صدق المثل القائل "أعيادنا يوم عودتنا" أما نحن فعيد استقلالنا مختلف عن استقلالات العالم المحيط بنا, فالعيد أعياد, ونحن في الضفة مستقلون, وفي غزة مستقلون, و في 48 مستقلون, وفي مخيمات الشتات واللجوء مستقلون, ولا نملك دولة حتى اللحظة لكي تجمعنا . لم يحمل عيد الاستقلال من اسمه إلَّا الجانب الأجمل كما أعرف, وهو أنه "يوم إجازة رسمية حكومية", في دولة "اللا دولة", واستقلالية "اللا استقلال", والكل يستقلُّ على طريقته, سواءً على شاطئ البحر مع رحلة شواء بصحبة العائلة, أو على سطح الدار مع كوب شاي "ثقيل العيار" ويملأ الرأس عبر الإذاعات المستقلة, أو في نادٍ لحضور مباراة لكرة قدم. وتبدأ حفلة الاستقلال تلك بعد العاشرة صباحاً, فالجميع نيامُ, والوطن وحده يحتفل بعيد استقلاله منذ الساعة السادسة صباحاً على الحواجز الإسرائيلية, وقارعات الطرق, وبوابة الزنازين, ولعنة الانقسام, وغضب التقسيم, وبراثين الحصار, ومخططات الاستيطان, وطن تاهت فيه المعارضة وسط حكومتين, ووزارتين, فالكل معارضة, والكل حكومة, والكل يحتفل باستقلاله على طريقته الخاصة, حتى "المستقلون" أنفسهم يحتفلون باستقلال الوطن أيضاً. ما يعنيه عيد الاستقلال في عيون أطفالنا أنه إجازة رسمية من بين كتب ثقيلة, ومناهج مملة, وحصص تتلوها حصص, كأنها عقاب أو زلزالٌ يخشاه الطلاب, وبذلك هم يحبون عيد الاستقلال, ولم يفهموا بعد ما هيته, أو أين يقع؟, أو كيف حجمه؟, وشكله؟, ومقاسه؟, وهل يأتي بعد العيد أم قبله؟ وهل يجوز الصوم فيه أم لا ؟ كل ما يعرفونه عن عيد الاستقلال أنه إجازة رسمية. "عيد الاستقلال" أحبك كثيراً, ولكن من ذا الذي أرشدك علينا؟ نحن لم نستقل بعد؟ وما زلنا نتنفس بمرارة الاحتلال؟ , لعلك أخطأت الطريق!!! سأقوم بطلب "تاكسي" خاص لك لكي تغادر, ولكن أرجوك أن تبقى يوم إجازة رسمية, لعلنا ننام كثيراً في يوم إستقلالنا.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.