إن أسوأ ما في السياسة العربية على مستوى علاقة القائد بالشعب، أن الأول لا يشعر بمشاعر الشعب، ويمر على مشاعر الشباب بلا مبالاة، لأن صندوق الاقتراع مغلق، وليس بمكنة الشباب محاسبة من يهمل مشاعرهم ، ويعاملهم باحتقار بطرق سلمية وديمقراطية. بالأمس القريب التقى رئيس السلطة بثلاثمائة من الشباب اليهودي. في اللقاء نسبت المصادر العبرية والعربية لرئيس السلطة تنازله عن حق العودة من خلال تعهده بعدم إغراق ( إسرائيل) باللاجئين ؟! ومن خلال قوله نحن لا ندعو الى تقسيم القدس ؟! واللافت للنظر أن هذه المفاهيم تكررت بصياغات وأشكال متعددة، ورفضها جل الشعب الفلسطيني، إن لم يكن كله. الشعب الفلسطيني يدرك حجم الخلل في موازين القوة والواقع بينه وبين دولة الاحتلال، ويعرف أيضاً حجم الخلل في الموازين الدولية، وميلها لصالح (تل أبيب)، ويعرف حجم الهزال والضعف العربي، ولكن الشعب متمسك بما تربى عليه من وطنية ترفض المساس بحق العودة، وترفض كل العبارات المبهمة والمضللة التي تناولت هذا الحق ، كعبارة حل متفق عليه، وترفض أي شرعية تفاوضية تقفز عن القرار الأممي (١٩٤)، وقد رفض المبادرة العربية لهذا السبب. نعم هو يدرك الخلل في الموازين المادية، ولكنه لا يقبل خللا موازيا في المشاعر، والاحترام؟! في اللقاء الأخير فسر رئيس السلطة ذاتيا ( عبارة حل متفق عليه) ليصبح مفهومها عدم عودة اللاجئين مستخدما كلمة ( عدم الإغراق ؟!). ما الذي دعا رئيس السلطة لاستخدام هذه اللغة، وفي هذا التوقيت؟! ومع شباب يهودي لا يملك غير هزّ رأسه، أو التصفيق. رئيس السلطة يقدم مشاعر طيبة نحو شباب يهودي محتل ، ولا يقدم مبالاة كافية بمشاعر شباب فلسطين الذي ناضل من أجل حق العودة. لا أتحدث في مقالي هذا عن التنازلات، ولكني أتحدث عن المشاعر، فهل من حسن القيادة أن نتعامل بمشاعر طيبة مع من يحتل الأرض، ويرفض الانسحاب، بينما نتعامل مع الشعب الفلسطيني بلا مشاعر. رئيس السلطة أسمع شباب الدولة المحتلة ما أراح أعصابه، وأجاب على أسئلته وتخوفاته، وحظي هذا بترحيب جيد من شيمعون بيرس. رئيس السلطة لا يتحدث مع شباب فلسطين بمشاعر طيبة تحترم تخوفاتهم، وتجيب عن أسئلتهم القلقة؟! شباب فلسطين، كقادة الفصائل ، وقادة الشعب، لا يعرفون شيئا عما يجري في الغرف المغلقة، لأن رئيس السلطة لا يجتمع معهم، ولا يحترم مشاعرهم. رئيس السلطة كغيره من الرؤساء في العالم العربي لا يعطون الشباب دورا في الحياة السياسية ، وإدارة شئون الوطن الا إذا اضطروا الى ذلك اضطرارا. ما زال الحرس القديم يدير كل شيء في قضيتنا، وفوق ذلك نعامل الشباب بلا مشاعر، بل يعامل القادة الشباب أحيانا باحتقار، وغالبا بعدم مبالاة، فلا يستمعون لرأيهم، ولا يجيبون عن أسئلتهم، وإذا طالبهم الشباب بالمكاشفة أغرقوهم بالتخوفات والإجراءات السرية ، وبات الشباب يشعر بأنه على الأرض ولكن بلا وطن. وأن حياته راتبه وبيته. وأن الوطن لمالكه رئيساً كان أو ملكا؟!!!!
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.