17.77°القدس
17.46°رام الله
16.64°الخليل
22.23°غزة
17.77° القدس
رام الله17.46°
الخليل16.64°
غزة22.23°
الأحد 13 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: رصاصة الرحمة للثورة المصرية

أحكام الإعدام التي أصدرتها محكمة جنايات المنيا في حق 529 متهمًا من أنصار الرئيس محمد مرسي جاءت بمثابة رصاصة رحمة للثورة المصرية، وكل الآمال المعقودة عليها بالحريات والعدالة والقضاء العادل المستقل. وإذا أخذنا هذه الأحكام كمعيار لأحكام قادمة، فإن هناك أكثر من 16 ألف معتقل في السجون المصرية بينهم الرئيس مرسي نفسه وقادة الصفين الأول والثاني في حركة الإخوان المسلمين، وهؤلاء فرادى كانوا أو مجتمعين قد يواجهون الحكم نفسه. فإصدار القاضي هذه الأحكام الجائرة في غضون يومين من بدء المحاكمة وبطريقة تتواضع أمامها المحاكم العسكرية، ويحيل الأوراق إلى المفتي للتصديق عليه، فإن هذا يعني أن هناك نوايا جدية لتنفيذ حكم الإعدام شنقا بهؤلاء أو معظمهم. عندما حاول الرئيس مرسي التدخل في القضاء المصري، وتغيير قضاة المحكمة الدستورية وتعديل نظامها الأساسي كنا أول من تصدى له، معترضين انطلاقاً من ثقتنا بالحد الأدنى من مصداقية هذا القضاء، ويبدو أننا أخطأنا، مثل الكثيرين غيرنا، وكانت هذه الثقة في غير محلها للأسف، خاصة بعد أن قبل رئيس المحكمة الدستورية العليا عدلي منصور أن يكون رئيسا انتقاليًا، بعد الانقلاب على رئيس منتخب من الشعب في انتخابات حرة نزيهة، فلم يخطر في بالنا مطلقا أن يقبل رأس هرم السلطة القضائية أن يكون شاهد زور وواجهة لحكم عسكري، بعد ثورة عظيمة انطلقت من أجل التغيير الديمقراطي وحكم المؤسسات والانحياز للمظلومين. نحن لا نتحدث هنا عن الأحكام الجائرة هذه فقط فربما تلغيها محكمة النقض وهذا احتمال نظري، وترد القضية للنظر فيها مجددا، ولكننا نتحدث عن مستقبل مصر، والصورة التي ستكون عليها مؤسساتها وأي انتخابات رئاسية أو برلمانية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية، فيبدو أن خريطة الطريق التي يتم الحديث عنها بكثرة هذه الأيام ستقود إلى إعادة الحكم الديكتاتوري بوجوه أخرى، هذا إن لم يكن قد عاد فعلاً. مثل هذه الممارسات المخجلة، وما تعكسه من نوايا مبيته بالانتقام، تشكل استفزازا لشريحة عريضة من الشعب المصري، وتدفعها دفعا للاحتكام إلى السلاح للرد على المظالم التي تتعرض لها، وهو أمر لا نتمناه لمصر وشعبها الذي عرف دائما بطبيعته المسالمة، ومعارضته لأشكال العنف كافة، سواء جاءت من قبل الدولة أو المعارضة. مصر مقبلة على عهد المشانق لا عهد الاستقرار والحريات التي سقط المئات من الشباب وضحوا بأرواحهم من أجل الوصول إليها وتكريسه وإغلاق صفحة الديكتاتورية والفساد إلى الأبد. إنه قضاء فاسد، وأحكامه مهزلة، ومعظم قضاته بلا ضمير، ولا يعرفون معنى العدالة، وهؤلاء يسيئون لمصر، ويعملون على تكريس الظلم فيها، وجرها إلى الصدامات الدموية التي قد تحصد أرواح الأبرياء في المستقبل، لإشفاء غليل بعض من تسيطر عليه نزعات الحقد والضغائن. مصر تحتاج فعلا إلى رجل قوي شجاع يقودها إلى بر الأمان ويضع حدًا لكل هذه المهازل، وينهي حالة الانقسام الراهنة ويحقق المصالحة الوطنية، رجل يترفع على الأحقاد والثأرات والنزعات الانتقامية، يعتمد الحوار وسيلة لحل المشاكل والأزمات ويلغي سياسات العزل والإقصاء والاجتثاث لشريحة عريضة من الشعب، ومن المحزن، والمؤلم، أن هذا الرجل غير موجود في الوقت الراهن، ولهذا لا نستطيع أن ننظر إلى مستقبل مصر بعين متفائلة للأسف الشديد.