في الرابع عشر من آذار عام 2006، وبتواطؤ من السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية وتواطؤ بريطاني أمريكي واضح، أقدمت دولة الاحتلال وفي خرق سافر وواضح ومهين لكل الأعراف والمواثيق الدولية، على اقتحام سجن أريحا التابع للسلطة، واختطفت الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات ورفاقه المعروفين بخلية "الوزير زئيفي". منذ تقديمه للمحكمة العسكرية في سجن "عوفر"، وسعدات يرفض الاعتراف بشرعية المحكمة العسكرية، ويرفض أن يكون في موقف المتهم، مشددًا على أن من يجب أن يحاكَم، ليس مناضلو الحرية، بل مجرمو الحرب الإسرائيليون، الذين يمارسون أبشع صور القتل والتدمير ضد المدنيين الفلسطينيين. فصول هذه المؤامرة لم تبدأ في هذا اليوم، وإنما بحسب الدكتور عبد الحق العاني، محامي سعدات في لندن، بدأ إثر قيام مجموعة كوماندز جبهاوية بالاقتصاص من الدولة الإسرائيلية على جريمة اغتيال الأمين العام السابق للجبهة الشعبية أبو علي مصطفى، فقتلت وزير السياحة المتطرف رحبعام زئيفي الذي كان يدعو للتهجير القسري لكل الفلسطينيين. ولم يكن عمل المناضلين ذلك سوى تطبيق حرفي للنص التوراتي في القصاص، أي التعامل مع أولئك الناس وفق شريعتهم. وقد وجدت سلطات الاحتلال في ذلك فرصة جديدة للتخلص من خصمها العنيد الرفيق سعدات، فأجرت صفقة جديدة في ظل الصفقات التي كانت تديرها الولايات المتحدة وبريطانيا مع ياسر عرفات. وتلخيصا لسياق الحدث عرض الدكتور العاني سير الأحداث وهي كالتالي: 1. طلب توفيق الطيراوي المدير العام لجهاز المخابرات الفلسطينية آنذاك الاجتماع مع الرفيق أحمد سعدات للتباحث في بعض المسائل التي تخص الشأن الوطني. 2. جرى اللقاء في أحد فنادق رام الله يوم 15 كانون الثاني/يناير 2002. وقبل بدء اللقاء استدعي توفيق الطيراوي إلى مكتب عرفات وحين عاد كان يحمل معه أمر اعتقال أحمد سعدات بتوقيع ياسر عرفات!. 3. اقتيد الرفيق أحمد سعدات إلى مبنى المقاطعة حيث جرى احتجازه في مكتب اللواء نصر يوسف، قائد أحد الأجهزة الأمنية. 4. بعد أيام نقل الرفيق سعدات إلى مقر قوات الفرقة السابعة، التي تعرف بحرس الرئيس، حيث أبقي عليه محجوزا هناك. 5. أصدر النائب العام خالد القدرة قرار إدانة باعتقال الرفيق سعدات وطالب بالإفراج الفوري عنه، إلا أن الأمر لم ينفذ. 6. اجتاحت القوات الإسرائيلية يوم 29 آذار/مارس 2002 مقر المقاطعة وحاصرت مكتب عرفات. 7. نقل الرفيق أحمد سعدات للحجز في مكتب الرئيس ياسر عرفات. 8. طلب الاحتلال من السلطة تسليم سعدات ورفاقه المحجوزين في رام الله والمناضلين الذين التجأوا إلى كنيسة المهد في بيت لحم مقابل الانسحاب من حول المقاطعة. 9. جرت المفاوضات بتوسط الأشخاص التالية أسماؤهم: أبو مازن، محمد دحلان، صائب عريقات، ياسر عبد ربه، محمد رشيد، الأمير عبد الله (.........)