"سنصلي على محمد في المسجد الذي أوصى أن أشيده من حقه في الميراث وأسميه بإسمه... هذه وصيته وسنعمل على تنفيذها بإذن الله". هذه أولى الخطوات التي ستقوم بها عائلة الشهيد محمد الحنبلي المهندس الخامس في كتائب القسام لدى تسلمها لرفاته مساء غد الثلاثاء على معبر الطيبة بعد احتجازه لاكثر من عشرة أعوام، بحسب ما أبلغنا به والده الدكتور عبد الرحيم الحنبلي. وأوضح د. الحنبلي في حديث خاص بـوكالة[color=red] "فلسطين الآن[/color]" أن العائلة أنهت ترتيبات استقبال جثمان نجلها الشهيد، وعقدت قبل عدة أيام اجتماعا في ديوانها في مدينة نابلس، وتم الاتفاق على مجريات استقبال رفات الشهيد القائد القسامي. وأوضح الحنبلي أن موكب استقبال الجثمان سيتوجّه من أمام محافظة نابلس مساء يوم الثلاثاء القادم نحو طولكرم، وبعد استلام الجثمان من حاجز الطيبة سيعود إلى نابلس، وتحديدا إلى المسجد الذي يحمل اسمه في منطقة الجبل الشمالي للصلاة عليه ومن ثم إلى مستشفى رفيديا. يتابع: "كانت هذه وصيته.. أن نعمّر مسجدا بإسمه من حقه في الميراث.. وبفضل الله خلال السنوات الماضية أنشأت مسجدا قرب بيتنا، يحمل اسم مسجد الشهيد محمد الحنبلي". وعن مشاعر يقول "لا شك أن فقدان محمد كان صعبا جدا.. أخر مرة رايته كانت بعدما ارتقى شهيدا، حيث حضرت قوة إسرائيلية إلى بيتي وطلب مني الضابط الذهاب معهم للتعرف عليه.. كان جسده ينزف.. استطعت التعرف عليه من قدمه، فقد كان رأسه متفجرا بالكامل وليس في مكانه". ويصف تلك اللحظات "ودعته ومنعت دموعي من النزول، وقلت له "هنيئا لك الشهادة يا ابني.. حققت ما تريد". وبعد ذلك جاءت قوة احتلالية ونقلت د. عبد الرحيم وبعض من أفراد أسرته إلى معهد أبو كبير في القدس المحتلة وقاموا بأخذ عينة من دمائهم، وعندما طلب منهم جثة ابنه ليدفنها، أبلغوه أنها ستبقى عندهم. يضيف "فلسطين كلها أرض إسلامية، لكن نريده قريب من أهله، وقريب من المنطقة التي رواها بدمه.. ومن أجل هذا وكلت له محاميان من الداخل المحتل، وبعد جهود مضنية من الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء ومركز القدس للاستشارات القانونية وصلنا إلى هذه المرحلة التي تأكدنا فيه من قرب تسليم جثمانه الطاهر". فرحة العائلة تواجهها عقبتان، يقول الأب "الأولى فتح الجرح من جديد، ورغم اننا لم ننساه يوما وهو حاضر بيننا بروحه، لكن هذا ابننا وفقدانه يؤلمنا". ويتابع "وكذلك استمرار الاحتلال باعتقال ابني البكر الدكتور عمر منذ نحو عامين دون تهمة تذكر.. كم كنت اتشوق ليكون معنا في وداع أخيه". [title]زاوية خاصة [/title] وفي بيتهم، توجد زاوية في غرفة الاستقبال خصصتها العائلة للشهيد محمد.. للتعريف به، حيث تضم مقتنياته، خاصة القميص الذي كان يرتديه يوم استشهاده، وقد وضعته في "برواز" وعلقته على الحائط.. وهو يظهر شراسة النيران التي تعرض لها، حيث أنه ممزق لا سيما من الأعلى، حيث أصيب الشهيد بصاروخ بشكل مباشر في رقبته، أدى لانفصال رأسه عن جسده. كما تحوي الزاوية صورا للشهيد في مراحل مختلفة من حياته، خاصة في فترة الدراسة الجامعية وشهادته الجامعية تخصص هندسة صناعية من جامعة النجاح بنابلس. [title]التحضيرات للجنازة [/title] الجنازة الرسمية للشهيد ستكون يوم الأربعاء من أمام مستشفى رفيديا الساعة العاشرة صباحا، حيث يتوجّه المشيّعون بالجثمان باتجاه دوار المدينة للصلاة عليه ومن ثم مواراة الجثمان الثرى في المقبرة الغربية. كما أعلنت العائلة عن استقبال المهنئين في ديوانها للرجال من عصر الأربعاء حتى مساء الخميس وللنساء في منزل والد الشهيد الكائن في الجبل الشمالي. ووجّهت العائلة دعواتها لجميع أفرادها واقربائهم وانسبائهم واصدقائهم وإخوان الشهيد وأحباءه، وكل أحرار الوطن للمشاركة الفاعلة في استقبال وتشييع الشهيد بما يتناسب مع تضحياته. [title]ملحمة اسطورية[/title] وكانت الشهيد الحنبلي سطر ملحمة أسفرت عن نصر مؤزر بإرتقاءه شهيداً، بعد أن أوقع في الاحتلال خسائر فادحة. ففي الخامس من أيلول عام 2003 حوصر داخل بناية سكنية في منطقة المخفية في نابلس من قوات عسكرية إسرائيلية كبيرة، ودارت مواجهة عنيفة بين الطرفين، أسفرت عن مقتل ضابط الوحدة العسكرية وإصابة آخر، قبل أن يرتقي الحنبلي شهيداً. وخلال أكثر من عشر ساعات، حاول الاحتلال دفع الحنبلي على الاستسلام، فطلب من العائلات إخلاء المبنى، ثم أدخل مالك البناء القائد القسامي الشهيد جعفر المصري دون أن يعلم أنه قائد في كتائب القسام، الذي استشهد لاحقاً بتاريخ 26/6/2004م ليخبر الشهيد محمد الحنبلي بضرورة الاستسلام، لكنه رفض ذلك، وأصر على المواجهة حتى الشهادة، فكان له ما أراد. [img=032014/view_1395067779.jpg]صور من متعلقات الشهيد الحنبلي[/img] [img=032014/view_1395067784.jpg]صور من متعلقات الشهيد الحنبلي[/img]