23.34°القدس
23.1°رام الله
22.19°الخليل
27.46°غزة
23.34° القدس
رام الله23.1°
الخليل22.19°
غزة27.46°
الأربعاء 02 يوليو 2025
4.64جنيه إسترليني
4.77دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.98يورو
3.38دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.64
دينار أردني4.77
جنيه مصري0.07
يورو3.98
دولار أمريكي3.38

خبر: الأسد ونصيحة العاهل الاردني

عندما ينصح العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني صديقه القديم بشار الأسد بالتنحي عن الحكم كمخرج من الأزمة الحالية التي تعيشها سورية، فإن هذا يعني أن هناك توافقا عربيا ـ أمريكيا على أن جميع الجهود الدبلوماسية المبذولة حاليا، ومبادرة الجامعة العربية على وجه الخصوص، هي خطوة الهدف منها كسب الوقت لا أكثر ولا اقل، تمهيدا لتنفيذ السيناريو الذي جرى إعداده في غرف مغلقة، للتدخل العسكري لإطاحة النظام الحاكم في دمشق. العاهل الأردني لا ينطق عن هوى، وهو من أكثر الزعماء العرب علما ببواطن الأمور، بحكم علاقاته الوثيقة بالولايات المتحدة الأمريكية أولا، والدول العربية الخليجية التي باتت تقود العمل العربي المشترك، وتفرض إرادتها على المنطقة من خلال هيمنتها على جامعة الدول العربية. وتتزامن نصيحة العاهل الأردني هذه، أو رسالة التحذير الواضحة إلى النظام السوري ورئيسه على وجه الدقة مع تصعيد تركي ملحوظ، فرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان أعرب عن اعتقاده بان الرئيس السوري أضاع كل الفرص، ولم يعد أمامه أي فرصة أخرى، وطالبه بالاعتذار علانية عن حرق سفارة بلاده في سورية. أما وزير الطاقة التركي تانير يلديز فهدد بإعادة النظر في إمداد سورية بالكهرباء، كما أعلن أن تركيا قررت وقف أنشطة التنقيب عن النفط التي تجريها مع سورية. وليس من قبيل الصدفة أن يأتي التصعيد التركي، ورسالة التحذير الأردنية في وقت تتكثف فيه الأحاديث عن قرب إقامة مناطق عازلة في شمال سورية وعلى حدودها مع تركيا، وأخرى في جنوبها على الحدود مع الأردن، تتحول هذه المناطق إلى نقطة استيعاب للمنشقين عن الجيش السوري، وبعد ذلك منصة انطلاق لأعمال عسكرية تكون عنوانا لحرب استنزاف ضد النظام الحاكم في دمشق. رئيس الوزراء التركي لم يجاف الحقيقة عندما قال إن النظام السوري أضاع كل الفرص الممكنة لتجنب تدهور الأوضاع في سورية إلى الدرجة التي نراها حاليا، فإدارة النظام لهذه الأزمة كانت سيئة بل وكارثية، لأنها ارتكزت على العناد، والتعاطي باحتقار مع المطالب الشعبية المشروعة في التغيير الديمقراطي. كان باستطاعة النظام السوري أن يتعاطى مع الانتفاضة الشعبية في محطتها الأولى في مدينة درعا بطريقة أكثر عقلانية وتبصرا، من حيث عزل ومن ثم محاكمة المحافظ الذي أذل أولياء أمور الثلاثين طالبا الذين رددوا شعارات تطالب بإسقاط النظام تأثرا بشعارات مصرية وتونسية مماثلة، ولكنه لم يفعل، واعتقد أن اعتماده على الحلول الأمنية الدموية يمكن أن يرهب الشعب، ويقضي على الانتفاضة في مهدها، مثلما حدث في انتفاضات سابقة، ولكن الوقائع أثبتت كم كان هذا التفكير قاصرا بل مغرقا في السذاجة وعدم قراءة التطورات في المنطقة بشكل صحيح. الدول الخليجية رفضت طلب النظام السوري لعقد قمة عربية لدراسة الأزمة، وكان هذا الرفض متوقعا على أي حال. فكيف تتم الدعوة إلى هذه القمة في الوقت الذي تتعرض سفارات هذه الدول للاقتحام والحرق من قبل عناصر محسوبة على النظام أو مرسلة من قبله؟ لا احد يستطيع أن يتنبأ كيف ستكون عليه الخطوة المقبلة، لكن ما يمكن الجزم فيه أن زمن الحلول الدبلوماسية قد انتهى، وان التدخل العسكري بشكل شامل أو على مراحل بات هو العنوان الرئيسي للفترة المقبلة، ويبدو أن النظام يدرك هذه الحقيقة جيدا ويتضح ذلك من خلال انتقال آلته القمعية الدموية إلى مرحلة أكثر شراسة، حيث تم قتل أكثر من ستين شخصا بين مدنيين وعسكريين في اليومين الماضيين فقط. لا نعتقد أن الرئيس بشار الأسد سيستمع إلى نصيحة العاهل الأردني ويترك السلطة إلى منفى آمن، فلا يوجد أي مؤشر يوحي بذلك، ويبدو انه يسير قدما في خياره العسكري للتعاطي مع الانتفاضة، ولذلك علينا أن نتوقع مفاجآت دموية كثيرة، مثلما علينا أن ندرب أنفسنا على التعايش مع هذه الأزمة لأشهر أن لم يكن لسنوات قادمة، لأنها أزمة مفتوحة على كل الاحتمالات.