيه المعانِي الجميلة والتضحياتِ الجسيمَة، وأصبَح العدل إلا من رحم في مهبِ الرياحِ الموحشةِ العاتيةِ. لكنّنا نقف في هذه اللحظاتِ أمامَ امرأة قدّمت جُلَّ عمرها، وأفنت زهرة وشيب حياتِها في رعاية الأيتامِ؛ لترسمَ صورة الوفاء والتضحية في أبهى صورها، وأسمى معانيها، إنها الحاجة أم سليم صاحبة السبعة والثمانين عاماً، والتي زارت بيت الله الحرام ست مرات. [title]فراق الزوج والابن[/title] في إحدى بيوت غزة المتواضعة، ترقدُ الحاجة مع بنات ابنها الذي غادرَ الحياةَ منذ عشرين عاماً، وأصغرهن ما زالت تصرخُ في مهدِها، لتبدأ رحلةٌ جديدة مليئة بالأحداثِ والمغامرات والتضحيات. " لقد رحلَ زوجي منذ خمسين عاماً، تاركاً لي تسعة من الأبناء، ثلاثة ذكور وست إناث، والكثيرُ منهم ما زال صغيراً، ووجبَ عليّ أن أرعاهم وأعلمهم وأقدم لهم كل ما يحتاجونه في ظل الظروف الصعبة والأحداث المريرة.. هكذا بدأت الحاجة يسرى حديثها لــ "[color=red]فلسطين الآن[/color]". وبعد ثلاثين عاماً على رحيل زوجِها، أصيب ابنها رأفت "32عاماً" بجلطة حادة توفي على إثرها، ليترك لها ثلاث طفلاتٍ، وبعد زواج أمهم انتقلت مسئوليتهم إلى جدتهم التي لم تعرف للكلل أو الملل طريقاً. الحاجة يسرى "اسم مستعار" على مدار خمسين عاماً ربّت 12 يتيماً، منهم في وظائف جيدة ومناسبة، وحفيداتها في الجامعات يتلقين تعليمهن بكل عز وفخار واحترام، متخطيةً بذلك كل العواقب والحواجز الحياتية التي اعترضت طريقها نحو النجاح. وقفت معهم في مرضهم وتعليمهم وزواجهم وفرحهم وحزنهم، كانت معهم في كافة الميادين تدعمهم تقدم لهم المساعدة في كل وقت وحين. [title]إن أردت شيئاً فسأطلبُه من الله[/title] وبدموعٍ شارفت على الخروجِ، لكنها قاومت نفسها عزة وكرامة، وقالت مشيرةً إلى حفيداتها: "هدول قلبي من جُوّا .. لو بصحلي أطلع قلبي من جوَّا وأعطيهم إياه والله ما بقصر فيهم، بخاف عليهم أكثر من نفسي". كانت تتحدث بعزة نفس وكبرياءٍ كبيرين، لم تطلب مساعدة أو حاجة من أحد، أخبرتنا أنها إذا أرادت شيئاً ستطلبه من "الله"، معللةً قولها بأن العبدَ ضعيف مثلها، وأن الله القادر على كل شيء". ونددت الحاجة "يسرى" بكل من يحاول أن يأكل مال اليتيم، أو يظلمه أو يحزنه، لأنه يحزن الله تعالى، مطالبةً كفلاء الأيتام بتقديم كل ما في وسعهم لإسعاد من غُيب أبوه في التراب. ورفضت الحاجة الكشفَ عن اسمها، أو اسم عائلتها أو حتى الأسماء الشخصية لها ولحفيداتها، وطالبتنا بأسماء وهمية، واحترمنا رأيها، ورأينا في عيونها العزة والفخر والكرامة، وكأنها مجاهدٌ في سبيل الله شامخاً.