25°القدس
24.61°رام الله
23.86°الخليل
23.71°غزة
25° القدس
رام الله24.61°
الخليل23.86°
غزة23.71°
الثلاثاء 16 ابريل 2024
4.7جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.02يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.7
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.02
دولار أمريكي3.77

خبر: من يملك محور الممانعة؟!

لعله ليس من قبيل المبالغة القول إنه لن يمضي وقت طويل قبل أن يعاد تشكيل منظومة المحاور في المنطقة بما يتوافق مع التغيرات الجذرية المتفاعلة في المنطقة العربية، وتحديداً مسار الثورات الشعبية، ثم ما ستفرزه صناديق الاقتراع من نظم جديدة تختلف كلياً عما كان سائداً قبل الثورات، وقد بدأت بوادر ذلك تتجلى في تونس التي تمت فيها أول عملية انتخابية حرة على مستوى العالم العربي. وحين تكون المنطقة أمام وضع تصبح الكلمة الأولى فيه هي للشعوب المصرّة على إرساء إرادتها ونيل حريتها، فمن الطبيعي أن تكون تأثيرات هذا الاهتزاز أوسع مما نتصور، وأن يطال التغيير مختلف المحاور التقليدية ومعاييرها كذلك، ولذلك ليس غريباً أن يكون محور الممانعة المعروف على صعيد المنطقة معرضاً لرياح التغيير، ثم لإعادة التشكيل بما يناسب الحالة الناشئة التي أفرزتها إرادة الشعوب. وستكون دول عديدة في المنطقة مهيأة لدخول هذا المحور في مرحلة ما بعد الثورات، وحين تستقر الأوضاع الداخلية للدول العربية. غير أن هناك مشكلة على هذا الصعيد بتنا نلمس تناميها لدى بعض الأنظمة المصنفة على محور الممانعة وتحديداً النظام السوري، وهي أنه يحاول الاستئثار بتمثيل محور الممانعة، ويبالغ في تصوير مركزية دوره في هذا المحور عبر خطابه الإعلامي المتشنج ومعه المنابر الإعلامية المناصرة له، وذلك لأسباب لا تخفى على أحد، وهي تتعلق بحاجته لمخرج تبريري لعمليات القمع اليومية لحركة الاحتجاج السورية الشعبية التي لم يتمكن من إجهاضها حتى اليوم، وهو يبدو متجاهلاً الدور الفلسطيني في هذا المحور وتحديداً حماس، وذلك على خلفية امتناع الأخيرة عن إصدار موقف مؤيد للنظام السوري ضد شعبه، وكونها لم توظّف منابرها الإعلامية لتأييد النظام والتهويل في الحديث عن (المؤامرة) المستهدفة سوريا، كما فعل ويفعل حزب الله مثلاً. ويبدو هنا أن طبيعة التحالفات التي تديرها حماس في علاقاتها مع مختلف الأطراف ما زالت تستعصي على فهم الحلفاء والأعداء على حدّ سواء. إذ يبدو أن فهم الثلاثي (سوريا، إيران، حزب الله) لطبيعة التحالف داخل المحور تختلف عن فهم حماس لها، وهذا مفهوم لاعتبارات طائفية لا يمكن تجاهلها عند تفسير انحياز حزب الله وإيران الكامل للنظام السوري. أما حماس فما زالت منذ نشأتها تدير علاقاتها مع الحلفاء والخصوم على حدّ سواء وفق ميزان حذر ودقيق، فلا هي تسرف في علاقاتها التحالفية لدرجة التبعية، ولا هي تغالي في خصومتها، خصوصاً لعناصر محور الاعتدال العربي السابق، ولذلك يبدو الآن مفهوماً لماذا ظلّت حماس على الحياد فيما يخصّ الشأن السوري، ولم تنزلق للدفاع عنه وتبرير قمعه وتنكره لمطالب شعبه العادلة؟. وبالتالي، وفي خضم الجدل الدائر حول وضع حماس في سوريا، فمن الخطأ توهّم أن خروج الحركة من سوريا (إن حصل) سيعني انسحابها من محور الممانعة، ليس فقط لأن حماس هي مركز ذلك المعسكر، بل لأن محور الممانعة والمقاومة ليس مطوّباً بشكل أبدي باسم تنظيم أو نظام حاكم أو حتى منطقة جغرافية ما، وعناصره قابلة للتغير وفقاً لتغيّر مواقفها، ومن سينسحب منه هو من سيتخلى عن أخلاقياته وأبجدياته ومن توترت علاقته مع شعبه ووصلت لحدّ القطيعة حين وضع على محك التجربة. ولذلك، ستبقى حماس الطرف الوازن في معسكر المقاومة والممانعة ما دامت متمسكة بثوابتها، ولن يستقيم مثلاً أن يكون ذلك المعسكر مقتصراً على إيران وحزب الله وسوريا، لأنه سيكون ذا صبغة طائفية في هذه الحالة ومهدداً بنشوء معسكر سني مقابل قادر على التفوق عليه في زمن قياسي، لأن محوراً للمقاومة يحمل عبء مواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة لن ينتعش إلا بقاعدة شعبية جامعة مؤيدة له على مستوى الأمة، وهذا لن يتحقق لأي نظام ينتسب لهذا المحور من جهة ويفتك بشعبه من جهة أخرى، كما لن يتحقق لمنظومة ذات صبغة طائفية واحدة. ومن لا يزال يتعامى عن ثقل كلمة الشعوب في هذه المرحلة، وعن مغزى مؤشر تأييدها، فسيزداد عزلة وانغلاقاً، وسيتحول خطابه مع مرور الوقت إلى مادة مزايدة فارغة لا أكثر ولا أقلّ، قبل أن يتهاوى تماماً ويُستبدل به غيره من هو أنسب موقعاً وأكثر تأثيراً وجدارة بالانتساب إلى هذا المحور.