17.77°القدس
17.51°رام الله
16.64°الخليل
22.57°غزة
17.77° القدس
رام الله17.51°
الخليل16.64°
غزة22.57°
الأحد 13 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: حمزة أبو الهيجاء والمخيم الذي لا يزال ينجب الشهداء

في مثل فجر أمس قبل عشر سنوات، ارتقى الشيخ المجاهد أحمد ياسين شهيدا. كان شهيد الفجر الذي اغتالته طائرات شارون وهو على كرسيه المتحرك. ذلك الشهيد الذي لم يعرف التاريخ المكتوب للبشرية رجلا بمثل مواصفاته الجسدية وكان له مثل ذلك الدور المحوري والرائع في تاريخ قضية من أهم قضايا التحرر في التاريخ الحديث. لكأن القدر كان على موعد مع تلك الذكرى، فها إن ثمرة من ثمار تلك الشجرة العظيمة الرائعة التي رواها الشيخ الشهيد بعرقه ودمه، يرتقي شهيدا في ذات الوقت تماما. حين ارتقى الشيخ ياسين شهيدا، كان حمزة أبو الهيجاء في الثانية عشرة من عمره يتابع أخبار أبيه المعتقل الذي حكم عليه المحتلون بالسجن 9 مؤبدات بسبب دوره في معركة مخيم جنين البطولية ربيع العام 2002 (فقد فيها ذراعه)، وكانت أمه تسجن بعد ذلك أيضا، وإخوته، وحتى شقيقته. في هذا البيت الطيب، بيت الشيخ القائد جمال أبو الهيجاء تخرّج حمزة أبو الهيجاء، ومنه تشرب روح الجهاد والشهادة، وها إنه في فجر ذات اليوم الذي استشهد فيه الشيخ أحمد ياسين يرتقي شهيدا بعد أن خاض معركة بطولية ضد جحافل من جيش الاحتلال المدججين بأحدث الأسلحة، وأصاب رغم ذلك اثنين منهم. وفي مكان آخر من ذات المخيم الذي لم يتوقف أبدا عن إنجاب الشهداء، كان اثنان من رفاق دربه (محمود هاشم أبو زينة من سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد، ويزن محمد جبارين من كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح يواجهان الاحتلال أيضا، ويرتقيان شهيدين). لمخيم جنين في الذاكرة واحدة من أروع ملاحم البطولة في التاريخ الفلسطيني. ملحمة توحدت فيها سائر القوى وكانت معركة أذلت جنود الاحتلال وأذاقتهم الويلات، وها إن معركة فجر أمس تعيد ذات اللحمة إلى المشهد الفلسطيني، مذكرة بالملحمة الأولى ربيع العام 2002. المثير للحزن والأسى أن الشهداء الثلاثة كانوا ضيوفا غير مرة على سجون السلطة، وكان حمزة أسيرا قبل ذلك، ثم خرجوا وأصبحوا مطاردين من قبل أجهزتها الأمنية، ومن قبل قوات الاحتلال في آن. للتذكير فقط، فمخيم جنين يصنف ضمن مناطق (أ) بحسب تصنيفات أوسلو، وهو يخضع للإدارة الأمنية والمدنية للسلطة، لكن ذلك لم يمنع قوات الاحتلال من اجتياحه غير مرة على مرأى ومسمع أمن السلطة، وكان آخرها فجر أمس. الناطق باسم حركة فتح، قال، إن “دماء الشهداء الثلاثة لن تمر دون حساب”، لكن المثير للحزن هو أنهم كانوا مطلوبين للسلطة التي تمنحها الحركة الغطاء، وللسلطة التي لم تتوقف أبدا عن التنسيق الأمني مع الاحتلال. السلطة التي تعتقل الشرفاء وتطاردهم. السلطة التي يفتخر رئيسها بأن التنسيق الأمني مع الاحتلال مئة في المئة!! الشهداء الثلاثة أعادوا تذكير جميع الفلسطينيين بمعركتهم مع الاحتلال، وفي جنازتهم توحَّد الجميع، لكن ذلك لن يغير في حقيقة الوضع شيئا، فالتنسيق الأمني سيتواصل، ولن يتجاوز ما جرى الاستنكار، وعبارات لا تسمن ولا تغني من جوع، فيما سيتواصل التفاوض، بصرف النظر عما إذا كان سينتهي بصفقة أم لا، فالوضع القائم مريح للصهاينة، ويمكن أن يستمر عشرين سنة أخرى، وما من شيء يشير إلى أي تغيير في إستراتيجية قيادة السلطة في التعاطي مع الاحتلال، اللهم سوى التلويح بالذهاب للأمم المتحدة!! فجر أمس، ذكّرنا الشهداء الثلاثة بجوهر القضية. ذكرونا بوحدة الشعب خلال انتفاضة الأقصى، يوم أن كان قادة اليوم يعتبرونها معركة عبثية، لكن شيئا لن يتغير، فالقوم مشغولون بحروب الفضائيات لا حروب المقاومة، من دون أن يكون بين محاربي الفضائيات أي خلاف حول التعاطي مع الاحتلال، فهم جميعا مع التفاوض والتنسيق الأمني. إنه مأزق حركة فتح بشكل أساسي التي جرى اختطافها وتحويلها من حركة تحرر إلى حزب سلطة تحت الاحتلال، فكان أن تاهت وأخذت معها القضية برمتها، وهو تيه لن يوقفه سوى انتفاضة جديدة توحِّد الجميع في ميدان مقاومة الاحتلال، تماما كما توحَّد حمزة ومحمود ويزن فجر أمس في ميدان البطولة والشهادة