، عمري شارون، توني بلير. 10. حاولت السلطة الفلسطينية، خوفاً من الشارع الفلسطيني، أن تتفق على تسليم الآخرين باستثناء الرفيق أحمد سعدات واللواء فؤاد الشوبكي. إلا أن السلطات الإسرائيلية، التي تعرف ما تريد، رفضت. 11. رضخت السلطة الفلسطينية للقبول بالمقترح الإسرائيلي الذي تقدمت به بريطانيا والولايات المتحدة لحجز المناضلين بشكل دائم نيابة عن السلطة الإسرائيلية. وتم الاتفاق على ما يلي: أ. حجز المناضلين في سجن أريحا. ب. يكون الحجز دائم. ت. يشرف على الحجز سجانون اميركيون وبريطانيون. ث. تحرير حركة عرفات وإنهاء حصار المقاطعة. 12. عرض محمد دحلان على الرفيق سعدات تفاصيل الإتفاق سائلاً رأيه فيه، فرد سعدات بأنه ما دام يعترض على حجزه غير القانوني في الأساس، فكيف سيوافق على استمرار الحجز بموجب الصفقة الجديدة. 13. نقل أحمد سعدات ورفاقه يوم 1 آذار/مارس 2002 بواسطة سيارات تابعة للسفارة الأميركية تحت حراسة بريطانية وأميركية إلى سجن أريحا المركزي حيث وضع في قسم منفصل من السجن تحت إشراف وحراسة بريطانية. 14. رفع محامو سعدات دعوى أمام محكمة العدل العليا الفلسطينية، التي أصدرت قراراً في 3 حزيران/يونيو 2002 يقضي بالإفراج عنه، إلا أنه لم ينفذ كما حدث في قرار النائب العام قبله. 15. تبع قرار المحكمة الفلسطينية بالإفراج عن سعدات تحذير من السجان البريطاني بعدم ترك السجن لأن الإتفاق الموقع بين الأطراف الأربعة لا يجيز ذلك. 16. كان القنصل البريطاني العام في القدس قد زار السجن وأبلغ أحمد سعدات رسالة مشابهة. 17. برر أبو مازن لاحقاً، في حديث لإحدى الصحف، قرار حجز سعدات -غير القانوني- بقوله إنهم كانوا أمام خيارين إما اقتحام المقاطعة بكل ما ينجم عنه من خسائر، أو توقيع اتفاق الحجز الدائم. واعتبر أبو مازن تلك مساومة مشروعة وناجحة 18. ظل أحمد سعدات ورفاقه في سجن أريحا أسرى السلطات الأربع الفلسطينية والإسرائيلية والأميركية والبريطانية منذ 1 آذار/مارس 2002. 19. سارع الإسرائيليون بالاتفاق مع الأميركيين والبريطانيين على سحب سجانيهم قبل اقتحامهم السجن، وما حدث بعد ذلك يعرفه الجميع. وقد تساءل الدكتور العاني، وبحث بإلحاح شديد عن سبب أوامر عرفات يوم 15 كانون الثاني/يناير 2002 باعتقال أحمد سعدات؟ وهل أن واجب السلطة الفلسطينية مساعدة "الصهاينة" في تحقيق مشاريعها في استئصال. [title]المناضلون الحقيقيون؟ [/title] ثم تساءل عن سبب استنكار أبو مازن ما قامت به "الصهيونية" من اقتحام سجن أريحا واعتقال سعدات ورفاقه؟ في الوقت الذي ساهم هو في اعتقال سعدات دون وجه حق وحجزه لأربع سنوات؟ ألم يقم هو بتسليمه للاحتلال من خلال حجزه غير القانوني؟ متساءلاً أيضاً لماذا لم يفرج أبو مازن عنه منذ تسلمه الرئاسة، ترى أكان أبو مازن يريد للمناضل سعدات أن يموت في السجن مادام قرار الحجز نص على ديمومته؟ وخلال اعتقاله لدى السلطة تقدم محامون بدعوى إلى محكمة العدل العليا في السلطة الفلسطينية للإفراج عنه طبقاً للقانون الذي يجعل النظر في أمره من صلاحيات القضاء الفلسطيني، وبتاريخ 3 حزيران 2002 صدر حكم بالإفراج عنه، إلاّ أن السلطة الفلسطينية رفضت تنفيذ حكم المحكمة العليا. وقد استمر سعدات بالالتقاء مع جميع من تقلدوا وظيفة وزير الداخلية في السلطة بعد إقرار هذا الموقع، وطالبهم بتحديد الوصف القانوني لوضعه وخطواتهم لتصحيحه، ولكن دون جدوى. وفي معرض ردّه على لائحة الاتهام في إحدى جلسات المحكمة العسكرية، قال الأمين العام موجهًا كلامه للقضاة: "هذه محكمتكم وتملكون القوة لعقدها وإدانتي على أساس لائحة اتهامكم العلنية والسرّية، والنطق بالحكم الذي حددته الجهة السياسية والأمنية التي تقف خلف هذه المحكمة، لكنني أيضاً امتلك الإرادة المستمدة من عدالة قضيتنا وعزيمة شعبنا لرفض أي دور في هذه المحكمة/ المسرحية، والحفاظ على توازن منطقي المنسجم مع تصميمي على مقاومة احتلالكم، إلى جانب أبناء شعبنا، مهما ضيّقتم مساحات الحركة المتاحة لي كأسير حرية". [title]جريمة مزدوجة [/title] وقالت الجبهة "إن هذه الجريمة وغيرها من ممارسات السلطة وأجهزتها الأمنية ضد قادة وأبطال المقاومة، بالإضافة إلى استمرار السلطة والقيادة المتنّفذة في منظمة التحرير في التنسيق الأمني والتزاماتها السياسية والأمنية التي أبرمتها مع الاحتلال عبر مفاوضات عقيمة وضارة أثبتت فشلها ولا تخدم سوى الاحتلال". وأكدت على أهمية أن يكون الهدف الحقيقي لدور الأجهزة في الضفة أو غزة هو حفظ أمن الوطن والمواطن الفلسطيني، والتصدي لممارسات الاحتلال واعتداءاته، كما تم الاتفاق عليه أكثر من مرة بين فصائل العمل الوطني والإسلامي. ودعت السلطة الفلسطينية إلى استخلاص العبر من جريمة اعتقال سعدات ورفاقه، وأن تكون ممثلاً حقيقياً لمصالح وطموحات شعبنا ومدافعاً عن حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال والعودة، وضرورة أن تدفع باتجاه مراجعة حقيقية لما تقوم به من ممارسات وسياسات لا تخدم شعبنا في كثير من الأحيان. وقالت الجبهة "كان يجب الرد على عملية اختطاف الأمين العام بالإعلان الواضح والصريح أنه لا مفاوضات ولا لقاءات مع قادة الصهاينة قبل الإفراج عن الرفيق الأمين العام ورفاقه وجميع الأسرى في سجون الاحتلال، خاصة أن الصفقة عقدتها قيادة السلطة وأجهزتها الأمنية برعاية أمريكية وبريطانية". ووجهت الجبهة نداءً لمقاتلي كتائب الشهيد أبو علي مصطفى ببذل الجهد من أجل تحرير الأمين العام ورفاقه وجميع الأسرى من خلال تنفيذ عمليات تبادل أسرى لتحريرهم، معتبرة إياها الأسلوب الأنجع والأنجح والأمثل، في مقابل فشل المفاوضات والاتفاقيات التي لم ولن تستطيع تحرير الأسرى من سجون الاحتلال". وقالت الجبهة: "على مقاتلي كتائب الشهيد أبو علي مصطفى والذين استطاعوا ترجمة كلمات قائدهم " الرأس بالرأس" أن يفوا بالوعد لأمينهم العام ورفاقهم وإخوتهم في السجون بالعمل على إطلاق سراحهم وتحريرهم من سجون الاحتلال".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.